تزداد الأزمة الروسية الأوكرانية تعقيدا مع مرور الأيام ولا أحد يعلم متى تنتهي وكيف، خاصة مع تدخل العديد من الأطراف الخارجية التي تزيد من الوضع تعقيدا وتستمر في تزويد الأطراف بالسلاح والعتاد مما يطول من أمد الأزمة.
ومن هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي تأتي في صف أوكرانيا قلبا وقالبا وترسل شحنات الأسلحة إليها باستمرار، بالإضافة إلى تشجيع الدول الأخرى لإرسال الأسلحة إلى كييف.
الموافقة على قانون لمساعدة أوكرانيا
وفي إطار المساعدات العسكرية المستمرة إلى أوكرانيا، قام الكونجرس الأمريكي بالموافقة على تشريع برنامج "ليند ليز"، القاضي بالسماح للإدارة الأمريكية بإحياء قانون يعود لحقبة الحرب العالمية الثانية لتزويد أوكرانيا بالأسلحة بوتيرة سريعة.
ويأتي هذا القانون الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن رغم التحذيرات الروسية المستمرة للدول الغربية من تزويد أوكرانيا بالأسلحة ووقفها تماما، إلا أن الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة لا تعطي للتحذيرات الروسية انتباها وتواصل إمداد كييف بالأسلحة والمعدات العسكرية المختلفة.
كما صدق بايدن على القانون بشكل رسمي في يوم احتفال روسيا بعيد النصر الذي هزم فيه الاتحاد السوفيتي النازيين بألمانيا في الحرب العالمية الثانية، مما يوحي بأن هناك قصدا من إصدار هذا القانون في هذا التوقيت، مما دعا الخبراء للتحذير من التبعات الخطيرة لإقرار وإحياء القانون الذي يرتبط بحقب عالمية دموية، كونها قد تمثل نذير شؤم وعلامة على أن تاريخ الحروب العالمية قد يعيد نفسه، وتمثل صبا للزيت على نار الأزمة الأوكرانية وربما تقود حتى لصدام عسكري مباشر بين موسكو وواشنطن.
برنامج "ليند ليز" لمساعدة الحلفاء
ويعتبر برنامج "ليند ليز" برنامجا أمريكيا صادرا منذ الحرب العالمية الثانية يسمح للإدارة الأمريكية بتقديم مساعدات طارئة لحلفائها في حال كانت المخاطر الأمنية التي تواجه حلفاء واشنطن حيوية بالنسبة للولايات المتحدة ذاتها.
وحسب البرنامج بإمكان الولايات المتحدة تقديم مساعدات عسكرية للحلفاء واسترجاع المعدات إن كانت صالحة وضرورية بالنسبة لواشنطن بعد انتهاء الخطر، وبإمكانها أيضا منح قروض طويلة الأجل للحلفاء ليدفعوا ثمن المساعدات.
وكان هذا البرنامج مستخدما لمساعدة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وخاصة الاتحاد السوفيتي وبريطانيا.
تصعيد خطير للأزمة الأوكرانية
ومن جانبه، قال رامي إبراهيم، الباحث في الشؤون الدولية، إن قانون الإعارة والتأجير الخاص بدعم أوكرانيا والذي وقع عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن، في نفس يوم احتفال روسيا بانتصار الاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، يعد خطوة في غاية الخطورة وتصعيدا مباشرا للأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضاف إبراهيم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن القانون يسمح بتزويد أوكرانيا بالأسلحة والمساعدات اللوجستية، وهو ما يؤكد الرغبة الأمريكية، ليس على مستوى القيادة السياسية فقط بل على مستوى المؤسسات الأمريكية، في ضرورة دعم كييف في مواجهة روسيا حتى يتم استننزافها عسكريا واقتصاديا ضمن الصراع المستمر بين الغرب والشرق، وهو ما يعود بنا إلى حقبة الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي استطاعت واشنطن من خلال عوامل مشابهة إلى حد ما من تفكيكه، والهيمنة على العالم منفردة.
وأبدى الباحث في الشؤون الدولية، تخوفه من تبعات هذا القانون، خاصة وأنه قد يطيل أمد الأزمة إلى سنوات وقد تتوسع العمليات العسكرية في دول شرق أوروبا وخاصة تلك الدول التي تمر منها الأسلحة والمساعدات العسكرية واللوجستية إلى أوكرانيا وهو ما يجعلها هدفا للقوات الروسية التي قد يعتبرها طرفا في الحرب.
مخاوف عالمية من تداعيات الأزمة
وأشار إلى أنه من المخاوف أيضا توسع نطاق العمليات العسكرية ما قد يدفع إلى حرب عالمية ثالثة وتفاقم معاناة البشرية في ظل تداعيات أزمة وباء كورونا، وأيضا فقدان العالم لنسبة كبيرة من المحاصيل الزراعية التي كانت تأتي من أوكرانيا وروسيا.
كما تخوف إبراهيم من وتيرة التحذيرات والتهديدات الروسية التي ترتفع من حين لآخر، فيما يتعلق بالتسليح الغربي لأوكرانيا، كما أنها سبق ولوحت باستخدام السلاح النووي عند الضرورة، وهذا ما يجعل السيناريوهات المتوقعة اغلبها كارثية.
دعم أوكرانيا لمواجهة روسيا
وأشار إلى أنه لا يوجد قانون في الولايات المتحدة الأمريكية يصدر مصادفة، حيث إنها دولة لها نظام مؤسسي تعمل من خلاله، وتفعيل مثل هذا القانون مدروس ومخطط جيدا والهدف منه دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.
واختتم إبراهيم قائلا: "أتمنى أن تجد جميع الأطراف مخرجا للازمة قبل فوات الأوان، لأن الشعوب لا تستطيع تحمل تداعيات هذه الحرب إلى جانب تداعيات أزمة وباء كورونا التي ألقت بظلالها على كافة شعوب العالم".