وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية، الخميس، في زيارة هي الأولى له منذ العام 2017، حيث تعول أنقرة على الزيارة إنهاء مرحلة من التوتر في العلاقات بين البلدين و"إطلاق حقبة جديدة".
3 أهداف يسعى أردوغان تحقيقها
وحطت طائرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مطار مدينة جدة غرب المملكة العربية السعودية، مساء الخميس، وكان في استقباله في المطار أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل.
واستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في قصر السلام بمدينة جدة، الرئيس التركي، وقد أقام خادم الحرمين مأدبة عشاء رسمية تكريما للرئيس التركي، وفق وسائل إعلام سعودية.
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ثقته برفع العلاقات مع السعودية إلى مستويات عالية، وفتح الباب أمام تطوير العلاقات، وذلك في أول تعليق له عن زيارته إلى المملكة.
وكتب الرئيس التركي على حسابه الرسمي باللغة العربية في "تويتر": "أجرينا زيارة إلى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين، ونحن كدولتين شقيقتين تربطهما علاقات تاريخية وثقافية وإنسانية، نبذل جهودا حثيثة من أجل تعزيز جميع أنواع العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية، وبدء حقبة جديدة بيننا".
وأضاف أردوغان: "نحن نؤكد في كل مناسبة أننا نولي أهمية لاستقرار وأمن أشقائنا في منطقة الخليج مثلما نولي أهمية لاستقرارنا وأمننا. ونؤكد أننا ضد جميع أنواع الإرهاب، ونولي أهمية كبيرة للتعاون مع دول منطقتنا ضد الإرهاب".
وتابع: "أنا على ثقة بأننا سنرفع علاقاتنا إلى مستوى أفضل مما كانت عليه في الماضي. وزيارتنا هذه التي تأتي في أيام رمضان الفضيل المليء بالرحمة والمغفرة والعطف ستفتح الأبواب أمام عهد جديد مع المملكة العربية السعودية الصديقة والشقيقة".
إطلاق مرحلة جديدة من العلاقات
وعلى نفس الصعيد وقبيل مغادرته البلاد، قال أردوغان للصحفيين "سنحاول إطلاق حقبة جديدة وتعزيز كافة الروابط السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية"، مضيفا "آمل أن توفر هذه الزيارة فرصة لتعزيز العلاقات القائمة على الثقة والاحترام المتبادلين".
وتابع الرئيس التركي: "نعتقد أن تعزيز التعاون في مجالات تشمل الدفاع والتمويل هو في مصلحتنا المشتركة".
وتأمل أنقرة أن تبشر هذه الزيارة بعهد جديد في العلاقات بعد جهود مكثفة لإصلاحها بعدما شابها من توتر في السنوات القليلة الماضية، وأن تنهي هذه الزيارة بشكل كامل مقاطعة غير رسمية فرضتها السعودية على الواردات التركية في العام 2020، حيث خفضت المقاطعة الواردات التركية للمملكة بنسبة 98%.
ويعاني الاقتصاد التركي منذ سنوات، وتعرضت الليرة لأزمة في أواخر 2021 بسبب اتباع سياسة نقدية غير تقليدية يدعمها أردوغان مما دفع التضخم للارتفاع لأكثر من 60%.
وقد تسعى أنقرة إلى اتفاق مع الرياض على غرار اتفاقات قائمة لمبادلة العملة مع الصين وقطر وكوريا الجنوبية والإمارات تبلغ قيمتها 28 مليار دولار إجمالا.
من جانبه قال المفكر السياسي والمتخصص في الشأن التركي، الدكتور بشير عبد الفتاح، إن العامل الاقتصادي هو المحرك الأساسي لزيارة الرئيس التركي إلى المملكة العربية السعودية، لافتا أن "سياسة صفر مشاكل" لم يتبناها أردوغان ولكن من وضعها رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد دود أغلو، "اختلف فيما بعد مع أردوغان وأسس حزب عارض ويسعى إلى الترشح للرئاسة التركية في الانتخابات القادمة".
سياسات أردوغان واقتصاد بلاده
وأشار عبد الفتاح - في تصريحات لـ "صدى البلد"، إلى أن سياسة أردوغان التصادمية جعلته يدخل في مشاكل متعددة مع دول المنطقة ومنها مثلا سوريا، التي كانت أقرب الدول العربية إلى تركيا جغرافيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا إلى درجة أن العلاقات بين البلدين وصلت لمستوى شخصي بين زوجة الرئيس التركي والسوري وتم إلغاء تأشيرة الدخول بين البلدين.
وتابع: كانت العلاقات في أوجها وفجأة تحولت إلى النقيض 180 درجة، وضف إلى ذلك مصر والسعودية والإمارات وباقي الدول العربية والغربية، فشخصية الرئيس التركي أردوغان لم تكن تحبذ "سياسة صفر مشاكل".
ولفت عبد الفتاح، أن الضغوط الاقتصادية التي تعرضت لها تركيا جعلت أردوغان يراجع نفسه، موضحا أن مشكلة الاقتصاد التركي أنه يعتمد على الخارج في كل شيء، فهو يعرف جيدا يعمل ويصنع الإنجازات ولكن مصدر الإنجازات من الخارج وأقصد هنا مدخلات الصناعة أو ما يطلق عليه رجال الاقتصاد المادة الخام.
وأشار إلى أن النفط والغاز والاستثمارات والتكنولوجيا جميعها من الخارج، إضافة إلى أنه يحتاج إلى الأسواق الخارجية من أجل تسويق منتجاته، فالاقتصاد التركي لا يستطيع الاستغناء عن العالم على العكس من الاقتصاد الروسي، الذي لديه المقومات من مواد خام ومدخلات تصنيع وغيرها، وكذلك الصين التي تستطيع التصنيع وتسويق منتجاتها محليا نظرا للحجم الهائل من السكان، فالصين لا تحتاج إلى أسواق خارجية على العكس من روسيا حال تعرضت لأزمة مثل الذي حدث معها بعد الحرب في أوكرانيا.
ولفت عبد الفتاح، أن الاقتصاد التركي يختلف عن اقتصاد روسيا والصين، فأنقرة تقوم باستيراد المدخلات من أجل التصنيع ثم تتجه بعد ذلك إلى الخارج لتسويق ما تنتجه، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها الاقتصاد التركي بدأت قبل ظهور جائحة "كوفيد 19"، ثم زادت بعد الجائحة حتى وصلت إلى ذروتها عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا، فدفع كل ذلك بالرئيس التركي إلى البحث عن فتح أفق لاقتصاد بلاده حتى يتجاوز الأزمة.
وأكد: لم يكن أمام أردوغان سوى الاستثمارات الخليجية والسياحة الخليجية والأسواق الخليجية، فهو يحتاج إلى الثلاثة منشطات جدا لإنعاش اقتصاد بلاده، إضافة إلى المواد الخام الخليجية من نفط وغاز وغيره؛ لذلك بدأ في عمل استدارة استراتيجية مع الإمارات أولا ثم مع السعودية ثانيا إضافة إلى الكويت وعمان والبحرين ناهيك عن أن العلاقة مع قطر مفتوحة ولم تتوقف.