ما هي كفارة الظهار في الإسلام ؟.. يتساءل الكثيرون عما هو الظهار، وما هي كفارة الظهار في الإسلام ؟، وحكم الظهار في حالة الغضب.
ومن خلال التقرير التالي نوضح معنى الظهار، وما هي كفارة الظهار في الإسلام ؟
ما هي كفارة الظهار في الإسلام ؟
الظهارهو تشبيه الرجل زوجته بامرأةٍ مُحرّمةٍ عليه حُرمةً دائمةً، أو بأيّ جزءٍ منها يُحرّم عليه النظر إليه، كالظهر أو البطن وغيره، ومثال ذلك القول للزوجة: "أنت عليّ كظهر أمّي"، أو "أنت عليّ حرامٌ كظهر أمّي"، وأجمع العلماء على أنّ الظِّهار حرامٌ ويأثم صاحبه.
وعرف الظهارفي الجاهليّة، حيث إذا ما كره الرجل زوجته ظاهرها فتصبح المرأة مُعلّقةً ولا يتزوجها أحدٌ غيره، وقد أنكر الله -تعالى- الظِّهار، حيث قال الله تعالى في سورة المجادلة: «الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (المجادلة: 2 - 4).
والظهارمحرم، لقوله تعالى: «الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا» (المجادلة: 2)، أي: يقولون كلامًا فاحشًا باطلًا، لا يعرف في الشرع، بل هو كذبٌ بحت، وحَرام محض، وقول منكر؛ وذلك لأنَّ المظاهر يُحرِّم على نفسه ما لم يُحرِّمه الله عليه، ويجعل زوجته في ذلك كأمِّه، وهي ليست كذلك.. وكان الظهار طلاقًا في الجاهليَّة، فلمَّا جاء الإسلام أنكَرَه، واعتبره يمينًا مُكفرة.
ما هي كفارة الظهار في الإسلام ؟
أما عن كفارة الظهار تلزم الزوج الذي ظاهر زوجته للتكفير عن ذنبه، قال الله -سبحانه-: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا)، والكفارة لا تسقط عن المُظاهر بأي حال، وإن وطئ زوجته قبل أدائها، كما استدلوا بما رُوي عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: (أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، قَد ظاهرَ منَ امرأتِهِ فوقعَ علَيها، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي ظاهَرتُ منَ امرأتي فوَقعتُ قبلَ أن أُكَفِّرَ، قالَ: وما حَملَكَ على ذلِكَ يرحَمُكَ اللَّهُ؟ قالَ: رأيتُ خُلخالَها في ضوءِ القمرِ، فقالَ: لا تَقرَبْها حتَّى تفعلَ ما أمرَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ)، فالمرأة التي ظاهرها زوجها تبقى مُحرمةٌ عليه، وإن وقع الوطء قبل التكفير، ولا تُرفَع الحُرمة عنه إلّا بأداء الكفّارة.
وقد ثبتت مشروعية الكفارة من الظهار في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وفيما يأتي ذِكر الأدلة: قول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وما رُوِي في السنة النبوية من قول خولة بنت ثعلبة: (ظاهرَ منِّي زَوجي أوسُ بنُ الصَّامتِ فَجِئْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أشكو إِليهِ ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يجادِلُني فيهِ ويقولُ اتَّقي اللَّهَ فإنَّهُ ابنُ عمِّكِ فما بَرِحْتُ حتَّى نزلَ القرآنُ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا إلى الفَرضِ فقالَ يُعتِقُ رقَبةً قالَت لا يَجِدُ قالَ فيَصومُ شَهْرينِ مُتَتابِعَينِ قالَتْ يا رسولَ اللَّهِ إنَّهُ شيخٌ كبيرٌ ما بهِ مِن صيامٍ قالَ فَليُطعِمْ ستِّينَ مِسكينًا قالَتْ ما عندَهُ مِن شيءٍ يتَصدَّقُ بهِ قالَت فأُتِيَ ساعتَئذٍ بعَرَقٍ من تَمرٍ قُلتُ يا رسولَ اللَّهِ فإنِّي أعينُهُ بِعَرَقٍ آخرَ قالَ قد أحسَنتِ اذهَبي فأطعِمي بِها عنهُ ستِّينَ مسكينًا وارجِعي إلى ابنِ عمِّكِ قالَ والعَرَقُ ستُّونَ صاعًا).
