الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناقوس خطر ..الجرائم الأسرية سوس ينخر في قوام المجتمع|إحصائية مرعبة والفيوم تتصدر

أرشيفية
أرشيفية

جعل الله الزواج أمنا وسكينة للمتزوجين، ومنح الأزواج رخصة الطلاق إذا ما تعذرت الحياة بينهم وزادت الخلافات بما يصعب معها مواصلة الزواج ، لكن بعض الأزواج أعرضوا عن هذه الرخص وفكروا في حلول سهلة وبسيطة خاصة في حالة وجود خيانة واتخذوا من القتل وسيلة لإنهاء مشاكلهم.

وشهد العامين الماضيين وتحديدا عام 2021، ارتفاعا كبيرا في معدل الجريمة الأسرية وقتل الأزواج بعضهم البعض، لأسباب عدة منها ما يتعلق بالضغوط النفسية أو الاقتصادية التي يعاني منها أحد الزوجين إضافة إدمان الزوج وتعاطيه مواد مخدرة  بتعاطي الزوج للمواد المخدرة أو سقوطه ضحية للإدمان.

وفي التقرير التالي نسلط الضوء على عدد من حوادث قتل الأزواج التي شهدتها محافظات الجمهورية خلال الفترة الماضية وتفسير علماء الاجتماع وعلم النفس لها:

سوس ينخر في قوام المجتمع 

أحدث الجرائم الأسرية شهدتها محافظة الفيوم، حيث نجحت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الفيوم خلال الـ 12 ساعة الماضية في كشف غموض مقتل سائق نقل ثقيل على المعاش، مقيم بشارع مستشفي الزهراء بباغوص يدعى "مصطفى . م . ح"، 68 عاما.

وتوصلت التحريات إلى أن الزوجة متهمة بقتل زوجها بعد خلاف نشب بينهما وسددت لنفسها طعنتين نافذتين لتوهم الشرطة أن لصا هاجم شقتهما وقتل زوجها وأصابها وتم إحالة المتهمة إلى النيابة التى تولت التحقيق فى الواقعة.

كان اللواء ثروت المحلاوي مدير أمن الفيوم تلقى إخطارا يفيد بعثور ابنتي المواطن "مصطفى م ح" 68 سنة على جثة والدهما غارقا وسط دمائه فى شقته السكنية بمنطقة باغوص وإصابة والدتهما "إيمان م" 52 عاما، بطعنتين نافذتين، حيث دخلت الفتاتان الشقة لزيارة والديها فوجداهما غارقين في دمائهما ولم تسمح حالة أمهما بسؤالها لتوضيح الحادث وقامت الابنتين بالصراخ حتى تجمع أهالي المنطقة.

أبلغت الشرطة التي حضرت على الفور، حيث تم نقل الجثة لمشرحة مستشفى الفيوم العام ونقل المصابة لقسم الطوارئ بالمستشفى.

وتعددت الجرائم بين الزوجين "الجرائم الأسرية" خلال شهر لتصل إلى 11 جريمة لأسباب غير واضحة وغير معتاد عليها في مجتمعنا المعروف عنه الترابط الأسري.

وشهدت محافظة أسوان جريمة أسرية بشعة عندما عذب زوج زوجته وأضرم فيها النيران لإخفاء معالم جريمته بسبب مصاريف الولادة، وفي محافظة الإسماعيلية قام مواطن يذبح جاره علنا في وضح النهار.

وأطلق رب أسرة النيران على زوجته وشقيقتها ووالدتها و2 من أبنائه، في محافظة الفيوم، بسبب خلافات بينهما وترك الزوج لمنزل الزوجية، لعدم رغبته في استكمال العلاج بمصحة علاج الإدمان، وبعد أيام من الواقعة تمكنت قوات الأمن من تعقب الجاني وتعاملت معه وقتلته، واستشهد في ذلك قائد قوات الأمن بالفيوم.

وأقدم رب أسرة على قتل زوجته وأطفاله الستة، داخل منزلهم بمركز إطسا بالفيوم، في وقت السحور، حيث انهال عليهم بالسكين وتخلص من 6 أطفال دفعة واحدة، ثم حاول الانتحار بإشعال النيران بنفسه داخل المخبز الخاص به، إلا أنّ الأهالي تمكنوا من الإمساك به وإخماد الحريق، وسلموه للشرطة.

وأقدمت الزوجة ريهام، على طعن زوجها بالسكين، يوم وقفة عيد الأضحى، بسبب خلافات زوجية ومادية، وكشفت التحقيقات أن الواقعة كانت مشاجرة بين الزوجين، وضرب الطرفين بعضهما، فأمسكت المتهمة السكين وطعنت زوجها في الجهة اليسرى من الصدر، فلقي مصرعه خلال محاولة إسعافه.

وبعد وقوع مشادة كلامية بين الزوجين، خرجت الزوجة غاضبة إلى بيت أهلها، ولحق بها الزوج ليعيدها إلى المنزل، وحينما أصرت على ترك منزل الزوجية بقرية جبلة التابعة لمركز سنورس بمحافظة الفيوم، استل سكينا وطعنها عدة طعنات ثم ذبحها في وضح النهار في منتصف الشارع.

وشهدت مدينة المنصورة واقعة مأساوية، عندما لقيت زوجة مصرعها على يد زوجها، بـ11 طعنة قاتلة، بسبب خلافات بينهما، وكشفت التحريات حدوث خلاف بينهما، على إثرها طعن الزوج زوجته عدة طعنات قاتلة، وسمع أفراد العائلة صوت الشجار، وعندما صعدوا إلى شقته ووجودها غارقة في دمائها.

وفي بني سويف قتل  محمود، 37 عاما، زوجته حيث طعنها في رقبتها وصدرها وبطنها ثم كرر الطعنات في جميع أجزاء جسدها إلى أن فارقت الحياة، متاثرة بـ 27 طعنة تلقاها جسدها، بسبب تركها المنزل ورفعها قضية خلع، بسبب الخناقات المتكررة، بعدها قام بقطع شرايين يده بقصد الانتحار. 

أسباب ومخاطر الجرائم الأسرية 

وتعتبر الجرائم الأسرية جرس إنذار قوي ينبهنا إلى ضرورة إعادة النظر في سلوكياتنا وتعاملنا مع بعضنا البعض خاصة داخل الأسرة الواحدة وأهمية الحفاظ على القيم والأخلاق وبناء أجيال سوية قادرة على مواجهة التحديات وصعوبات الحياة.

خبراء علم النفس والاجتماع، أجمعوا على ضرورة العمل جاهدين على تشكيل الوعي للشباب، وإرساء مشروع "ثقافي - أخلاقي" قومي في مواجهة الجرائم الأسرية ووقائع الانتحار، لافتين أن "انتشار الفن الهابط ومشاهد العنف في الأعمال الفنية سببان رئيسيان وراء انتشار تلك الظاهرة".

وعن أسباب ارتفاع معدلات الجرائم الأسرية ووقوع جرائم لم تكن معتادة من قبل، تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الجرائم الأسرية كانت موجودة ولكن لم تكن بهذه المعدلات ولا بهذه الغرابة.

وأوضحت "فايد" في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن معدلات هذه الجرائم في ارتفاع وذلك بسبب عدة عوامل أهمها أننا نعاني منذ سنوات من أزمة غياب للقيم في المجتمع "القيم الأخلاقية والتعليمية والثقافية والدينية" وهذه العوامل تتطلب من المؤسسات المعنية في الدولة الالتفات لها والعمل على أن تعود هذه القيم النبيلة للمجتمع وأن تصبح هي السائدة لأنها الحصانة للفرد وللأسرة من ارتكاب الجرائم.

وأردفت: انتشار تلك الظواهر لسبب آخر وهو تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات والإدمان بشكل كبير جدا وظهور أنواع من المخدرات "المخلقة"، التي تسبب هيستيريا وهلاوس واضطرابات عصبية للتعاطي وللمدمن مما يجعله غير متحكم في سلوكه وغير واعي وهو يرتكب الجريمة، معقبة: "هنا نؤكد أن غياب القيم الأخلاقية والتعليمية والثقافية والدينية وراء تعاطى المخدرات والإدمان".

ولفتت أن المرض النفسي لمرتكب الجريمة أحد الأسباب المهمة في ارتكاب بعض هذه الجرائم، وغالبا ما يكون المرض النفسي كامن ومع ضغوط الحياة وضعف الإرادة والوعي تظهر أعراضه التي قد تؤدي لارتكاب الجريمة أو الانتحار في حين لا يدرى هذا الشخص ولا المحيطين حوله من أهله أنه مريض نفسيا.

وتابعت: "وبالتالي لا يتم تقديم المساعدة العلاجية له ليرجع إنسان سوى وبذلك يكون أكثر عرضة لارتكاب الجريمة".

