أحكام العدة بعد وفاة الزوج .. الحياة الزوجية بين الزوجين تنتهي إما بالطلاق أو بموت أحدهما ، وفترة العدة تختلف باختلاف نوع الفٌرقة، وذلك لاستبراء الرحم حتى لا تختلط الأنساب إذا ما تزوجت المرأة زوجًا آخر، وكذا لاعتبارات نفسية ومعنوية وصحية لا تخفى على المتأمل في الحكمة من تشريع العدة بعد انتهاء الزواج.
حكم خروج المرأة بعد وفاة زوجها
قالت دار الإفتاء إن الأصل في المعتدة من وفاة زوجها لا تخرج من بيت الزوجية إلا لحاجة، وصلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد؛ فعن عبد الله بن سويد الأنصاري "رضي الله عنه" عن عمته أم حميد رضي الله عنها امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: أنها جاءت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي» قال: فأمرت فبُنِيَ لها مسجدٌ في أقصى شيءٍ من بيتها وأظلمه، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله جل وعلا» أخرجه ابن حبان وابن خزيمة.
وأضافت الإفتاء، في ردها على سؤال ورد إلى صفحتها الرسمية يقول صاحبه: "هل يجوز صلاة التهجد في المسجد للمرأة وهي في شهور العدة؟"، أن ظاهر كلام المالكية جواز الخروج للمعتدة إلى المسجد؛ قال العلَّامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل": "ولا يُمنعن من الخروج والمشي في حوائجهن ولو كنَّ معتدات وإلى المسجد".
فعلى ما سبق، فالأصل أن مكوث المرأة في بيتها وصلاتها في بيتها خير لها من الخروج إلى المسجد، أما على ما ذهب إليه المالكية فيجوز لها الخروج إلى المسجد وصلاة التراويح والتهجد فيه.

أحكام عدة المرأة المتوفى عنها زوجها
قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من أحكام العدة أن المرأة تبيت في منزل الزوجية فلا تبيت خارج مسكن الزوجية.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء، أنه يباح للمرأة أن تخرج نهارا لقضاء حاجاتها الضرورية مثل شراء مسلتزمات البيت أو العمل أو زيارة أقاربها، والمهم أن تعود مساءا للبيت في مسكن الزوجية.
وأشار إلى أنه قد تحدث ظروف تمنع المرأة من البيت في مسكن الزوجية، كأن تكون مريضة ولا تجد من يرعاها أو تخاف النوم بمفردها في المنزل، فعند الضرورة يجوز لها أن تخرج لمسكن آخر تبيت فيه.
وأوضح إنه يجب على المرأة التى مات زوجها ثلاثةُ أمور وهى: أولًا: إذا خرجت لقضاء إحتياجتها أو للقيام بزيارةٍ وغيرهما من الأمور الضرورية؛ وجب عليها ألا تبيت خارج مسكن الزوجية، ثانيًا: ألا تضع الروائح العطرية، ثالثاُ: تبتعد عن أدوات الزينة من ذهب وفضة وحرير وهكذا.
وأشار إلى أنه يجوز للأرملة الخروج لقضاء مصالحها الخاصة، ويجوز لها خلافًا لما اشتهر عند بعض العوام أنْ تُمشّط شعرها، وتتعاهد نظافة جسمها، وألّا تُلزم نفسها بالسّواد فقط، وأنْ تكلّم الرّجال من غير المحارم للضرورة، وأنْ تردّ على الهاتف، وأنْ تمارس حياتها الطبيعية ما دامت ملتزمة بالشروط السابق ذكرها.
وأكد أنه تجري أحكام العدّة على المرأة التي مات عنها زوجها سواءً كانت صغيرةً أو كبيرةً، وسواءً كان الزوج قد دخل بها أم لم يدخل، وسواء بلغت سن اليأس أم لا؛ فعدة المتوفى عنها زوجها تستوى فيها جميع النساء على اختلاف أحوالهن .
ومن جانبه قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، إن عدة المرأة فى الطلاق أو وفاة الزوج ليست لحبسها عن الخروج من البيت ولكن لمنعها من السفر أو المبيت خارج المنزل.
وأضاف جمعة، فى لقائ تلفزيوني ردا على متصلة "أبى توفى وأمى لا تطيق الجلوس فى البيت بمفردها فما حكم خروجها؟ أن الوالدة لا يحق لها مثلا الذهاب لأداء العمرة أو تذهب للفسحة فى الساحل الشمالى أو الجنوبى ولها أن تخرج بجوار منزلها أو فى منطقة مجاورة لها وتعود للمبيت فى المنزل من أجل الترويح عن النفس.
كفارة خروج المرأة بعد وفاة زوجها
قال الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه في حال لم تقضِ الأرملة –المرأة المتوفي عنها زوجها- فترة عدتها في بيت الزوجية دون علمها بعدم جواز ذلك، فلا إثم ولا كفارة عليها.
وأوضح «وسام»، في إجابته عن سؤال: «بعد وفاة زوجي رحمه الله تعالى، لم استطع المكوث بالمنزل، وذهبت إلى بيت ابني وقضيت عنده مدة العدة، لأنني كنت أعاني حالة نفسية صعبة، كيف أكفر عن هذا؟»، أن عدة المرأة الأرملة المتوفىعنها زوجها تبدأ من تاريخ وفاة الزوج وتستمر أربعة أشهر وعشرة أيام هجرية، فإذا التزمت بيت زوجها في تلك المدة بها ونعم.
وأضافت: وإذا لم تلتزم المرأة الأرملة عن عمد مع علمها بالحُكم الشرعي في هذه المسألة، وبأنه لا يجوز، فعليها إثم وكفارته أن تستغفر الله تعالى كثيرًا فقط، وليس هناك عدة تقضيها بعد ذلك، وليعفو الله تعالى عما فات.
عدة المرأة الكبيرة في السن المتوفى زوجها
قال الدكتور على جمعة، مفتي الجهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن عدة الوفاة فريضة على كل امرأة مات عنها زوجها سواء كانت عجوزًا أو غير عجوز وسواء كانت تحيض أو لا تحيض والمدخول بها وغير المدخول بها سواء في لزوم عدة الوفاة.
واستشهد « جمعة» في فتوى له، بقول الله -تعالى-: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»، ( سورة البقرة الآية 234).
وأضاف مفتي الجمهورية السابق أن الآية الكريمة عامة في كل زوجة مات عنها زوجها لقوله تعالى «أَزْوَاجًا» فيجب على كل زوجة مات عنها زوجها أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام إلا إذا كانت حاملًا فتعتد بوضع الحمل على الراجح من أقوال أهل العلم.

