هل تغير موعد استبدال كسوة الكعبة في العيد ؟ .. سؤال يشغل بال الكثيرين خاصة بعد إعلان المملكة العربية السعودية، يوم الإثنين الماضي، عن تغيير موعد استبدال كسوة الكعبة المشرفة، فهل تم بالفعل تغيير موعد استبدال كسوة الكعبة في العيد وما هو الموعد الجديد المقرر لها، وما هي مراحل تصنيعها وقصة المحمل المصري ومتى توقف.
وفي التقرير التالي نوضح هل تغير موعد استبدال كسوة الكعبة في العيد ؟، وقصة المحمل وآخر عهد لمصر بتصنيعها.
هل تغير موعد استبدال كسوة الكعبة في العيد ؟
ووفقا لصحيفة "سبق" السعودية، قال الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، إن التوجيه السامي الكريم صدر بأن يكون تسليم كسوة الكعبة المشرفة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لكبير سدنة بيت الله الحرام في يوم عيد الأضحى المبارك الموافق العاشر من ذي الحجة لعام 1443هـ، وأن يكون موعد استبدالها غرة محرم من عام 1444هـ.
وأكد "السديس" أن: "القيادة سباقة لكل ما من شأنه الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين، وأنها أولت الكعبة المشرفة جل اهتمامها من خلال العناية بها وصيانة كسوتها، وإحلال كسوة جديدة لها كل عام؛ لما لها من قدسية عظيمة لدى عموم المسلمين".
وأضاف: "شرفنا الله عز وجل بالعناية ببيته الحرام، واصطفى هذه البلاد المباركة للقيام بشؤونه ووفادة قاصديه، ومن هذا المنطلق نهيب أنفسنا جميعا بضرورة بذل المزيد دون كلل في سبيل الرعاية والعناية وإتقان العمر؛ تحقيقا لتطلعات وتوجيهات القيادة".
وأكد الشيخ عبد الرحمن السديس، جاهزية كسوة الكعبة المشرفة لهذا العام 1443هـ، موضحاً أن "كسوة الكعبة المشرفة حِيكت في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، وفق أعلى المعايير والمواصفات، بما يتوافق مع حرص المملكة وقيادتها بالكعبة المشرفة حفاوةً وتكريمًا".
وأشار الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، إلى أن كسوة الكعبة نتاج عام كامل من العمل الدءوب والاهتمام بأدق التفاصيل التي أدت لجاهزيتها في هذه الحلة القشيبة.
ونوه بحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان آل سعود على خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما والعناية بقبلة المسلمين.
مراحل تصنيع كسوة الكعبة
يتم تصنيعها في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة والذي تم إنشاؤه عام 1346 هجريا وهو يلقى كل العناية والرعاية من القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية؛ ويمر تصنيع الكسوة بعدة مراحل أولها اختبار المواد المستخدمة في إنتاج الكسوة؛ ثم يتم صباغة الكسوة باللون الأسود ثم بعد ذلك يتم تحويله الى قسم النسيج الآلي ومرحله التطريز أهم مراحل تصنيع الكسوة.
وفي تقرير عرضته قناة تن الفضائية في البرنامج الإخباري أوضح أن ثوب الكعبة مطبوع على قماش أسود حرير ثم يدخل قسم التطريز بالمذهبات ثم يحول لقسم التجميع ثم يتم الحشو للحروف بالقطن وذلك لإعطاء البروز وجمال للحرف أثناء التطريز ثم بعد ذلك نقوم بعملية التطريز والتي تكون بالأسلاك الفضية المطلية بماء الذهب والأسلاك الفضية الخالصة ثم يكون الثوب جاهزا للاستبدال في يوم 10 ذي الحجة.
وثوب الكعبة يستغرق من الوقت من ستة أشهر إلى ثمانية شهور ويمر جميع مراحل التصنيع حتى يكون جاهزا لكسوة الكعبه ويعمل في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة حوالي 190 صانعا على مدار السنة لإنتاج ثوب الكعبة المشرفة على أكمل وجه.
من المحمل إلى أول دار لكسوة الكعبة بالسعودية
قبل أن تبدأ المملكة العربية السعودية في صناعة كسوة الكعبة المشرفة، كانت الكسوة تحاك في مصر وتنطلق في محمل من القاهرة حتى مكة المكرمة، وسط احتفالات واسعة، حتى جاء الملك عبد العزيز، لتتفرد السعودية بصناعة كسوة الكعبة المشرفة والإشراف على تغييرها سنويا.
