أقيم ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة عن الكاتب والمفكر الراحل طه حسين والتي حملت عنوان "تكريم طه حسين" وتحدث خلالها الدكتور أنور مغيث أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بجامعة حلوان.
تيارات فكرية
وفي بداية حديثه قال أنور مغيث إن كتاب "قادة الفكر" والذي كتبه طه حسين في الثلاثينيات هو كتاب يتحدث عن أفراد كان لهم تأثير في الفكر العالمي ومنهم أفلاطون وأرسطو ويوليوس قيصر، فهو يقول أنه لا يهتم بشخصياتهم، لكن بالأثر الذي تركوه في العالم. فقد بذل حسين جهد كبير حتى أصبح الكتاب ضمن المناهج التعليمية في للمرحلة الثانوية، وعندما تحدث عن الشعر الجهالي قال إن الشعر الجهالي عربي، بينما الشعر اليوناني إنساني فقد ساعد ذلك على تحرير العقل؛ ونمو العقل بدوره يحقق نمو في الفكر الذي يقودنا في النهاية لفكرة "الديمقراطية" فالفلسفة اليونانية هي التي تدير العقل الإنساني، فحين نقرأ هذا الكلام نسأل: ألم تتأثر اليونان بحضارتنا القديمة؟ فطه حسين لا ينكر تأثير الشرق على اليونان؛ سواء من خلال عقائدهم أو هندستهم المعمارية وكذلك شتى مجالاتهم، فقد استنتج طه حسين أيضا أن المصريين القدماء برعوا في البناء، لكن اليونانيين هم من أسسوا علم الهندسة، وهذا ما ميز اليونان عن حضارات الشرق القديم، كما أن الشيء الذي يميز اليونان هو "علم الفلسفة" فقد قدموا الكثير من التأملات بعكس التأملات التي كانت موجودة في الشرق، والتي غلب عليها طابع "الأسطورة" فعندما جاء الفلاسفة في اليونان كانت الكثير من كتاباتهم تحمل الكثير من التيارات الفكرية، لذلك كتب طه حسين في نهاية كتابه هذا "لدى الشرق أنبياء وفي اليونان فلاسفة".
النخبة الحاكمة
ويضيف مغيث ويقول إن الكتاب الأخير الذي لا يزال يثير ضجة هو كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" وهو عبارة عن تقرير مقدم لوزارة التعليم في مصر، قول إننا جزء من حضارة البحر المتوسط، فهناك من يحاول أن يلقينا في حاصنة الغرب المستعمر، وهنا يشير أننا لسنا غرباء عن حوض البحر المتوسط، إذ يرى أن علاقتنا وثيقة به أكثر من بلاد الهند وفارس، كما يستعرض الكثير من الشواهد التي تؤكد هذا الزعم، ففي الألف الأولى قبل الميلاد تواجد اليونانيين داخل مصر، وكان هناك تبادل بين الدولتين منذ عصر الدولة الوسطى.
والشاهد الأخر هو المقاومة الشديدة التي قام المصريون ضد الفرس، وحسبما جاء الإسكندر الأكبر ومع الوقت حدث توطين للثقافة اليونانية مع الحضارة المصرية، ومع الوقت تحولت الكتاب داخل الإسكندرية إلى اللغة اليونانية، وفلاسفة مدرسة الإسكندرية مثل أفلوطين وغيره كانوا مصريين لكنهم كتبوا باليونانية وقد تحولت الإسكندرية إلى المدينة الأولى التي عبرت عن الثقافة اليونانية، فقد كانت الثقافة اليونانية هي ثقافة النخبة الحاكمة فقد استمر المصريون لحوالي 10 قرون يكتبون باليونانية متأثرين بكتابتهم.
طريق الحداثة
ومن هنا فنحن حين نقول أننا ننتمي لحوض البحر المتوسط ورغم اختلاف اللغة والدين، إلا أن مجال البحر المتوسط أدى لوجود الكثير من المجالات الحضرية التي كونها البحر المتوسط، فكي ندخل للحداثة علينا أن نقبل بالمواطنة وتحرير المرأة فهذا ما أراده طه حسين، والذي طلب أن نتخلص من الاستبداد في مقابل الديمقراطية، وسعينا لتحقيق العدالة في المجتمع، وقد كتب طه حسين أن علينا أن نؤمن بأن ثقافتنا هي "بحر أوسطية" وليست غير ذلك، وفي النهاية يجب علينا أن نشعر بوجود علاقة حميمية بين إحدى الدول وهي بالطبع ليست بفرنسا أو انجلترا لكنها اليونان والتي هي طريقنا إلى الحداثة.