وفي السياق نفسه، نبه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن العدة تنقسم الى ثلاثة أقسام، أولًا: عدة المعتدة من طلاقًا رجعي، ثانيًا: المعتدة من طلاقًا بائنا، ثالثًا: المعتدة من من وفاة زوجها.
وأضاف « الطيب» خلال لقائه ببرنامج «حديث شيخ الأزهر » عبر فضائية «القناة الأولى»، أن عدة المتوفى عنها زوجها حدد لها القرأن عدتها بأربعة أشهر و10 أيام لقوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، وهذا نص قرأني لا جدال فيه، كذلك يوجد عدة للمرأة الحامل أو من كانت حاملًا ومتوفى عنها زوجها، وعدتها أن تضع الحمل لقوله -تعالى-: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.
شروط العدة للمرأة المتوفى زوجها
قالت دار الإفتاء، إنه يجوز للمرأة المتوفَّى عنها زوجها أن تنتقل من مسكن الإحداد إن لم تكن آمنةً فيه، أو خافت الريبة، إلى مسكن آخر تأمن فيه على نفسها ومالها، ولا إثم عليها في ذلك ولا كفارة.
جاء ذلك في إجابتها عن سؤال «كنت متزوجة، وبعد 20 يومًا من زواجي توفي زوجي، وكنت أعيش معه في منزل العائلة، وكان يسكن معنا إخوته الشباب، ولهذا السبب تركت المنزل قبل أن أُتمَّ عِدَّتي. فهل عليَّ إثم؟ وما كفارة ذلك؟ وبالنسبة لقائمة الأثاث ومؤخر الصداق ما حقي الشرعي فيهما؟»
وأضافت: «أنه فيما يختص بقائمة الأثاث فإنها حقٌّ لكِ لا تدخل في تَرِكة زوجك أصلًا؛ لأنها من مقدَّم الصداق عُرفًا، وكذلك مؤخر الصداق هو حقٌّ لكِ يُعَدُّ دَيْنًا يؤخذ من التركة قبل توزيع الميراث».

3 أمور لا يجوز للأرملة فعلها في فترة العدة
أكد الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أنه يجب على الأرملة التي توفي عنها زوجها أن تعتدَّ أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غير حاملٍ.
واستشهد عاشور، بقول الله تعالى: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» [البقرة: 234]، وفي (الصحيح) عن زينب بنت جحش، وعن أم حبيبة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحدُّ على ميِّتٍ فوق ثلاث، إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشرًا».
وشدد على أنه يتعين على الأرملة في فترة العدة ترك الزينة،لحديث أم عطية في (الصحيحين) قالت: «كنا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ على ميِّتٍ فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبًا مصبوغًا إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ، وقد رُخِّصَ لنا عند الطُهْرِ، إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نُبْذَةٍ مِنْ كُسْتِ أظفار، وكنا نُنْهَى عن اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ».
ونبه على أنه يجب على المرأة أن تبقى في بيت زوجها الذي كانت فيه قبل وفاته، فلا تخرج منه حتى تنقضي عدتها إلا للحاجة في النهار وللضرورة في الليل، مؤكدًا أن خروج المرأة للعمل أثناء عدتها جائز شرعًا.

هل يجوز الإقامة عند الأبناء في فترة العدة
قال الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إنه لا يجوز للمرأة التي مات عنها زوجها الخروج من منزلها طوال فترة العدة إلا عند الضرورة القصوى كما لا يجوز لها أن تخرج لأداء العمرة.
وأضاف خلال إجابته عن سؤال ورد إلى الصفحة الرسمية لدار الإفتاء إن الأرملة لا تتزين ولا تتعطر خلال فترة العدة ولكن لها أن تخرج للعمل إذا كانت موظفة أو تذهب للطبيب إذا كانت مريضة مرضا شديدا يستوجب عرضها على الطبيب ويجب العودة للمبيت في منزل الزوجية.
وأوضح ممدوح أنه لا يجوز شرعا أن تذهب إلى ابنها أو ابنتها للمبيت عند أحدهما طوال فترة العدة بحجة أنها مقيمة وحدها بالمنزل أو أنها تمر بحالة نفسية سيئة حزنا على فراق الزوج.