هل يجوز الحج بأموال القرض البنكي أو السلف ؟.. يكثر التساؤل مع بداية موسم الحج 1443هـ، حول هل يجوز الحج بأموال القرض البنكي أو السلف ؟ خاصة لمن عجز عن تلبية نداء الحق سبحانه وتعالى وما أمر به النبي الكريم إبراهيم عليه السلام وسار على خطاه أشرف الخلق محمد من طواف بالبيت العتيق.
ومن خلال التقرير التالي نوضح هل يجوز الحج بأموال القرض البنكي أو السلف؟، وحكم الشرع في أداء الحج بالتقسيط من البنك.
هل يجوز الحج بأموال القرض البنكي أو السلف؟
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، والتي فرضها المولى تبارك وتعالى على أتباع النبي الخاتم والرحمة المهداة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في حقيقته تلبية لنداء إبراهيم عليه السلام حيث يقول المولى تبارك وتعالى :"وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ".
وقد بين الحق تبارك وتعالى ضوابط الحج حيث أسقط عن غير القادر من أمة النبي الخاتم صلوات الله وسلامه عليه حيث قوله تبارك وتعالى :"وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا"، ورغم ذلك إلا أن اشتياق كثير من المسلمين لزيارة بيت الله الحرام ومقام النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم يجعلهم يبحثون عن سبل وطرق متعددة من شأنها أن تحقق لهم هذه الرغبة وإن كانت على تجلب لهم المشقة لكنهم يخشون من الوقوع في حرمانية تحرمهم من الثواب الذي أعده الله تبارك وتعالى لمن حج بيته الحرام.
وقد ورد سؤال لدار الإفتاء من سائل يقول : أُريدُ الحجَّ وعليَّ ديون مؤجلة نتيجةَ شراء شقة بالتقسيط، فهل يجوز لي الحج أم أنه يجب عليَّ قضاء الدين أولًا؟، ليجيب الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، في فتوى له ، أنه يجوز شرعًا لمن كان عليه دَيْنٌ مُؤجَّلٌ في صورة أقساطٍ أن يحج إذا اطمأن إلى أن أداء فريضة الحج لا يؤثر على سداد هذه الأقساط في أوقاتها المحددة لها سلفًا؛ كأن يتوفر له من المال ما يستطيع من خلاله الوفاء والسداد لهذا الدَّيْن حين يأتي أجلُه.
هل يجوز أداء فريضة الحج بأموال القرض البنكي ؟
قال الدكتور علام جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنه يجوز أداء الحج بالتقسيط مع وجود فائدة ولا بأس به شرعًا، وبالاتفاق المسبق بين الطرفين، موضحًا أن ذلك من قبيل المرابحة المباحة وذلك بـ 3 شروط.
وأشار «جمعة»، في فتوى له، إلى أن الشرط الأول: ألا يكون هناك غلو في هذه الزيادة، والثانى: أن يكون الشخص قادرًا على الدفع، والثالث: ألا يكلف نفسه ما لا تطيق.
وتابع: إذا أراد الإنسان حج بيت الله الحرام أو العمرة بالتقسيط فلا حرج فيه شرعًا، لأن هذه الخدمة التي تؤدى هي من قبيل المنفعة، وإذا توسطت المنفعة في المعاملة فليس فيها ربا ولا حرج فيها.
وشدد على أن الشخص الذي لا يفكر في الحج من الأساس ليس عليه معصية لأن الحج فرض بشروط محددة أولها الاستطاعة وهي القدرة الحاضرة أي القدرة مع الرغبة في ذلك.
كما قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، إن الحج بالتقسيط جائز ومشروع وهو صحيح، مؤكدا أنه لا مانع في الحج بناء على تلقي الشخص دعوات أو تكريم أو جائزة مسابقة.
وأشار علام، إلى أن كل من بلغ وجب عليه الحج ولكن بشرط أن تكون لديه سعة من العيش، موضحاً خلال حواره ببرنامج : مكارم الأخلاق في بيت البنوة" تقديم الإعلامي حمدى رزق والمذاع عبر قناة "صدى البلد"،:" الاستطاعة في الحج فرضية لحين تحسن حاله وقدرته المادية علي ذلك، لان الحج ليس واجب علي الفور ولكنه واجب في حالة القدرة".
وأضاف مفتي الجمهورية:" لا نقول لأحد تراخي في الحج ولكن يستحب المبادرة علي أداء هذه الفريضة".
هل يجوز أداء فريضة الحج بالسلف؟
في حين، قال الدكتور عبد الشافي أحمد، أستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إنه لا يجوز الحج بالتقسيط أو الاقتراض لأن الله سبحانه وتعالى لم يلزم المؤمنين بالحج، وقال لمن استطاع إليه سبيلا، لافتا إلى أن هناك البعض يلجأ للاقتراض من البنوك لأداء مناسك الحج وزيارة بيت الله.
