علق الدكتور مبروك عطية، العالم الأزهري، علىحكم الانتحاروقيام البعض بتكفير كل منتحر دون معرفة دوافعه، قائلاً: الانتحار حرامٌ شرعًا؛ والمنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، وقد ارتكب ذنبًا كبيرًا.
وقال «عطية» في إجابته عن سؤال: «هل المنتحر كافر؟» إن الكفر وغير الكفر يتوقف على سؤالالمنتحروقناعه به قبل الموت، فلو كان مقتنعاً بأن الانتحار حلال فهو كافر، ولو قال بأن الزنا والخمر حلال فهو كافر، لأن من أحل شيئاً حرمه الله خرج من الملة».
وأشار إلىأن كل منتحر يصلى عليه ويدعى له بالرحمة ولا نملك له غير الرحمة، لافتاً إلى أنه لا يعقل أن كل من تعرض للظلم يقدم على الانتحار، معتبرًا أن أغلب البشر يشعرون بالظلم فلا يعقل أن يقدموا جميعا علىالانتحار.
ونصح الشباب بأن يبتعدوا عن مواقع الظلم ويعيشوا مع من يحبوهم ويكثروا من الخطا إلى المساجد ويواظبوا على صلاة الجماعة، أما من ظلم غيره فلن يتركه الله تعالى والذي كان سببا في انتحار المظلوم.
حكم الانتحار دار الإفتاء
شددت دار الإفتاء، على أنالانتحارحرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإجماع المسلمين؛ قال الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» (النساء: 29)، وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.
حكم المنتحر دار الإفتاء
وأكدت أنالمنتحرواقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى علىالمنتحرويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين؛ قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 441): [(وغسله) أي الميت «وتكفينه والصلاة عليه» وحمله «ودفنه فروض كفاية» إجماعًا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء في ذلك قاتلُ نفسِهِ وغيرُه].
لا يجوز الانتحار بدعوى رفض المهانة أو التعذيب
فيما رفضت دار الإفتاء المصرية،الانتحارأيًا كان موضوعه، فلا يجوزالانتحارلتوقي الشرور، كالاغتصاب والتعذيب، فالمسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم.
وفصلت: «لأنه لا يجوز للفتاة أن تنتحر خوفًا من أن تغتصب، وعليها مقاومة الغاصب حتى لو وصل الأمر إلى قتله، وإن قتلها هو فهي شهيدة؛ لموتها وهي تدافع عن عرضها، وكذلك غيرها -ممن يتعرض للمهانة والتعذيب- له مقاومة التعذيب والمهانة، ولكن لا يجوز لهؤلاء الانتحار بدعوى أن الانتحار أشرف له من قبول الأسر والتعذيب».
وألمحت إلى أن المسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومة الظلم قدر استطاعته، وغير مأمور بالانتحار وقتل النفس خروجًا من البلاء أو هروبًا من المشاكل.
الانتحار يتم بطريقتين وكلاهما حرام شرعًا
وأشارت دار الإفتاء إلى أنالانتحاريتم بطريقتين، أولهما « طريق الإيجاب» وثانيهما « طريق السلب»، موضحة أنالانتحاربطريق الإيجاب يعني إزهاق النفس بالفعل، كاستعمال السيف أو الرمح أو البندقية، أو أكل السم، أو إلقاء نفسه من شاهق، أو في النار ليحترق، أو في الماء ليغرق، وغير ذلك من الوسائل، فهو انتحار بطريق الإيجاب.
وواصلت: أماالانتحاربطريق السلب فهو إزهاق النفس بالترك، كالامتناع من الأكل والشرب، وترك علاج الجرح الموثوق ببرئه، أو عدم الحركة في الماء، أو في النار أو عدم التخلص من السبع الذي يمكن النجاة منه، فهو انتحار بطريق السلب
حكم الانتحار بنية صالحة
نبه الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أنالانتحاركبيرة من الكبائر ومصيبة وذنب عظيم قد يؤدي بالإنسان إلى جهنم وبئس المصير.
وأضاف« شلبي» فى إجابته عن سؤال «ماحكم الانتحاربنية صالحة؟»، أنه لا يوجد شيء يسمي الانتحار بنية صالحة، فالانتحار نفسه كبيرة من الكبائر، ويحرم على الإنسان التفكير فيه، والمُنتحر أمره موكل إلى الله وتعالى، ناصحًا من يفكر في الانتحار بأن يستغفر الله سبحانه وتعالى ولا يعود إلى هذه الأفكار مرة أخرى.
حكم المنتحر
أفاد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بأن الانتحار هو قتل الإنسان نفسه وهو جريمة منكرة ومن الكبائر وفاعله فاسق وآثم ولكنه ليس بكافر بإجماع الأئمة الأربعة.
ولفت «كريمة» خلال لقائه بفضائية "الحدث اليوم"، إلى أن المنتحر لم ينكر معلوما من الدين بالضرورة حتى نكفره ولكنه أقدم على قتل نفسه وخالف قول الله «لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا».
وألمح إلى أن المنتحر فاسق وآثم وارتكب محرما وعند موته يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن فى مقابر المسلمين، مضيفاً: أن الفقهاء قالوا إن المنتحر حسب المشيئة الإلهية فربه أرحم به.
فضل الصبر
أولًا-: على الثواب العظيم في الآخرة قال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ».
ثانيًا: محبة الله قال تعالى: «وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ».
ثالثًا: الجنة لمن صبر على البلاء في الدنيا قال عطاء بن أبي رباح: قَالَ لي ابنُ عَبَّاسٍ: ألَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلتُ: بَلَى، قَالَ: هذِه المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ، وإنِّي أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجَنَّةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ: أصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لي أنْ لا أتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا» (متفق عليه).
رابعًا: تحقق معية الله للصابرين قال تعالى: «وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».
خامسًا: خير عطاء من الله للمؤمن كما ورد في الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ».
سادسًا: لذة الإيمان وحلاوته لمن صبر على ترك المعاصي، «وكذلك ترك الفواحش يزكو بها القلب وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن».
سابعًا: للصابر ثلاث بشائر بشر الله بها فقال تعالى: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ».