الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الابتزاز الإلكتروني ..هل تكفي نصائح رجال الدين وتغليظ العقوبات لمواجهة الجريمة البشعة؟

الابتزاز الإلكتروني
الابتزاز الإلكتروني

انتشرت مؤخرا جرائم الابتزاز الإلكتروني، والتي وصلت في بعض الحالات إلى إقدام الضحية على الانتحار خوفًا من الفضيحة التي ستلاحق أسرتها على يد شخص معدوم الضمير والأخلاق.

وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن المجتمع المصري بحاجة إلى تعميق التشريعات القانونية حتى تشمل كافة النواحي السلبية على مواقع التواصل الاجتماعي بما فيها "الابتزاز والتنمر والتحرش وكبح جماحها".

وأضاف شوقي علام، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج "نظرة" المذاع على قناة "صدى البلد"، أن "الابتزاز الإلكتروني جريمة بشعة ومخالفة للشرع الشريف؛ لأن فيها كذب وتجني على الآخرين وانتهاك الخصوصية وفضح الناس على غير الحقيقة".

وتابع مفتي الجمهورية: "نحن الآن في البداية وسيأتي إلينا سيل من التقدم التكنولوجي فيما بعد ولا بد من إيجاد أرضية أخلاقية وقانونية، وتربية النشء على القيم الحميدة" موضحا أن "وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية عليها عبء كبير في ترسيخ القيم الحميدة".

وسبق وأصدر  الأزهر الشريف بيان أكد خلاله أن "تلك الأفعال من الابتزاز الإلكتروني لبعض الناس تحرمها الأديان، وتجرمها القوانين، وتأباها التقاليد والأعراف، كما طالب المجتمع بالوقوف إلى جانب الضحايا وتجنب الخوض في الأعراض".

مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية

قانون العقوبات وتجريم والابتزاز

وقال النائب إيهاب رمزي، وهو أستاذ قانون، في تصريحات تلفزيونية، إن قانون العقوبات يجرم الابتزاز والتهديد وانتهاك حرمة الحياة الخاصة وقانون تقنية المعلومات يجرم كل الجرائم على الوسائل المعلوماتية.

وأضاف أن أقصى عقوبة لجريمة الابتزاز والتهديد بإفشاء الأسرار تصل إلى خمس سنوات سجن، مشيرا إلى وجود مشكلة تشريعية بسبب ثبات العقاب في هذا الصدد.

وأشار إلى أن أسباب الانتحار حتى لو تسبب فيها آخرون لا يعاقب عليها القانون، متابعا أن القانون يعاقب على الإيذاء البدني الذي يؤدي إلى الوفاة وليس الإيذاء النفسي.

ولفت البرلماني إلى وجود قصور تشريعي، إذ إن القوانين المنوطة بهذا الأمر قديمة (قانون العقوبات من سنة 1949)، لافتا أن "الجرائم المستحدثة تحتاج إلى تشريع جديد يعالج الموضوع".

ونصت المادة (59) من الدستور على أن "الحياة الآمنة حق لكل إنسان، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها، ولكل مقيم على أرضها"، كما أكدت المادة (90) من الدستور أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات التى يكلفها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوة الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم".

وكشفت دراسة أعدتها لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، ارتفاع جرائم الابتزاز الإلكتروني، وأن شهري سبتمبر وأكتوبر 2021، شهدا تقديم 1038 بلاغا بجريمة إلكترونية.

ونجحت وزارة الداخلية في ضبط غالبية المتهمين في هذه الجرائم حتى الآن، وأن آخر 10 أيام في شهر أكتوبر 2021، شهدت بمفردها وقوع 365 جريمة إلكترونية، لتؤكد الدراسة أن أغلب الجرائم الإلكترونية كانت نصبا واحتيالا وتركيب صور للفتيات وبيع أدوية غير صالحة للاستخدام الآدمي ومنتهية الصلاحية عبر الإنترنت إلى جانب تجارة آثار مزورة عبر صفحات الإنترنت.

وكانت وقائع  الابتزاز الإلكتروني السبب الرئيسي في العديد من حالات الانتحار التي شهدها المجتمع خلال الشهور الأخيرة، ومنها: انتحار الطالبة "هايدى" بمحافظة الشرقية، وسبقتها بأيام الطالبة "بسنت" بمحافظة الدقهلية، الأمر الذي طالب معه حقوقيون وبرلمانيون، بضرورة التصدي لهذه الظاهرة.

النائبة مارثا محروس
النائبة مارثا محروس

مشروعا قوانين وضحايا الابتزاز

وتقدم عدد من النائبات بمشروعات قوانين، كانت في مقدمتهن النائبة مارثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والتي تقدمت للبرلمان بمشروع قانون بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (175) لسنة 2018 - في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بهدف مكافحة الاستخدام غير المشروع لتقنيات المعلومات وما يرتبط بها من جرائم، مع التزام الدقة في تحديد الأفعال المعاقب عليها، وتجنب التعبيرات الغامضة.

