الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تكاليف شرعية عجز العقل عن إدراكها.. المفتي يكشف عنها

الحج
الحج

التكاليف الشرعية التي عجز العقل عن إدراكها ، يعجز الإنسان المسلم عن إدراك حقيقة بعض التكاليف الشرعية التي نتعبد بها إلى الله عزوجل.

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن هناك تكاليفِ شَّرعيَّة عجزَ العقلُ عن إدراك حقيقتها؛ بحيث يسأل المسلم نفسه: لماذا شُرِعَ هذا التكليفُ على تلك الهيْئة التي أُمِرْنا بأدائه عليها؟ وقد يأتي سؤال آخر في بعض هذه التكاليف عن: لماذا جاء بهذا العدد دون غيرِه؟! ولا نجد جوابًا لذلك إلا بأن نتعبَّد اللهَ سبحانه وتعالى بما أَمَر، وعلى الهيئَةِ التي جاء بها، وبالعدد المأمور به؛ تسليمًا وخضوعًا لربِّ العالمين، ما دام النَّصُّ قد وردَ في ذلك صحيحًا صريحًا.

وتابع مفتي الجمهورية: وهذا ما يسمى عند العلماء بـ "الأحكامِ التعبُّديَّةِ"؛ أي: التي نتعبَّد اللهَ عز وجلَّ بها، وبكيفيَّتِها التي وردتْ في النَّصِّ الشَّريف، حتى وإن لم ندرك كُنْهَ هذه الكيفيَّات، مع جزمنا بأن هذه الأحكام ما جاءت إلا لجلب مصلحةِ الإنسان في الدنيا والآخرة.


وأضاف مفتي الجمهورية أن الحجَّ يُعَدُّ من العبادات التي يغلب عليها هذا المعنى التعبُّديُّ، ويسري في مناسكه كلِّها؛ كمثلِ الطَّواف حول الكعبة؛ حيث تَرِدُ الأسئلة عن تحديده بسبعة أشواطٍ، دون زيادة أو نقصان، وكذلك عن كيفيَّته، حيث تكون الكعبةُ عن يسار الطائفِ، والبدايةُ من الحجرِ الأسودِ، كلُّ ذلك، والعبد مُسلِّمٌ لخالقه فيما أمر؛ بل إنَّه حين يفعل هذه المناسك تمتزجُ بروحه ووجدانه، ويتعلَّقُ قلْبُه بها، حتى إنه إذا ما كانت لحظة الفراق لهذه الأماكن المباركة ظلَّ القلْبُ متعلِّقًا بها، حتى وإن فارقها الجسد، وهذا المعنى ليس قاصرًا فقط على الطواف؛ بل هو سارٍ في أعمال الحجِّ كلِّها.


وأكد المفتي أن مسألة المفاضلة بين شخص أدى فريضة الحج من قبل، وشخص لم يؤدِّها قط تحتاج إلى فقه؛ لأننا كلنا نتشوق إلى زيارة بيت الله الحرام، فالمسألة هنا متروكة للجهة المنظمة للحج، والشريعة تقر كل ما يؤدي إلى مصلحة الإنسان ما دام فيه تحقيق لإعطاء الفرص وتأمين الفريضة وتأمين صحة الناس.

أنواع العبادات الخفية
 

من العبادات الخفية في الإسلام ، هي أداء ركعات ف ظلمة الليل وتلاوات وختمات للقرآن ، وكذلك الصدقة في الخفاء وفك الكربات عن الناس، ورعاية الأرامل والأيتام، والاستغفار بالأسحار والتضرع إلى الله ليلا حتى تفيض الدموع من الأعين، والخلوة مع الله في العبادات والدعاء، والإصلاح بين الناس في الخفاء.

أفكار للخبيئة الصالحة
 

من الخبايا الصالحة التي يمكن الالتزام بها من المسلم، هو التأمل في اختلاف الليل والنهار،والنظر في الآيات بتدبر، والتفكر في خلق السماوات والأرض ففي صحيح الجامع، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالاً وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالاً، فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ).

فوائد العبادات الخفية
 

من فوائد العبادات الخفية ، صلاح القلب واستقامته، وطهارته وتنقيته، وبعده عن الشهوات والشبهات، وثباته عند المحن والفتن، فيقول الله تعالى (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا)، ولذا كانت الخبيئة الصالحة، أشد الأعمال على الشيطان، فالشيطان لا يزال بالعبد، حتى ينقل عمله من السر إلى العلانية، ومن الإخلاص إلى الشرك والرياء، والعجب والشهرة.


ومن فوائد العبادات الخفية ، ما ورد في قوله تعالى (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) وفي الصحيحين، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ).

فضل العبادات الخفية
 

تعتبر العبادات الخفية ، من الأمور المهمة التي ينبغي على المسلم أن يحرص عليها ويلزمها في حياته اليومية، فالإخلاص في العبادة له مكانة كبيرة في الدين، وبه ترفع الدرجات وتغفر الزلات، والعبادة الخالصة لوجه الله، تحتاج إلى تعب وعناء ومجاهدة النفس ، لا رياء فيها ولا نفاق، ففي مسند الإِمَام أَحمَد، قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمُ الشِّركُ الأَصغَرُ)، قَالُوا: وَمَا الشِّركُ الأَصغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: ((الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذَا جَزَى النَّاسَ بِأَعمَالِهِم: اِذهَبُوا إِلى الَّذِينَ كُنتُم تُرَاؤُونَ في الدُّنيَا، فَانظُرُوا هَل تَجِدُونَ عِندَهُم جَزَاءً).

أفضل خبيئة بين العبد وربه
 

من أسباب تجنب الرياء في العبادات ، هو أدائها في الخفاء، فالعبادات الخفية تسهل الوصول إلى الخشوع وأن تكون خالصة لوجه الله، والعبادات الخفية هي كل طاعة تفعل في السر ، لا يطلع عليها إلا الله تعالى.


أسرار بين العبد وربه
 

حثت الشريعة الإسلامية على أن يكون هناك أسرار بين العبد وربه، فلقد جَاءَتِ نصوص الشريعة، بالحَثّ عَلَى إخفاء العِبَادَات، وَاستِحبَاب نوافل الطَّاعَات في الخَلَوَات، فصدقة السر، أفضل من صدقة العلانية، وصلاة الليل، أفضل من صلاة النهار، لما فيها من تعظيم الرب جل جلاله، والرغبة فيما عنده، وتطهير القلب من أدران الرّياء، والتّطلعِ لحبِّ الثناء، (إِن تُبدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخفُوهَا وَتُؤتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِن سَيِّئَاتِكُم وَاللهُ بما تَعمَلُونَ خَبِير).

وأوصى النبي الكريم، بأداء نوافل الصلوات في البيت، وفي سنن الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ)، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وليس المراد منها اعتزال الناس، أو إخفاء كل العبادات، فمن العبادات والشعائر، ما لا يتم إلا بإظهاره وإشاعته، والله سبحانه مطلّع على السرائر، فقد جاءت نصوص الكتاب والسنة، بالحث على شهود الجمع والجماعات، والإحسان والصلات، والتعاون على البر والتقوى، وأن مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ.