لم يعلم هذا الشيطان المتخفي في هيئة إنسان، أن يقع في قبضة العدالة التي اقتصت منه، وأراحت البشرية من هذا العنصر الفاسد، عقب الحكم عليه بالإعدام شنقاً، بعد أن تجرد من مشاعر الإنسانية، وانزوى خلف شهواته الدنيئة، وتعدى جنسياً على طفلة في عمر الزهور، وقتلها بدم بارد، ووضعها في «جوال»، بمشاركة زوجة نجله التي ساعدته في إخفاء جريمته البشعة.
«جمال»، عامل زراعي، رجل ستيني، مقيم بإحدى قرى مركز الحامول بمحافظة كفر الشيخ، بلغ من الكبر عتياً، واشتعل الرأس شيباً، إلا أنه سبح في بحر قاذوراته، ولم يحترم سنه، واستدرج طفلة في عُمر أحفاده تدعى «سجدة»، لم تبلغ 5 أعوام، أثناء لهوها أمام منزل جدها، جار المتهم، معتدياً عليها، وقتلها، ووضعها في «جوال بلاستيكي»، حتى وقع في قبضة رجال الأمن، معترفاً بتفاصيل جريمته النكراء وأمام النيابة العامة.
بدأت تفاصيل الواقعة، في نهاية يوليو 2021م، عندما تغيبت «سجدة» الطفلة البريئة، عن الأنظار، أثناء لهوها ومرحها أمام منزل جدها، وراح الجميع في قرية الثمانين التابعة لمركز الحامول، يبحث عنها في جميع أنحاء القرية، إلا أنها كما يقولون في الأمثال الشعبية «فص وملح وداب»، حتى فوجئ أهالي القرية بالعثور عليها جثة هامدة مقتولة داخل «جوال بلاستيكي» أسفل «بير سلم» منزل المتهم الذي ادعى أنه عثر على هذا «الجوال»، ولم يكن يعرف شيئاً لتضليل رجال الأمن.
وقع حادث العثور على جثة الطفلة سجدة مقتولة كالصاعقة على أهالي -الثمانين- القرية الطيب أهلها، والتي لا تعرف مثل هذا السلوك الإجرامي البغيض من قبل، وبدأ رجال المباحث الجنائية والأمن العام، يكثفون جهودهم لكشف غموض الواقعة، وبتضيق الخناق، اعترف المتهم بارتكابه الواقعة بمساعدة زوجة نجله التي أخفت معالم الجريمة معه وسرقت القرط الذهبي الخاص بالمجني عليها.
قرَّرت النيابة العامة حبس المتهم احتياطياً، حتى أحيل محبوساً إلى محكمة جنايات كفر الشيخ «الدائرة الثالثة»، برئاسة المستشار مدحت أبو غنيم، رئيس الدائرة والمحكمة، وعضوية المستشارين محمد عبد الكريم، وعمرو الششتاوي، والتي نظرت القضية على مدار عدة جلسات، وأسدلت الستار عن القضية أمس- بإجماع الآراء- بمعاقبة المتهم القاتل بالإعدام شنقاً والمتهمة الثانية «نورهان» -زوجة نجله- بالحبس لمدة سنة واحدة.
ووجه المستشار مدحت أبو غنيم، رئيس المحكمة، قبل النطق بالحكم، رسالة قاسية ومؤثرة إلى المتهم القاتل قائلاً: «علائم الستين على وجهك، واشتعل الرأس شيبا، لقد جئت شيئا إدا، امتطيت جواد سفالاتك، وسلكت درب الهاوية، وسبحت في بحر قاذوراتك، استدرجت الطفلة سجدة وسنها دون الخامسة بمكان قصى بعيداً عن أعين الرقباء، وبأكفك الغليظة نزعت عنها دثارها كاشفا عورتها، خادشا الحياء منها، وحسرت عنك ملابسك بائناً سوأتك».
وتابع، «جثت بحدائقها، لفحتها بأنفاسك الكريهة، وطأتها فانثال الدم من مكمنها، شلت مقاومتها، وخارت قواها من ضعف، استعطفت، استرحمت، نظرت نظرات شاخصة واحتقن محياها، صرخت وصراخها ذهب أدراج الرياح، أنت فصمتت، وصمتها مزق سكون الكون من حولها، فاضت روحها إلى بارئها، تركتها مزقاً وأسمالا بالية».
واستطرد قائلاً: «حملتها بآثامك إلى زوجة ابنك، طالبا لها الحياة بحقنة دواء أبت الصغيرة العود بعد أن ذاقت حلو الفناء، أصحبك الشيطان أم أنت الذي اصطحبت، ألم يطلب منك أن تكف، لقد اعتراه الخزي إن لم يكن لك دين فعلى الإنسانية أجب، كيف تحيا بعد أن جعلت عمر الصغيرة كلحظات التعبد في المحراب، وكدقائق الوقوف على جبهات القتال كلحظات الاحتضار والميلاد جميعها كلحظة فراق».