أُلْغِيَتْ رحلة كان الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ينوي القيام بها إلى العاصمة الأوكرانية كييف لأنه على ما يبدو "ليس موضع ترحيب من الجانب الأوكراني".
أوكرانيا ترفض الرئيس الألماني
وخلال زيارته الحالية للعاصمة البولندية وارسو، قال شتاينماير، الثلاثاء، إن الرئيس البولندي أندريه دودا اقترح في الأيام الماضية أن يتوجه كلاهما بصحبة رؤساء دول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا) إلى كييف "من أجل وضع وإرسال إشارة قوية للتضامن الأوروبي المشترك مع أوكرانيا".
وأضاف شتاينماير: "كنت مستعدا لذلك، لكن يبدو كما لاحظت أن هذا الأمر ليس مرغوبا في كييف".
وكانت صحيفة "بيلد" الألمانية، أكدت أن الرئيس فرانك فالتر شتاينماير يعتزم زيارة كييف الأربعاء، لكن الجانب الأوكراني لم يؤكد بعد "استعداده لاستقباله"، قبل أن تكشف في تقريرا آخر لها "إلغاء الزيارة".
وكتبت الصحيفة، نقلا عن مصادر في الحكومة الأوكرانية، أن "كييف غير راضية عن دور شتاينماير السابق في بناء العلاقات مع روسيا".
وأضافت: "كييف الرسمية تتعذر بأنها غير مستعدة بعد للقاء، ومن الممكن أن يتم ذلك في وقت لاحق"، مشيرة إلى أنه "في الوقت ذاته، الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي مستعد للقاء سياسيين أوروبيين آخرين".
وشتاينماير، الذي يشغل منصب رئيس البلاد منذ عام 2017، قال في وقت سابق، إنه "ارتكب أخطاء سياسية، وأنه لم يكن عليه أن يدعم خط نقل أنابيب الغاز الروسي إلى أوروبا (السيل الشمالي 2)".
واعترف شتاينماير - بأخطاء فيما يخص السياسة الروسية خلال منصبه السابق كوزير للخارجية.
وكان شتاينماير وزيراً للخارجية مرتين في حقبة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، كانت آخرهما من 2013 إلى 2017، وقبل ذلك كان رئيسًا لموظفي المستشار السابق غيرهارد شرودر.
وخلال هذا الوقت، سعت ألمانيا إلى الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحافظت على علاقات وثيقة في قطاع الطاقة.
كما دعم شتاينماير مشروع خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 المثير للجدل، والذي انتقد بشدة بشكل خاص من قبل أوكرانيا.
وكان السفير الأوكراني في ألمانيا أندري ميلنيك أعلن مطلع الأسبوع الجاري في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أن أوكرانيا تنتظر زيارة المستشار أولاف شولتس أكثر من زيارة شتاينماير.
ولفت أن زيارة الرئيس الألماني ستكون ذات طابع رمزي وحسب "والأفضل أن يأتي المستشار أو أعضاء آخرون من الحكومة الألمانية ممن يتخذون قرارات ملموسة بشأن مزيد من الدعم الكبير لأوكرانيا".
أسباب رفض الرئيس الألماني
وفي هذا الصدد قال مؤسس أمانة المهاجرين بالحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) بولاية براندنبورج، محمد صلاح، إن الرئيس شتاينماير كان يؤيد سياسة ألمانيا تجاه روسيا في العقود الماضية، والتي من الواضح أنها فشلت فشلاً ذريعاً.
ولفت في تصريحات لـ"صدى البلد": أولا كوزير للمستشار في عهد جيرهارد شرودر وبعدها كوزير خارجية في حكومة ميركل، اعتمد شتاينماير دائمًا على التعاون الوثيق مع روسيا وتجنب الانتقاد المباشر لبوتين.
وأضاف أن لذلك اتهم السفير الأوكراني في برلين، أندريه ميلنيك في تصريح بالتاجس شبيجل، الرئيس الفيدرالي شتاينماير، بأنه "أقام شبكة عنكبوتية من الاتصالات مع روسيا لعقود".
وقال ميلنيك: "بالنسبة إلى شتاينماير، كانت العلاقة مع روسيا ولا تزال شيئًا أساسيًا، بل ومقدسًا، بغض النظر عما يحدث - حتى الحرب العدوانية لا تلعب دورًا رئيسيًا".
وأشار صلاح: "من بين أمور أخرى، فشتاينماير دافع عن مشروع خط أنابيب الغاز الألماني الروسي نورد ستريم 2 حتى النهاية . في مقابلة مع "Rheinische Post" في فبراير، وأعلن أن علاقات الطاقة هي "الجسر الأخير بين روسيا وأوروبا" لكن مع بدء الحرب الروسية والانتهاء الرسمي لخطط خط الأنابي، اعتذر شتاينماير عن سوء التقدير".