هل يمين الظهار يقع به طلاق؟
أكد الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف مفتي الجمهورية السابق، أن يمين الظهار ليس طلاقا وإنما حرام شرعا ويجب فيه الكفارة ولا يثبت هذا اليمين إلا بلفظ كلمة "الظهار" وكان أحد أنواع الانفصال في الجاهلية.
وأوضح جمعة في فتوى له أن بداية سورة المجادلة نزلت في هذا عندما قال الصحابي هلال ابن أمية لزوجته خولة بنت حكيم: "انتي عليّ كظهر أمي" فأنزل الله تعالى "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها" إلى نهاية الآية.
وقال المفتي السابق إن كفارة يمين الظهار يجب أداؤها قبل الرجوع للزوجة صيام شهرين فإن لم يستطع يطعم عن كل يوم مسكينا.
وقت كفارة الظهار
لا تجب كفارة الظِهار قبل العودة عنه؛ فإن مات أحد الزوجين المتظاهرَين، أو وقعت الفُرقة بينهما فلا كفّارةٌ؛ إذ إنها متعلقة بالعودة؛ استدلالًا بقول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، وبقياس الظهار على اليمين، فكما أن اليمين لا تترتب الكفارة عليها إلا بالمخالفة، فإن كفارة الظهار لا تتحقق إلا بالعودة عنه، وتجدر الإشارة إلى أن العلماء اختلفوا في تفسير العودة عن الظهار؛ وبيان أقوالهم في ذلك آتيًا:
1. القول الأول: قال الحنفية، والمالكية بأن العودة عن الظهار تكون بالعزم على الجِماع، أو إرادته.
2. القول الثاني: قال الشافعية بأن المقصود بالعودة عن الظهار إمساك الزوجة مدةً من الزمن يُمكن وقوع الطلاق فيها؛ لأن الظهار يجعل الزوجة بائنة من زوجها، فترجع بإمساكها، إذ إنه شبه زوجته بأمه؛ مما يعني أنه غير مُمسك لها، فيُراجعها بإمساكها.
3. القول الثالث: قال الحنابلة بأن العودة عن الظِهار تكون بالوطء؛ إذ إن من ظاهر زوجته كأنه حلف يمينًا على عدم جِماع زوجته، فيُراجعها بفعل ما حلف عليه، ولا تتحقق العودة بالكلام؛ لأنها ستُناقض حينها ألفاظ الظِّهار.
اقرأ أيضا:
هل يمين الظهار يقع به طلاق؟.. المفتي السابق يجيب
ما هي كفارة الظهار في الإسلام والأدلة من القرآن والسنة؟.. الإفتاء تجيب
صفات كفارة الظهار
بين العلماء صفات كفارة الظهار كما حُددت في كتاب الله، وسُنة نبيه بنوعين تُؤدى وفق الترتيب، بحيث لا يتم الانتقال إلى الأخرى إلى حين العجز عن أداء التي قبلها، وبذلك تُؤدى كفارة الظهار المُتوجبة في حق من ظاهر زوجته باتفاق العلماء، وهي على الترتيب:
1. صيام شهرين متتابعَين.
2. إطعام ستين مسكينًا إن تحقّق العجز عن الصيام.
ما يشترط لصحَّة التكفير بالصوم:
أولًا: ألا يقدر على العِتق.
ثانيًا: أنْ يصوم شهرين مُتَتابعين؛ بألا يفصل بين أيَّام الصيام وبين الشهرين إلا بصومٍ واجب؛ كصوم رمضان، أو إفطار للعيد وأيام التشريق، أو الإفطار لعُذر يبيحه؛ كالسفر والمرض، فالإفطار في هذه الأحوال لا يقطع التتابُع.
ثالثًا: أنْ ينوي الصيام من الليل عن الكفَّارة.
وإن كفر بالإطعام اشترط لصحَّة ذلك:
أولًا: ألا يقدر على الصيام.
ثانيًا: أنْ يكون المسكين المُطعَم مسلمًا حرًّا يجوزُ دفع الزكاة إليه.