وحسب وكالة الأنباء السعودية ( واس ) أمر الملك عبد العزيز بإنشاء أول دار لكسوة الكعبة المشرفة بجوار المسجد الحرام في (أجياد) في العام (1346هـ-1927م).
وكانت الدار هي أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة في المملكة، قبل أن ينتقل مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى حي (جرول) في العام (1383هـ- 1963م).
وفي هذه السطور نرصد أبرز المعلومات عن صناعة كسوة الكعبة في المملكة العربية السعودية:
العام (1385هـ-1965م) تمت صناعة أول كسوة للكعبة المشرفة عبر آلالات التصنيع.
في العام (1392هـ-1972م) صدر أمر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود بإنشاء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في حي (أم الجود).
ثم بدأ العمل في المصنع الجديد في حي أم الجود في عام (1397هـ-1976م) بأقسام تصنيع متكاملة.
في عام 1995م انتقل الإشراف على مصنع كسوة الكعبة المشرفة في حي (أم الجود) من وزارة الحج والأوقاف إلى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.
متى بدأ نقل كسوة الحج من مصر إلى الحجاز؟
بدأت قصة نقل كسوة الكعبة من مصر إلى بلاد الحجاز بالمحمل في عهد المماليك، حيث كان المحمل يطوف القاهرة قبل التوجه إلى الحجاز، وسط مظاهر احتفال عارمة من المصريين.
وكانت تصنع الكسوة الشريفة فى مصر بمنطقة الخرنفش حتى تم نقلها إلى ميدان محمد علي فسار أمامها بلوكان من أورطة المشاة التاسعة بموسيقاها وعلمها وتبعت الجماهير هذا الموكب الفخم حتى الميدان.
ويعد الملك اليمنى أسعد تبع أبى كرب ملك حمير، هو أول من كسا الكعبة المشرفة بشكل كامل فى العام 220 قبل هجرة النبى (صلى الله عليه وسلم).
ثم أخذت قريش فيما بعد تتولى هذه المهمة وكانت تقسم أموال كسوة الكعبة على بطونها الكبرى باعتبار أن الكعبة كانت رمزًا دينيًا يجلب لهم الحجيج من جميع أنحاء الجزيرة وينشط كذلك حركة التجارة ويحفظ لقريش مكانة دينية دونها أى مكانة أخرى، وكان ذلك يتم فى يوم عاشوراء. وبعد فتح مكة وفى أول عام يحج المسلمون فى العام التاسع من الهجرة، أصبحت كسوة الكعبة مهمة بيت المال فى المدينة المنورة.
وقد صف كثير من الرحالة الذين زاروا مصر خروج كسوة الكعبة من مصر كابن بطوطة وناصر خسرو وغيرهما ومن أهم المشاهد التى سجلتها نصوص الرحالة والمؤرخين أيضًا صورة المحمل أو قافلة الحج عبر عصورها المختلفة، إذ تعتبر تلك النصوص من أكثر المصادر التى حفظت لنا تفصيلات دقيقة عن المحمل وكسوة الكعبة فيذكر لنا الرحالة ابن بطوطة عن هذا المشهد المهيب وكيفية خروج المحمل المصرى من القاهرة فى حضور أرباب الدولة: يوم المحمل هو يوم دوران الجمل وهو يوم مشهود حيث يركب القضاة الأربعة ووكيل بيت المال والمحتسب ويركب معهم.
الدرب السلطاني.. طريق الحج الإسلامي القديم عبر سيناء
وفي موسم الحج من كل عام.. يتذكر الجميع الدرب السلطاني الذي كان يسلكه المصريون والمسلمون من مختلف الدول العربية والأفريقية في طريقهم إلى الأراضي السعودية لأداء فريضة الحج، علاوة على أنه هو طريق المحمل الذي كان يسلكه الوفد المصري ومعه كسوة الكعبة سنويا .. كما تم استخدامه في العصر الحديث مع تشغيل ميناء نويبع بجنوب سيناء لنقل حجاج البر.
ويرى المهندس سالم حسين صباح مدير عام السياحة السابق بشمال سيناء أن هذا الطريق يعد من أهم الطرق التاريخية الإسلامية في مصر، وهو يمر عبر سيناء (شمالا وجنوبا)، ويبدأ من عجرود غرب السويس مرورا بالنواطير بمدخل صحراء التيه ثم وادي القريض ودبة البغلة ونخل (بشمال سيناء) حتى خليج العقبة الأردني ( مرورا بميناء نويبع بجنوب سيناء) في اتجاه الأراضي السعودية، وكان مسلمو مصر يمرون عبره كل عام لتأدية فريضة الحج .. إلى جانب المحمل المقدس لكسوة الكعبة.
