لا يزال التوتر قائما على الحدود الفاصلة بين روسيا وأوكرانيا، حيث تحشد موسكو قواتها استعدادا لشن هجوم محتمل شرق أوكرانيا.
وتسعي الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا التي ترأس الاتحاد الأوروبي حاليا والولايات المتحدة الأمريكية وعدد من المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى حل الخلاف بين روسيا وأوكرانيا دون اللجوء إلى أي غزو للأراضي الأوكرانية.
وفي إطار سعيها لعدم اللجوء إلى الحرب، قام عدد من المسؤولين الأوروبيين والرئيس الأمريكي جو بايدن، بالتواصل مع المسئولين الروس لحثهم على عدم شن أي هجوم ضد أوكرانيا، حتى لا تتعرض المنطقة بأثرها للتوتر.
ومن جانبه قرر الرئيس الفرنسي، اليوم الإثنين، زيارة موسكو لحثها على التهدئة وخفض التوتر على الحدود الروسية الأوكرانية، فيما اعتبر محللون أن لها مآرب أخرى كالبحث عن زعامة بأوروبا ومزيد من الثقة قبيل الانتخابات الرئاسية.
الصراع بين روسيا وأوكرانيا
وفي هذا الصدد قالت الدكتور نورهان الشيخ، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، إن هناك جهود فرنسية وألمانية من خلال زيارات متبادلة لخفض التوتر بين الغرب وروسيا، كما أن هناك جهود أوروبية لاحتواء هذا التوتر، لأن أي توتر وأي عمل عسكري سوف يصل لجميع أطراف أوروبا.
وتابعت الشيخ من خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، لا أعتقد اندلاع الحرب بين روسيا والدول الأوروبية بالرغم من التصعيد الأوكراني الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، لافتة أن هناك ضربات تقوم بها أوكرانيا على الأحياء السكنية في دونباس، ولكن من الصعب قيام حرب مفتوحة.
وأشارت إلى أنه من الممكن أن تقوم أوكرانيا بعمل عسكري لإخضاع منطقة الضباط لسيطرتها، كما حدث من قبل في العام 2014، ولكنها تعتقد أن قوات الدفاع الشعبي في دونباس قادرة على ترد على أي محاولة عنف.
واختتمت: "من هنا سوف تظل الحرب أهلية، وإذا حدثت اندلع صراع في شرق أوكرانيا فسوف يكون بين قوات كييف وبين قوات الشعب في دونباس".
وقد قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، اليوم الاثنين، إن روسيا لا تتوقع انفراجه حاسمة أو حدوث اختراق من خلال اجتماع واحد بين الرئيسين بوتين وماكرون.
وأضاف بيسكوف أن الأزمة الأوكرانية ستهيمن على المحادثات، موضحًا "الوضع معقد للغاية بحيث لا يمكن توقع اختراقات حاسمة خلال اجتماع واحد".
لكنه أشار إلى أن روسيا تدرك بعض الأفكار الخاصة بخفض التوترات التي تحدث عنها ماكرون في وقت سابق وخطط لمشاركتها مع بوتين.
وتابع بيسكوف أنه "لا يمكن الحديث عن تهدئة التوترات بينما تواصل الحكومات الغربية الحديث عن هجوم روسي وشيك على أوكرانيا"، لافتًا إلى أن موسكو لم تسمع أي جديد في الأيام الأخيرة بشأن الضمانات الأمنية التي تطلبها و"يفضل الغرب عدم الحديث عنها".
ومن هنا أعلن الكرملين، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الأزمة الأوكرانية وقضية الضمانات الأمنية التي تطالب موسكو حلف الناتو بتقديمها لها.
سلسلة من المحادثات الدولية
وجاء في بيان للكرملين، صدر في أعقاب الاتصال الهاتفي بين الزعيمين، أنهما "تبادلا الآراء بالتفصيل في سياق الأزمة الأوكرانية الداخلية والوضع المتعلق بتقديم الضمانات الأمنية الملزمة قانونيا لروسيا".
وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن الطرفين اتفقا على أن التصعيد لا يخدم مصلحة أي طرف.
ويحاول ماكرون الحصول على التزامات وضمانات من نظيره الروسي إيمانويل بين لتخفيف التوترات مع أوكرانيا.
وأجرى ماكرون سلسلة من المحادثات الهاتفية مع الحلفاء الغربيين بما فيهم بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال الأسبوع الماضي، وذلك قبل توجهه لروسيا، وسيتبعها غدًا بزيارة إلى العاصمة الأوكرانية كييف، حيث سيقدم الدعم والكثير من رأس المال السياسي في مهمة قد تكون محرجة إذا عاد خالي الوفاض.
وقال مصدر مقرب من ماكرون لوكالة "رويترز": "نحن نتجه إلى عرين بوتين، إنها رمي لحجر النرد من نواح كثيرة".
وحشدت روسيا قرابة 100 ألف جندي بالقرب من أوكرانيا والذي دفع الغرب إلى اتهامها بسعيها لغزو كييف، والذي نفته موسكو مرارًا وتكرارًا.
وذكر مصدران مقربان من ماكرون أن أحد أهداف زيارته هو كسب الوقت وتعليق الأمر لعدة أشهر، على الأقل حتى انتهاء الانتخابات الفرنسية التي تعقد في أبريل المقبل.
وحاول الرئيس الفرنسي ــ الذي اشتهر بغزواته الدبلوماسية التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة منذ توليه السلطة في عام 2017 ــ إقناع بوتين ومواجهة ذلك على مدار السنوات الخمس الماضية، وأدت جهوده إلى إقامة حوار وثيق مع الزعيم الروسي، فضلاً عن انتكاسات مؤلمة.
لكن وفقًا لصحيفة "بوليتيكو"، قد يسعى الرئيس الروسي اليوم إلى "إذلال" ماكرون، ففي الشهر الماضي، استخدم بوتين قراءة مكالمة مع الزعيم الفرنسي لانتقاد استجابة الغرب لمطالبه.
وكان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أكد استعداد بوتين لمواصلة بحث المسائل التي تم التطرق إليها خلال الاتصالات الهاتفية الأخيرة، وكذلك توضيح قلق موسكو وموقفها مما ورد في الرد الذي تلقته من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على مقترحاتها بخصوص الضمانات الأمنية.
وتأتي هذه الزيارة قبل أقل من 3 أشهر من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، ويتوقع مستشاروه السياسيون احتمال تحقيق مكسب انتخابي من ذلك، على الرغم من أن ماكرون لم يعلن بعد ما إذا كان سيرشح نفسه.