أشار "عبد الشافي أحمد"، خلال لقاء تلفزيوني مع الإعلامي "حمدي رزق"، في برنامج "نظرة"، المذاع على قناة "صدى البلد" الفضائية إلى أنه الحج فريضة على كل مسلم بشرط الاستطاعة الجسدية والمالية التي تكفل لأسرته عن سؤال الناس.
كما نوه الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إلى أن التقسيط والاقتراض لا يجوز لأداء مناسك الحج، فإن "الله لا يكلف نفسا إلا وسعها".
حكم من أراد الحج بالتقسيط وعليه دين
قال الدكتور مجدى عاشور، مستشار مفتى الجمهورية السابق، إنه لا يجوز للإنسان أن يذهب للحج وعليه دين، إلا إذا كان هذا الدين له ضمان بالسداد ووافق صاحب الدين على ذلك.
وأضاف عاشور، فى لقائه على فضائية "الناس"، أنه لا يجوز أخذ الدين لأداء فريضة الحج لأن هذه الفريضة لا تجب إلا على القادر المستطيع، فمن فقد شرط الاستطاعة فلا يجب عليه الحج، إلا إذا كان هناك تركة موجودة تكفى لسد الدين مع الإتفاق مع الدائن على هذا الأمر.
وأوضح، أنه يجوز الحج بالتقسيط، بمعنى أن يذهب المسلم للحج مع الاتفاق مع شخص معين على تقسيط مبلغ الحج مع شرط وجود ما يكفى لسداد هذا القسط.
محظورات الإحرام للعمرة
كشف الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن محظورات الإحرام للعمرة، وذلك ضمن سلسلة التعريف بالأشهر الحرم وفضل العمرة فيها.
وجاءت محظورات الإحرام للعمرة كالتالي :
(أ) ما يَحرُمُ على الرَّجُلِ:
يَحرُمُ على الرَّجُلِ المُحرِمِ لِبسُ المخيطِ وكُلِّ ما نُسِجَ مُحِيطًا بالجِسمِ أو ببعضِ الأعضاءِ كالجَوارِبِ، ويَحرُمُ عليه وَضعُ غِطاءٍ على الرّأسِ وتَغطِية الوَجهِ، ولُِبسُ حِذاءٍ يَبلُغُ الكَعبَينِ.
(ب) ما يَحرُمُ على المرأةِ:
يَحرُمُ على المرأةِ المُحرِمةِ سَترُ الوَجهِ بسِترٍ يُلامِسُ البَشَرة، ولبسُ قُفّازَينِ، وتلبسُ سِوى ذلك لِباسَها العادِي.
(ج) ما يحرمُ على الرجال والنساء:
الطِّيبُ (أي العطر) وأيُّ شيءٍ فيه طِيب من طعام أو صابون أو معجون أو مزيل للعرق أو دهان للشعر أو الجلد، أو ما يساعد في غسل الجسم أو الشعر.
وكذلك إزالةُ الشَّعرِ مِن الرأسِ ومِن أيِّ مَوضِعٍ في الجسمِ، واستعمالُ الدُّهنِ المُلَيِّنِ للشعرِ أو الجِسمِ –ولو كان غيرَ مُطَيَّبٍ–.
وكذلك تقليمُ الأظفارِ، والصيدُ، والجماعُ ودواعيه المُهَيِّئة له، والرَّفَثُ «أي: المُحادَثة بشأنِه»؛ وليَجتَنِب المُحرِمُونَ الفُسُوقَ أي: مُخالَفة أحكامِ الشريعةِ، وكذا الجدالُ بالباطِلِ.
● ويَجِبُ في ارتِكابِ شيءٍ مِن محظوراتِ الإحرام الفِدية والكَفّارة، ويفَسدُ الحج والعمرةِ بالجِماعِ خاصّة؛ ففيه الكفّارةُ والقَضاءُ، عَدا ما حُرِّمَ مِنَ الرَّفَثِ والفُسُوقِ والجِدالِ ففيها الإثمُ والجَزاءُ الأُخرَوِيُّ فقط.
● ويُكرهُ في إحرام العمرة ما يُكرَهُ في إحرام الحجِّ، مثلُ تَمشِيطِ الرّأسِ أو حَكِّهِ بقُوّة، وكذا حَكُّ الجسدِ حَكًّا شديدًا، والتَّزَيُّنُ.
الميقات في العمرة
الميقات قسمان: ميقات زماني، وميقات مكاني.