واستبدلت المادة الأولى من مشروع القانون نص المادة (25) من القانون رقم (175) لسنة 2018 - في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات بالنص الآتي:

"عاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استعمل برنامج معلوماتى أو تقنية معلوماتية في انتهاك حرمة الحياة الخاصة والاعتداء على الخصوصية الشخصية أو العائلية للغير من خلال التصوير أو التسجيل أو التصنت عليه دون علمه وموافقته أو في غير الحالات المصرح بها قانونًا، أو القيام بنشر معلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية الغير دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة".

"وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتي ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا دفعت الأفعال المبينة بهذه المادة بالغير إلى الانتحار، كما تم تغليظ العقوبة من الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر إلى الحبس مدة لا تقل عن عامين، بالإضافة لتغليظ الغرامة المالية، وذلك نظرا لما أفرزه الواقع العملي من عدم تحقيق العقوبة الواردة فى النص السابق للردع العام".

كان من أشهر ضحايا الابتزاز الإلكتروني خلال الشهور الماضية، بسنت خالد البالغة من العمر 17 عاما من مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، والتي انتحرت بعد أن حاول أحد الأشخاص ابتزازها بصور مفبركة عن طريق ابتلاع حبة سامة تستخدم لحفظ الغلال.

كما تخلصت هايدي ابنة محافظة الشرقية والبالغة من العمر 15 عاما - من حياتها نتيجة تداول صور خادشة لها من أحد الحسابات على موقع "فيس بوك"، حيث تناولت قرصاً ساماً من الأقراص التي تُستخدم في حفظ حبوب الغلال.

وهناك أيضا رحيق الطالبة بالصف الثالث الإعدادي، وتعيش مع أسرتها في إحدى قرى مركز شبين الكوم، بمحافظة المنوفية، حيث تعرضت لواقعة ابتزاز إلكتروني قبل أن يعرف والدها ويطلب المساعدة؛ لتتدخل الشرطة فورا وتلقي القبض على صاحب واقعة الابتزاز. 

بسنت خالد
بسنت خالد

طرق الإبلاغ عن ابتزاز إلكتروني

إذا قام شخص ما بمشاركة صور حميمية لك دون موافقتك أو يهدد بالقيام بهذا، فإليك فيما يلي بعض الخطوات الأولى التي يمكنك اتخاذها والتي يوصي بها الخبراء:

  • الاتصال على رقم الخط الساخن (108) المخصص لـ جرائم الابتزاز، أو الاتصال على الرقم الأرضي 0224065052، أو الإتصال برقم 0224065051 للتواصل مباشرة مع إدارة تكنولوجيا المعلومات.
  • التقط لقطات شاشة واطبع الصفحات التي تشمل الصور والتهديدات قبل اتخاذ أي خطوات لحذف الصور ربما يكون نشر أو التهديد بنشر أشياء مثل هذه غير قانوني في المكان الذي تعيش فيه، وربما تحتاج إلى لقطة شاشة أو تسجيل آخر للمنشور حتى تستخدمه كدليل إذا كنت ترغب في اتخاذ إجراء قانوني.
  • التوجه إلى أقرب قسم شرطة ومن ثم تقوم بتقديم كافة الأدلة عن الابتزاز لسرعة القبض عليه، أو تقوم بإبلاغ الإدارة الخاصة بمكافحة كافة جرائم الحاسبات الموجودة بالمقر الخاص بوزارة الداخلية، هذا بجانب إمكانية إرفاق كافة البيانات الخاصة بالمبتز وتحميلها على الموقع الإلكتروني الذي خصصته وزارة الداخلية لاستقبال البلاغات عن الجرائم الإلكترونية.

وقال الدكتور فتحي قناوي، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث، إنه: "يجب متابعة الأبناء، وعدم تجاهل مشاعرهم حتى لو أظهروا لنا الصمت أمام بعض الأزمات التي يتعرضون لها، لأن الكتمان في بعض الحالات يجعل الابن ينفجر فجأة بشكل قد يؤدي لفقدانه".

ولفت إلى أهمية الانتباه لخطورة مواقع التواصل الاجتماعي، قائلا: "لا يجب التعامل مع أي شخص إلا إن كنا نعرفه جيدا، ونتأكد من هويته، ونعرف الدائرة المحيطة به والأشخاص المشتركين بيننا، قبل إجراء حوار معه، حتى لا نتحول إلى فريسة سهلة أمام مثل هؤلاء الأشخاص الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم ويصبحون مثل الشيطان المتخفي، وفي حال عدم معرفة الشخص الذي نتواصل معه بشكل جيد فإن إغلاق الباب من البداية هو التصرف السليم".

وبين أنه "يجب الحرص الشديد عند وضع أي صور شخصية على أي حساب من حسابات التواصل الاجتماعي، لأن مثل هؤلاء "الشياطين" يمكنهم استخدامها بشكل مسيء، فهناك من يتنكرون على مواقع التواصل الاجتماعي وينتحلون صفات أطباء، أو خبراء تجميل، أو ملابس أو غيره".

وشدد: "القانون رادع في التعامل مع الابتزاز الإلكتروني"، مختتما: "لكن أولا يجب التحرك والتقدم بإبلاغ الجهات المعنية، لأن تردد البعض في الإبلاغ عن الابتزاز والتحرش الإلكتروني يحمي هؤلاء المجرمين".

أرشيفية
أرشيفية