تشهد أوروبا خلال الآونة الأخيرة،أزمة طاقة كبيرة، حيث تم العثور على بلدة في فرنسا تستخدم غاز المناجم لمواجهة أزمة الطاقة.
معالم ألمانيا تغرق في ظلام دامس
وتعمل مدن في ألمانيا على إطفاء الأنوار على المعالم العامة وإطفاء نوافير الماء وفرض الاستحمام بالمياه الباردة خاصةً في حمامات السباحة البلدية والقاعات الرياضية، في الوقت الذي تتسابق فيه البلاد لتقليل استهلاكها من الطاقة في مواجهة أزمة الغاز الروسية التي تلوح في الأفق.
وفي هذا الصدد، تستخرج بلدة في حوض المناجم السابق في شمال فرنسا "بيتون" غازاً قابلاً للاشتعال، هو غاز مناجم كان يشكل كابوسًا لعمالها، وبات مكسباً في إطار التحول البيئي.
ويؤكد نائب رئيس بلدية بيتون والمسؤول عن التحول في مجال الطاقة بيار إيمانويل جيبسون، أنه بالنسبة للمنطقة، "يشكل غاز المناجم مكسباً تنافسياً"، ويوضح جيبسون أن بدء استخراج غاز المناجم في عام 2017، "كان مخاطرة كبيرة، تحولت اليوم الى ربح. انفصلنا عن الأسواق العالمية لنصبح مستقلين في مجال الطاقة، وهذا يسمح لنا بتقليص الفواتير".
ويقول الدكتور صلاح حليمة، رئيس المجلس المصري للشئون الأفريقية وسفير سابق للجامعة العربية، إن أزمة الطاقة ترتبط بتداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية، وكان لروسيا دور كبير في إمدادات الطاقة إلى أوروبا بصفة عامة والدول الغربية بصفة خاصة.
وأضاف البرديسي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه بعد فرض العقوبات الروسية، بدأنا نشهد تباطؤا في امدادات الطاقة الروسية إلى الدول الغربية، ولذلك يقوم رؤساء غرب أوروبا بالعديد من الجولات في منطقة الخليج والقارة الافريقية، في محاولة تخفيف حدة هذه الأزمة.
الحرب تصل لأزمة طاقة طويلة الأمد
وأشار البرديسي، إلى أن هناك تحركات من الصين وروسيا في اتجاه التخفيف من هذه العقوبات والحد منها، حتى يتم حل أزمة الطاقة على الساحة الأوروبية.
ومن ناحية أخرى، وقّعت بيتون عقداً بسعر ثابت لمدة 22 عاماً مع دالكيا، وهي شركة تابعة لمجموعة «إي دي إف» EDF، التي تمول المشروع بقيمة 25 مليون يورو، كما أن دالكيا هي التي تحوّل الغاز، الذي يتم استخراجه في ثلاثة مواقع لتتولّى نقله شركة الطاقة الفرنسية.
ودعت رابطة مناجم فرنسا (Acom) مرة أُخرى إلى تطوير مصدر الطاقة هذا، «بينما تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى أزمة طاقة طويلة الأمد مع التزام فرنسا وأوروبا بمواجهة تحديات الإمداد».
ولكن منذ عام 2021، وبموجب تعديل قانون التعدين، لم تعد الدولة مسؤولة في حال وقوع حوادث بمواقع التعدين السابقة. ونتيجة لذلك، لا يتسابق أصحاب المشاريع على العمل في المجال، وبغض النظر عن المصلحة المالية، يرى مؤيدو استغلال غاز المناجم، وخصوصاً الميثان، أنه يمكن أن يحد من الآثار البيئية أيضاً.
وأما فيما يخص إطفاء الأضواء على المعالم العامة وإطفاء نوافير الماء وفرض الاستحمام بالمياه الباردة أصبحت هانوفر الواقعة في شمال غربي ألمانيا يوم الأربعاء الماضي أول مدينة كبيرة تعلن عن تدابير لتوفير الطاقة، بما في ذلك إيقاف المياه الساخنة خاصةً في الحمامات داخل المباني التي تديرها المدينة والمراكز الترفيهية، وفقاً لصحيفة "الجارديان".
استخدام ألمانيا واردتها لتدفئة المنازل
ويتم تدفئة المباني البلدية في عاصمة ولاية ساكسونيا السفلى فقط في الفترة من 1 أكتوبر إلى 31 مارس، في درجة حرارة لا تزيد عن 20 درجة مئوية (68 فهرنهايت)، وسط حظر استخدام وحدات تكييف الهواء المتنقلة. تعفى الحضانات والمدارس ودور الرعاية والمستشفيات من إجراءات التوفير.
وفي هذا الصدد، قال عمدة المدينة بيليت اوناى من حزب الخضر: «الوضع لا يمكن التنبؤ به.. كل كيلوواط ساعة مهم، ويجب أن تكون حماية البنية التحتية الحيوية أولوية».
ويتماشى هدف توفير 15 في المائة من الطاقة في هانوفر مع التخفيضات التي حثت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء على القيام بها هذا الأسبوع لضمان قدرتها على التأقلم في حالة قطع الغاز بالكامل عن روسيا. ألمانيا، التي تعتمد على واردات الغاز الروسي أكثر من الدول الأوروبية الأخرى، تتعرض لضغوط لقيادة الطريق.
في برلين، العاصمة الألمانية، غمر الظلام حوالي 200 نصب تذكاري تاريخي ومبنى بلدية ليل الأربعاء حيث أوقفت المدينة الأضواء لتوفير الكهرباء.
وقالت بيتينا جاراش، عضو مجلس الشيوخ عن البيئة في برلين: «في مواجهة الحرب ضد أوكرانيا وتهديدات الطاقة الروسية، من الضروري أن نتعامل مع طاقتنا بأكبر قدر ممكن من الحذر».
تستخدم ألمانيا معظم وارداتها من الغاز لتدفئة المنازل وتزويد صناعتها الكبيرة بالطاقة، ولكن في حين أن خطة طوارئ الطاقة التي تم إطلاقها في يونيو تمكن شركات المرافق من تمرير أسعار الغاز المرتفعة للعملاء، فإن معظم الأسر في ألمانيا تدفع فواتير الغاز الخاصة بها بطريقة مسبقة محددة، ولا يزال يتعين عليها تجربة هذا النوع من الزيادات الهائلة التي من شأنها تغيير سلوك المستهلك.
والجدير بالذكر، أن في بيتون، إلى جانب حرق النفايات، يتيح استخدام غاز المناجم إمكان تدفئة غالبية المباني العامة وتقليل فاتورة التدفئة بالنسبة لـ 6500 منزل بنسبة 41 بالمئة، أي حوالى 450 يورو سنويًا لكل منزل.تفتخر المدينة بأن 88 بالمئة من شبكة التدفئة الخاصة بها تعمل حالياً بالطاقة المستعادة، مع بعض مكملات الغاز الطبيعي خلال فترة الشتاء.