وتابع صلاح: "على صعيد آخر إذا نظرنا إلى الوراء، فإن أوكرانيا تنتقد دور شتاينماير بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014. في اتفاقيات مينسك التي تم الاتفاق عليها في العام 2015 بوساطة ألمانية وفرنسية، تعهدت أوكرانيا بحقها بمنح الانفصاليين المواليين لروسيا في شرق البلاد حكمًا ذاتيًا واسعًا، ومع ذلك، لم يتم تنفيذ الشرط الأكثر أهمية في المعاهدة: إنهاء القتال بين قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليين".
ولفت صلاح، أن فرص زيارة المستشار الاتحادي لـ كييف ليست جيدة حاليا بعد ما فعلته أوكرانيا تجاه رئيس البلاد، في حين أن في المؤتمر الصحفي الفيدرالي اليوم الأربعاء، أوضح المتحدث باسم الحكومة فولفجانج بوشنر، أن دعوة الرئيس الفيدرالي لا تؤثر فقط على شتاينماير ، ولكن أيضا على الممثل الأعلى لجمهورية ألمانيا الاتحادية، كما ترك الباب مفتوحًا بشأن ما إذا كان المستشار أولاف شولتز (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) سيقبل دعوة أوكرانيا لزيارة كييف.
وعن أسباب الترحيب بشولتس، أكد صلاح، أن أوكرانيا تعول على موافقة الحكومة الألمانية بتوريد أسلحه ثقيلة كالدبابات وأسلحه دفاع جوي ومدفعية من ألمانيا وهذا تابع لصلاحيات المستشار وحكومته ولهذا أشار أيضا سفير أوكرانيا بأنه ينبغي للمستشار أن يذهب إلى بلاده لكن دون أن يكون خالي الوفاض بخلاف معارضة ألمانيا لحظر استيراد الغاز الروسي ودور ألمانيا في عدم تدخل الناتو بالصراع وفرض منطقة حظر طيران، بخلاف أن ألمانيا كانت تعد أكبر مانح مالي وداعم اقتصادي لأوكرانيا الأعوام السابقة.
وعن رد فعل الحكومة الأوكرانية لهذا الموقف، أوضح: "ربما أدركت الحكومة الأوكرانية الآن أن إهانة رئيس أهم دولة بالاتحاد الاوروبي شتاينماير ليست أذكى طريقة للتعامل مع حليف مهم حتى وأن كان مواقفه سابقا داعمه لروسيا، إلا أنها صراحة كانت تعد نهج المانيا خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية بأن تتوسع تجاريا واقتصاديا مع كافه الدول، وفي حين (نفى) رئيس أركان زيلينسكي سيرهي ليشتشينكو لشبكة CNN اليوم الأربعاء أن الرئيس الأوكراني رفض عرض شتاينماير للزيارة".
واختتم: "من خبرتي فأن المستشار الألماني حكيم وغير مندفع واتخاذ قرار حكومي ليس بالأمر السهل خصوصا بمثل هذه القضايا وذالك نظرا لتعدد أطراف مشاركة بالحكومة من ثلاثة أحزاب بما فيهم المستشار وهذا يجعلهم دائما مختلفين لكن القرار يكون بالغالب الأصوب والأعقل وفي الصالح العام".
رد فعل شولتز على أوكرانيا
ومن ناحيته، عبر المستشار الألماني، أولاف شولتز، الأربعاء، عن انزعاجه لعدم استقبال الرئيس فرانك فالتر شتاينماير في أوكرانيا.
وقال الرئيس الألماني إن نظيره البولندي اقترح أن يتوجها إلى أوكرانيا مع قادة آخرين لإظهار التضامن، لكن "هذا على ما يبدو لم يكن مرغوبا في كييف".
وسبق وصرح فرانك فالتر شتاينماير، أمس، خلال زيارة لبولندا، بعد أن نقلت صحيفة "بيلد" الألمانية عن دبلوماسي أوكراني لم تحدد هويته قوله إنه غير مرحب به في كييف في الوقت الحالي لأنه كان لديه علاقات وثيقة مع روسيا في الماضي، نقلا عن "أسوشيتد برس".
وقال شتاينماير، إن الرئيس البولندي أندجي دودا، اقترح عليه السفر إلى العاصمة الأوكرانية مع رؤساء ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا لإرسال "إشارة قوية حول التضامن الأوروبي المشترك مع أوكرانيا".
وقال إنه كان مستعدا للقيام بذلك، كما اعترف الأسبوع الماضي بأخطاء في السياسة تجاه روسيا عندما كان وزيرا للخارجية.
وتطالب أوكرانيا ألمانيا بتوريد أسلحة ثقيلة، مثل الدبابات وقطع المدفعية.
يشار إلى أن الكثير من كبار الساسة الغربيين قابلوا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنيسكي في كييف؛ وهؤلاء هم زعماء بولندا وبريطانيا والنمسا والتشيك وسلوفينيا وسلوفاكيا، بالإضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين، التي زارت كييف يوم الجمعة الماضي.