وأوضحت أن مرض مثل الفصام قد يشكل في ذهن المريض فكرة تلح عليه دائما وهي أن الانتحار هو الحل الأفضل والوحيد لمواجهة الأزمة أو المشكلة والضغوط وأن حياته بعد الانتحار ستكون أسعد وأفضل وأنه سيذهب للجنة، وتظل هذه الفكرة تسيطر عليه حتى تنتهى بالانتحار إذا لم يتم علاجه، ومن هنا لا بد على أفراد الأسرة في حالة ظهور بوادر مرض نفسي عند أحد منهم أن يقدموا له المساعدة الطبية اللازمة من خلال الأطباء النفسيين.

وأوضحت أن الفن الهابط ووسائل الإعلام التي تقدم مشاهد الدماء والعنف والجرائم بشكل مكثف وتقدم دائما أن العنف أو الجريمة هي الحل الأسرع لحل مشاكل الحياة أو لتحقيق المكسب المادي السريع ترسخ في أذهان الشباب هذا النمط وبالتالي يستسهل ارتكاب الجرم خاصة مع توافر عامل أو أكثر من العوامل السابق ذكرها وهي الإدمان وغياب المنظومة القيمية والأخلاقية والدينية والثقافية.

وأكدت أن تفشى الجهل الناتج عن التسرب من التعليم أو عدم التعليم نهائيا يؤدي لعوامل أخرى تؤدي في النهاية لارتكاب الجريمة لأن الشخص الجاهل ليس لديه حصانة أخلاقية ونفسية للسيطرة على نفسه ومواجهة ضغوط الحياة، فيلجأ المخدرات والعنف في حل المشاكل.

وشددت على أن "مواجهة جرائم العنف الأسري يحتاج لجهود كل مؤسسات المجتمع المعنية"، ولا بد من حدوث نهضة تعليمية والقضاء على ظاهرة التسرب من التعليم للقضاء على الجهل وإعداد مشروع " ثقافي - أخلاقي" قومي، يشمل التعليم والثقافة والإعلام والفن لغرس القيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية عند أفراد المجتمع.

وأردفت: "يجب اعتبار مواجهة المخدرات والاتجار فيها والتعاطي والإدمان مشروع قومي تشارك فيه كل المؤسسات المعنية".

ومن جانبه يقول الدكتور أحمد فخري أستاذ علم النفس وتعديل السلوك المساعد، إن مشكلة انتشار الجرائم يرجع أحد أسبابها إلى مشاهد العنف في السينما، فكلما رأيت مشاهد عنف أكثر كلما تقوم بمحاكاة هذا العنف وتطبيقه على أرض الواقع، لأن خلايا المخ تقوم بتصوير مشاهد العنف وتخزينها خاصة في سن المراهقة التي تكون نسبة الاندفاعية فيها أكثر.

وأوضح أن غياب تطبيق القانون والاحتماء في العائلة خاصة في المناطق العشوائية يولد نوع من البلطجة، ويؤكد أن تطبيق القانون بشكل صارم وعادل يكون سبب في تقليل وتحجيم سلوكيات فئة المراهقين وعند سائقي السيارات لأن عدم الالتزام بقوانين المرور يعد نوع من أنواع العنف المجتمعي.

ولفت أن تفشي ظاهرة المخدرات في المناطق العشوائية أثرت على الشباب بصورة كبيرة، بعد ظهور مواد إدمانية جديدة "الفودو والشابو والآيس"، التي تفرز مواد تساعد على التأثير العصبي وفقدان السيطرة على السلوك وهذا ينعكس على بشاعة الجرائم في المجتمع.

ارتفاع معدل جرائم الأسرة

وتشير الإحصائيات والتقارير إلى ارتفاع مخيف في نسبة الجرائم في النطاق العائلي، ووفقا لآخر تصنيف لقاعدة البيانات العالمية «نامبيو»، الخاص بتصنيف الدول حسب معدلات الجريمة بها، جاءت مصر فى المرتبة الثالثة عربيا، والـ 24 عالميًا.

وكشفت دراسات أخرى بجامعة عين شمس عن أن جرائم القتل الأسرى فى مصر تُشكل من ربع إلى ثلث إجمالي جرائم القتل وهو معدل ضخم للغاية.

وأكدت دراسة سابقة للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن نسبة 92% من الجرائم الأسرية تتم بدافع العرض والشرف نتيجة الشك وسوء الظن والشائعات، فضلًا عن أن العامل الاقتصادي من بين أبرز أسباب تضاعف معدلات القتل العائلي، لما أحدثه من مشكلات اجتماعية خطيرة.


-