ونظرا لأهمية هذا الطريق .. فقد سلكته شجرة الدر عام 648 هجرية والقائد بيبرس والسلطان الناصر قلاوون عام 719 هجرية .. ومن أبرز آثار هذا الطريق الباقية لليوم لوحة أثرية نقشت في منطقة " دبة البغلة " بوسط سيناء، وحملت توقيع السلطان المملوكي "قنصوه الغوري"، ومن بين عباراتها الآيات الأولى من سورة الفتح "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا " صدق الله العظيم ، وكذلك عبارة تقول " رسم بقطع هذا الجبل المسمى عراقيب البغلة ومهد طريق المسلمين الحجاج لبيت الله تعالى وعمار مكة المكرمة والمدينة الشريفة والمناهل عجرود ونخل وقطع الحبل عقبة إيلا وعمار القلعة والآبار وقلعة الأزلم والموشحة ومغارب ونبط الفساقى وطرق الحج الشريفة مولانا المقام الشريف والإمام الأعظم سلطان الإسلام والمسلمين الملك الأشرف أبو النصر قنصوه الغورى نصره الله نصراً عزيزا" .. كما نقش بأحرف كبيرة "لمولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قنصوة الغورى عز نصره".
ولا تزال هذه اللوحة معلما أثريا في المنطقة .. حيث أحاطته هيئة الآثار بسور شائك باعتباره أثرا تاريخيا، وبقى مزارا للعابرين من هذا الطريق.
واستمر تدفق مسلمى مصر عبره .. حاملين كسوة الكعبة الشريفة كل عام حتى الحرب العالمية الأولى .. كما استمر الطريق يؤدى خدماته لحجاج مصر وأفريقيا .. إلا أن عددهم أخذ في التناقص بالرغم من أهميته ودوره في اختصار الطريق البري إلى الأراضي السعودية.
ويؤكد قدرى الكاشف خبير التنمية بإقليم القناة وسيناء والمدير الأسبق لإدارة السياحة والهيئة الاقليمية لتنشيط السياحة بمحافظة شمال سيناء أنه منذ أن دخل الإسلام مصر واستتب الأمر لعمرو بن العاص بسقوط روما وطردها من الاسكندرية عام 21هـجرية الموافق 462 ميلادية ، وانتشار الإسلام منها إلى المغرب العربي وأفريقيا، بدأت رحلات الحج والعمرة تزداد اتساعا وعددا، وأصبحت مصر أنسب الدول الإسلامية من حيث الموقع والواجهة لتجمع المسلمين فى رحلات الحج من خلال احتفال عظيم يطوف بالقاهرة القديمة فى كوبرى القبة يتقدمه المحمل فى موكب دينى إسلامي كبير يخرج من مصر كل عام .. حاملاً كسوة الكعبة، ويتنافس الملوك والسلاطين على أن يكونوا فى مقدمته كشجر الدر وسلاطين المماليك حتى بداية الخمسينيات من القرن العشرين .. حيث كانت سيناء ممرا لهذا الموكب الى الأراضى الحجازية عبر درب الحاج المصرى بدءا من النواطير فى السويس الى نخل ثم الأراضى الحجازية ، وهو الدرب الذى اهتم بتمهيده وتزويده بالامكانات المناسبة وفى مقدمتها حفر الآبار وتأمينه بالمخافر والقلاع أشهرها قلعة نخل ، وكان للسلطان قنصوة الغورى الدور الأكبر فى هذا المجال .. حيث لازالت توجد لوحته التأسيسية للدرب السلطانى حاملة رنكه.
وأوضح أن لوحة سلطان المماليك تقع على الطريق فى المسافة ما بين مدينتى نخل ورأس النقب بوسط سيناء ، وهى منقوشة على التلة الصخرية المعروفة بتلة أو تبة البغلة ، ويبلغ ارتفاعها نحو 4 أمتار ومحاطة بحواجز حديدية لحمايتها.. حيث تعد من أهم الآثار الإسلامية فى وسط سيناء وأحد المعالم الشهيرة، وكانت من أهم المزارات السياحية للمارين عبر هذا الطريق.
وأدت توابع كورونا الى توقف العديد من الأنشطة والمزارات منعا للتجمعات أو نقل العدوى، وتوقف معها استخدام طريق الحج القديم أو الدرب السلطانى وزيارة اللوحة الأثرية.