قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

في ذكرى ميلاد الرافعي.. ماذا قال عن الزعيم مصطفى كامل؟ |نوستالجيا

×

تمر اليوم ذكرى ميلاد المؤرخ المصري عبد الرحمن الرافعي، والذي ولد في الثامن من فبراير سنة ١٨٨٩، فقد كتب مقالًا سنة ١٩٤٨ مقالًا في مجلة المصور، حمل عنوان "تعلمت من مصطفى كامل" إذ تحدث خلاله عن الخصال التي أخذها وتعلمها من الزعيم الوطني مصطفى كامل.

تأثير روحاني

وفي بداية المقال الذي كتبه الرافعي ذكر وقال: تعلمت الوطنية من الزعيم العظيم «مصطفی کامل». اتصلت به منذ سنة 1906، إذ كنت طالبا بمدرسة الحقوق . وقبل ذلك، أثناء دراستي بمدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية، كنت أقرا جريدة «اللواء». فمنذ سنة 1904 -كنت أذهب كل أسبوع مرة إلى قهوة مشهورة بحی رأس التين تسمى قهوة «الحاج أحمد» تجاه سرای محسن باشا. وكان صاحبها يحضر لنا «اللواء التي كان يصدرها الزعيم مصطفى كامل"، ولم تكن في ذهني صورة واضحة عنه، لأني كنت في الخامسة عشرة من عمري. ولم أكن رأيته ولا سمعته فلما ذهبت إلى القاهرة والتحقت بمدرسة الحقوق في أكتوبر سنة 1904 بعد اتمام دراستي الثانوية، أخذت أتردد أنا ولفيف من إخواني الطلبة على قهوة تسمى «قهوة الحقوق» بشارع عابدین، على ناصية شارع الصنافيري (على باشا ذو الفقار الآن) تجاه مـدرسة الحقوق حينذاك (ثكنات الحرس الملكي الآن) وبدأت أقرا «اللواء» قراءة فهم وإدراك، فكانت تعجبني مقالات الزعيم وروحه ولما أضرب طلبة الحقوق في فبراير سنة 1906 وكنت من المضربين نفسي إلى رؤية مصطفى كامل، وكان «اللواء» يناصر الطلبة في كافة مطالبهم، إذ كان إضرابهم احتجاجا على نظام فرضه علينا الاحتلال فذهبت مع كثير من زملائي الطلبة إلى دار اللواء، ورأيت الزعيم لأول مرة، وقابلته وسمعت حديثه، فشعرت بتأثيره الروحاني ينفذ إلى أعماق قلبي، ومنذ ذلك الحين اتخذته إماما لي في الوطنية، وصار بمثابة أبي الروحي في المبادىء والمثـل العليا. وأكثرت من التردد على دار اللواء کی اقابله وأراه وأستزيد من سماع صوته. فكان يفيض علينا بالأحاديث التي غرست في نفوسنا ونفوس الجيـل مبادىء الوطنية الصادقة . كان يهش لنا ويعطف علينا عطف الاستاذ على تلاميذه وسمعت خطبه بعد ذلك .. فزادت تعاليمه في نفسي رسوخا وتوكيدا ولعله رحمه الله قد توسم فيان اكون من تلاميذه الحافظين لعهده . فعرض على في سنة 1907 - وكنت لا أزال طالبا بالحقـوق - أن يوفدني في بعثة صحفية إلى باريس للتخصص في الصحافة بعد حصولي على إجازة الحقوق. تقبلت هذه الثقة شاكرا، ولكن المنية عاجلته يوم 10 فبرايرسنة ۱۹۰۸، قبل تخرجي في المدرسة. فطبعت وفاته في نفسي مبادئه وتعاليمه، وصارت عقيـدتي الوطنية. وإلى هذه الصلة الروحية اشرت في كتابي عن د مصطفی کامل سنة 1939، إذ أهديت الكتاب إلى روحه، وقلت في كلمة الإهـداء: "إلى من كانت حياته للأمة بعثا وطنيا، من كان لي أبا روحيا، وسأبقى له تلميذا وفيا. من علمني أن الحياة بغير المثل العليا عرض زائل، وعبث ضائع، إلى مصطفى كامل - اهدی کتاب «مصطفی کامل»، هدية الوفاء إلى روحه العظيمة» تعلمت من مصطفى كامل أن «لا معنى للحياة مع اليأس، ولا معنى لليأس مع الحياة» تعلمت منه أن الجلاء هو الرمز الصحيح للاستقلال الصحيح، وأن الاستقلال والاحتلال، ضدان لا يجتمعان، وأن "كل احتلال أجنبي هو عار على الوطن وبنيه"

مبادئ وطنية



ويضيف الرافعي: تعلمت منه أن مصر والسودان جزءان لا ينفصلان من وحـدة سياسية واقتصادية لا تقبـل التجزئة، وأن لا استقلال ولا أمن لكليهما إذا احتلت أحدهما دولة أجنبيـة، وأن ارتباط مصر والسودان ضرورة حيوية لهما وبخاصة لمصر، لأن مصر هي النيل وهي تستمد منه حياتها، فلا طمأنينة على حياتها واستقلالها إذا سيطرت دولة أخرى على السودان. تعلمت هذه الحقائق من مصطفی کامل.. ولا أزال أذکر ما قاله في خطبة له بلندن سنة ١٩٠٦: «لكي يدرك الإنسان أسباب تألم المصريين من الاحتلال الانجليزي، يجب عليه أن يتذكر أن السياسة البريطانية نزعت منا السودان ظلما.. وهو روح وطننا» وقوله فيها: «أن فؤاد كل مصرى ليمتلىء حزنا وأسی، عندما يفكر في هذا الجزء من وادي النيـل، المحكوم على حدة، المسلوب من مصر، السائدة فيه انجلترا - تعلمت منه أن «الأمل دليل الحياة ورائد الحرية» و«أن مصر جديرة بأن تحب بكل قوة، بكل عاطفة، بكل جارحة، بكل نفس، بكل حياة» و «أن قيام كل رجل حى الشعور شريف الميول بواجباته نحو هذه البلاد العزيزة، يرد إليها حريتها ومجدها وعزها» وأن «الحياة جهاد والعمر قصيره وخير الناس من جاهد في سبيل بلاده، وعمل خيرها، وناصل عن حقوقها» تعلمت منـه «أن سلاسل الاستعباد هي سلاسل على كل حال، سواء أكانت من ذهب أم من حديد» وأخيرا تعلمت منه أن نعـد أنفسنا لجهاد طويل، لا تراجع فيه ولا هوادة وانطبع في نفسي ما أوصانا به في خطبته بالإسكندرية سنة 1907، اذ قال: إننا لا نعمل لأنفسنا بل نعمل لوطننا. وهو باق ونحن زائلون، وما قيمة السنين والأيام في حياة مصر، وهي التي شهدت مولد الأمم كلها.وابتكرت المدنية والحضارة للنوع الانساني کله، وقد نهلن منه أيضا أن العامل الواثق من النجاح يرى النجاح أمامه كأنه أمر واقع، ونحن نرى من الآن هذا الاستقلال المصرى ونبتهج به وندعو إليه، كأنه حقيقة ثابتة. وسيكون كذلك لا محالة. فمهما تعددت الليالي وتعاقبت الأيام، وأتي بعد الشروق شروق، وأعقب الغروب غروب، فإننا لا نمل ولا نقف في الطريق، ولا نقول ابدا: لقد طال الانتظار.. رحم الوطنية وباعثهـا معانيها ومبادئها الله مصطفى كامل.