أ- الميقات الزماني للإحرام بالعمرة:
ذهب الفقهاء إلى أن ميقاتَ العمرة الزماني هو جميع العام لغيرِ المُشتَغِلِ بالحجِّ، فيَصِحُّ أن يُحرِمَ بها الإنسانُ ويفعلها في جميعِ السَّنة، وهي أفضل في شهر رمضان منها في غيره. وذهب الحنفية إلى أن العمرة تُكرَهُ تَحريمًا يومَ عرفة، وأربعةَ أيامٍ بعده، واستَدَلُّوا بقول عائشة رضي الله عنها: «حَلَّتِ العُمرةُ في السَّنة كُلِّها إلا في أربعةِ أيامٍ: يومُ عرفة ويومُ النَّحرِ ويَومانِ بعدَ ذلكَ»؛ ولأنَّ هذه الأيّامَ أيّامَ شُغلٍ بالحَجِّ، والعُمرة فيها تَشغَلُهم عن ذلك، وربما يقعُ الخَلَلُ فيه فتُكرَه.
ب- الميقات المكاني للإحرام بالعمرة:
المسلم إمّا أن يكونَ آفاقيًّا أو ميقاتيًّا أو حَرَمِيًّا.
● والآفاقيُّ: هو مَن كان مَنـزِلُه خارجَ منطقةِ المواقيتِ، ومواقيتُ الآفاقيِّ هي:
1- ذو الحليفة: لأهل المدينة ومَن مَرَّ بها،
2- الجُحفة: لأهلِ الشّأمِ ومَن جاءَ مِن قِبَلِها كأَهلِ مِصرَ والمغرب؛ وكانت إلى وقت قريب مُندَثِرة وكان النّاسُ يُحرِمُون مِن رابِغ على بعد (204) كم شمال غرب مكة، أمّا الجحفة فهي على بعد (187) كم،
3- قَرن المَنازِل: ويسمى الآن "السَّيل"، وهي لأهلِ نَجد، وهي على بعد (94) كم شرق مكّة،
4- يَلَملَم: لأهلِ اليمن وتِهامة والهند، وهي على بعد (54) كم جنوب مكة،
5- ذات عِرق: لأهل العراق وسائرِ أهلِ المشرقِ، وهي على بعد (94) كم شمال شرق مكّة.
● أما الميقاتي: فهو مَن كان في مَناطِقِ المَواقِيتِ أو ما يُحاذِيها أو ما دونَها إلى مكةَ. وهؤلاءِ ميقاتُهم مِن حيثُ أَنشأوا العُمرة وأحرَموا بها، إلا أنَّ الحنفيّة قالوا: ميقاتُهم الحِلُّ كله، والمالكيّة قالوا: يُحرِمُ مِن دارِه أو مسجدِه لا غيرَ، والشافعيّة والحنابِلةُ قالوا: ميقاتُهم القرية التي يسكنونَها لا يجاوزونَها بغيرِ إحرامٍ.
● وأما الحَرَمِيُّ: وهو المُقِيمُ بمنطقةِ الحَرَمِ المَكِّيِّ ومَن كان نازِلاً بمَكّة أو الحَرَمِ، فهؤلاء ميقاتُهم للإحرامِ بالعُمرة الحِلُّ، فلا بُدَّ أن يخرُجوا للعمرةِ عن الحَرَمِ إلى الحِلِّ ولو بخُطوة واحدةٍ يتجاوزون بها الحَرَمَ إلى الحِلِّ.
والدَّليلُ على تَحديدِ هذه المواقيتِ للإحرامِ بالعُمرة ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: «أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَهلِ المدينةِ ذا الحُلَيفة، ولأهلِ الشّأمِ الجُحفة، ولأهلِ نَجدٍ قَرنَ المنازِلِ، ولأهل اليمن يَلَملَمَ، فهُنَّ لَهُنَّ، ولمَن أَتى عليهنَّ مِن غَيرِهنَّ مِمَّن أرادَ الحَجَّ والعُمرة، ومَن كان دونَ ذلكَ فمِن حَيثُ أَنشأ؛ حتى أَهلِ مَكّة مِن مَكّة».
وأمّا ما وَرَدَ في شأنِ الحَرَمِيِّ فعن عائشةَ رضي الله عنها في قِصّة حَجِّها قالت: «يا رسولَ اللهِ، أَتَنطَلِقُونَ بعُمرة وحِجّة وأَنطَلِقُ بالحَجِّ؟ فأمَرَ عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ أبي بَكرٍ أَن يَخرُجَ معها إلى التَّنعِيمِ، فاعتَمَرَت بعدَ الحَجِّ في ذِي الحِجّة».