الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: المسلمون يؤمنون بالمطلق وبإطلاقية القيم ويعترفون بالنسبي

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن المتأمل في الفكر الإسلامي يجد أن المسلمين قد آمنوا بالمطلق، واعترفوا بالنسبي، وإيمانهم بالمطلق تمثل في إيمانهم بالله فالله سبحانه وتعالى كان قبل الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، وهي الجهات الأربعة التي تحكم الواقع المعيش، والتي ينسب إليها، ولذلك نسمي هذا المتغير بالنسبي، نسبي في الزمان أو نسبي في المكان، أو نسبي في الأشخاص أو نسبي في الأحوال، والله سبحانه وتعالى هو المطلق الفرد الذي لا يحده شيء من ذلك كله.

 

وأضاف علي جمعة، عبر صفحته على فيس بوك، وآمنوا بإطلاقية القيم، فالعدل عدل في كل ذلك –أعني هذه الأربعة- والرحمة رحمة، والظلم ظلم، والقسوة قسوة، ولذلك نرى في القرآن الكريم قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة :8]

 

وتابع علي جمعة ويقول ربنا سبحانه وتعالى : (وَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الأنعام :152] فالإيمان بالمطلق بهذا المعنى أحد أركان الإسلام، والمكون الأساسي للعقل المسلم، فهو من النموذج المعرفي الذي يواجه به المسلم الواقع ويفسره به، ويقومه من خلاله.

وأوضح أننا نستطيع أن نعرف العلمانية، بأنها تؤمن بالنسبية المطلقة، وأن الإيمان بالنسبية المطلقة هو الذي يمثل ما أسماه الدكتور عبد الوهاب المسيري (بالعلمانية الشاملة) وحينئذ فلا بأس عند ذلك المعتقد أن ينكر الله، ولا بأس عنده أن ينحيه من التلقي منه سبحانه وتعالى، أو من تهميشه من الحياة، وتحويل مسألة الإيمان بالله إلى مسألة شخصية جانبية تمثل إيمانا خاصا، ولا تمثل قضية للوجود.

 

وأشار علي جمعة، إلى أن هذه النسبية المطلقة تؤثر كثيرا في التفسيرات اللغوية، وتجعل الكون لا حقيقة له في نفسه، بل إنه كما يراه الراصد، وكما يراه كل إنسان على حدة، فليس للأشياء حقيقة ثابتة، وهو ما ينقلنا إلى مذهب السوفسطائية القدماء وإلى مذهب الغموصية الحلولية، والتي يتصور الإنسان فيها الله جل جلاله داخل الكون، وليس مفارقا له.

وهو التيار الذي شاع في أواسط حركة مع بعد الحداثة، وكاد يتحكم في التيار العام للفكر الغربي في العصر الحديث. وعليه يمكن لنا أن نطبق هذا المدخل على تفصيلات تزيده وضوحا في كيفية التعامل بواسطته مع النصوص الشرعية ومع الواقع المعيش.