خلال الندوة التي أقيمت بمعرض الكتاب في نسخته الـ٥٣ والتي حملت عنوان: "تراثنا مستقبلنا" تحدث الدكتور أحمد مرسى، أستاذ الأدب الشعبى ومؤسس المعهد العالى للفنون الشعبية، عن واقع التراث العربي خلال الوقت الراهن.
وقال الدكتور أحمد مرسى مازلت أشعر أن القابض على قضية التراث الشعبي أو التراث الثقافي غير المادي، كالقابض على الجمر، فأنا أكافح منذ خمسين عاما من أجل الحفاظ على تراثنا الشعبي سواء في مصر أو غير مصر، لكن كما قلت لم يثمر هذا النضال قدر إثماره في الشارقة بالإمارات وذلك بسبب دعم السلطان "القاسمي"، فقد خصت اليونسكو الشارقة واعترفت بمعهد التراث بالشارقة مركزا معترف به ومسئول عن دعم التراث غير المادي في المنطقة العربية، إذ وجد الشيخ القاسمي تربة خصبة لدعم هؤلاء الشباب الذين اهتموا بالتراث بدورهم، فالتراث الشعبي مصاب بلعنة ما، ويحتاج لطرد هذه الأرواح "الشريرة"، فنحن لم نقصر أبدا في خدمة التراث، وأنا أرى أن العرب لم يجتمعوا على شيء سوى على التراث الشعبي، كما أننا الثقافة الوحيدة في العالم التي أنتجت سيرة بطلتها امرأة وهي؛ "الأميرة ذات الهمة".
تراث ثقافي
ويضيف الدكتور أحمد مرسي ويقول: التراث الثقافي المادي يسهل استيعابه، فإذا تم كسر تمثال -على سبيل امثال- فيمكن ترميمه مرة أخرى، لكن التراث غير المادي لا يمكن بأي حال أن نستوعبه مرة أخرى فحين يضيع فهو يضيع للأبد، فأغلب الاهتمام المرتبط بالتراث الثقافي ، موجه إلى التراث الثقافي المادي، فهذه هي إحدى المشكلات، فقد ذكر "حكيم أفريقي" وقال: إذا مات راوي حكايات شعبية أفريقي فكأن مكتبة قد احترقت، فبالفعل فهذا الأمر صحيح، فبعد هؤلاء الرواة نتيجة المد السلفي الذي اجتاح منطقتنا، تركوا غناء المواويل لأنه فن "حرام"، وهذا بالمناسبة على عكس الحقيقية لأني لم أجد في المواويل ما يدعوا للحرمانية، إذ إنها لا تحمل أي إيحاءات جنسية، أو ما شابه ذلك، فالمواويل لا تحمل أي قيم منحطة، وذلك لأن الوجدان الشعبي، دائما ما يقف في صف الإيجابي وليس السلبي، وفي صف القيم الرفيعة، وليست الوضيعة، لكن للأسف الشديد كانوا -هم- أعلى صوتا، للك فما زالت هناك الكثير من التحديات الكبيرة التي تواجه التراث خلال الفترة المقبلة، لذلك أتمنى المحافظة على التراث غير المادي لأنه من السهل أن يضيع في أي وقت.
وفي نهاية حديثه قال الدكتور أحمد مرسى، أنه لا يوجد ما يسمى بـ"الفلكلور الشعبى" بل اسمه "التراث الشعبى" أو المأثورات الشعبية، وأن الاهتمام الأكاديمى بالتراث الشعبى قاصر، وأن الفضل يعود إلى الدكتور عبد الحميد يونس الذي أسس دراسات التراث الشعبى بجامعة القاهرة، كما أن مصطلح الفنون الشعبية جرى حصره في فنون الرقص والغناء الشعبى، وأن المغنين الشعبيين دخلوا الأوبرا بعد ما كان الأمر حلما حلم به الدكتور عبد الحميد يونس الذى أخبره برغبته بدخول الفنانين الشعبيين إلى الأوبرا.
وفي حديثه قال الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث إننا دائما ما نحاول أن نعلي من شأن التراث، الذي عادة ما يكون مهملا من جانب الحكومات فهو لايوجد له الأولوية لكننا في الشارقة أنشأنا معهدا للتراث، بدعم من الشيخ القاسمي، فنحن نسعى لإيجاد خبراء جدد، لصون وحظ التراث الثقافي، فالمعهد أيضا يصدر أكثر من 50 إصدار في السنة، وقد تم الاهتمام بالتراث المادي وغير الماي في كافة الدول العربية من جانبنا.