ثالثًا: أنْ يكون مِقدار ما يدفع لكلِّ مسكين لا ينقص عن مُدٍّ من البر ونصف صاعٍ من غيره.
ويشترطُ لصحَّة التكفير عُمومًا: النيَّة؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى».
انتهاء حكم الظهار
ينتهي الظهار، وينحل بتحقق ثلاثة أمور، بيانها فيما يأتي:
1.أداء كفارة الظِّهار التي حُددت بنصوص القرآن، والسنة، التي تم بيانها سابقًا.
2. انتهاء مدة الظِّهار إن كان مؤقّتًا، وذلك بالنسبة لمن قال بجوازه، وصحّته، وانتهائه بانتهاء المدّة.
3. وفاة أحد الزوجين، أو كليهما؛ لأن الظهار مُتعلقٌ بكليهما، ولا يُتصور وجوده بغياب أحدهما.
حالات الظهار وأحكامه
قالت الدكتورة نادية عمارة الداعية الإسلامية، إن الشريعة الإسلامية حرمت الظهار، وقد ذم الله المظاهرين بقوله: «الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ» [المجادلة/2].
وأضافت «عمارة»، خلال تقديمها برنامج «قلوب عامرة»، أنه للظاهر ثلاث صور، الأولى أن يكون الظهار مُنَجَّزًا كقوله: أنتِ عليَّ كظهر أمي، والثانية أن يكون معلقًا كقوله: إذا دخل رمضان فأنتِ عليَّ كظهر أمي، والثلاثة يكون مؤقتًا كقوله: أنت علي كظهر أمي في شهر شعبان.
وأشارت الداعية الإسلامية، إلى أنه إذا ظاهر الرجل من امرأته وأراد أن يطأها حَرُم عليه وطؤها حتى يكفر كفارة الظهار، موضحة أنه إذا قال الرجل لزوجته «أنت محرمة علىّ» فهذا قول فيه كناية يحتاج إلى نية الرجل فإذا كان يقصد طلاقًا فقد وقع وإن لم يقصد كان ظهارًا يحتاج إلى كفارة.
وأوضحت أن كفارة من يظاهر زوجته هى تحرير رقبة من قبل أن يجامع زوجته مرة أخرى، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن كان لا يستطيع الصوم فعليه إطعام 60 مسكينًا.
واستشهدت بقول الله تعالى: «وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا» [المجادلة:3 -4].
حكم لو قالت الزوجة لزوجها:أنت عليَّ كظهر أبي؟
إنَّ هذا لا يُعتبر ظهارًا على الصحيح، ويلزمها كفَّارة يمين؛ لأنَّه لا يعدو أنْ تكون قد حرَّمته - أي: الزوج - فيكون داخلًا في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ» [التحريم: 1]، فإذا قالت لزوجها: أنت عليَّ كظهر أبي، ثم مكَّنته من جماعها، لزمها كفَّارة يمين، عِتق رقبة، أو إطعام عَشرة مساكين، أو كِسوتهم، على التخيير، فإنْ لم تجد فصيام ثلاثة أيَّام.
حكم من قال لزوجته: أنت عليَّ حَرام:
فمن العلماء مَن يرى أنَّ هذا ظهار مطلقًانومنهم مَن يرى أنَّه من باب اليمين إذا نوَى ذلك، فيُكفر كفَّارة يمين وتحل له، والدَّليل على هذا قول الله - تبارك وتعالى -: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ» [التحريم: 1، 2]، والزوجة ممَّا أحلَّ الله له، فإذا حرَّمها فهو يمين؛ ولهذا صَحَّ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ مَن حرَّم زوجته فإنَّه يمين يكفرها؛ أخرجه مسلم.
أمَّا إنْ نوى الطلاق بقوله: "أنت عليَّ حرامٌ": فإنها تكونُ طلاقًا؛ لأنَّ هذه الكلمة يصحُّ أنْ يراد بها الطلاق، فإنَّ الطلاق يحرِّم الزوجة، فيصح أنْ ينوي بها الطلاق؛ لقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى»،أمَّا إنْ نوى الظِّهار فهو ظهار؛ لأنَّه يحتملُ كلَّ هذه المعاني.