تحتفي فرنسا خلال الفترة المقبلة بمرور أربعمائة عام على ميلاد الكاتب والمسرحي الفرنسي الشهير "موليير" والذي ولد سنة 1622م بباريس، إذ تقدم خلال الفترة المقبلة ندوات ومعارض وعروضا على مدار السنة احتفاء بهذه المناسبة، التي تخص الكاتب المسرحي الذي لطالما ارتبط اسمه باللغة الفرنسية حتى باتت توصف بأنها "لغة موليير"، ويعد الكاتب المسرحي الفرنسي موليير (1622 - 1673) من الأكثر قراءة وترجمةً وتمثيلاً في عالم اللغة الفرنسية، إذ لا تزال نصوصه المسرحية حاضرة رغم مرور أربعة قرون من كتابتها.
استمدت نصوص موليير قوة تأثيرها من السخرية التي تنطوي عليها فقد رفض الاستبداد ودعت نصوصه تلك للتمرد عليه. لذلك الاحتفالية مجموعة من الفعاليات تبدأ في 15 يناير الجاري مع معرض "موليير، مصنع مجد وطني" الذي يستضيفه "فضاء ريشو" في مدينة فرساي.
كما تقدم ندوة بعنوان "موليير بلا حدود" يُتوقَّع تنظيمها يونيو المقبل في "مسرح مونتانسيا" في المدينة نفسها، حيث تتيح للجمهور الاطلاع على مسيرة موليير الذي بات راسخاً في أذهان الفضاءات اللغوية والثقافية على اختلافها، وخلال شهر مايو المقبل سيتم تدشين تمثال لـ"موليير"، تليه إقامة الدورة الـ26 من "شهر موليير" التي ستضم عروضاً متعلقة بالكاتب في مسارح وشوارع فرساي.
قضايا راقية
لذلك التقينا مع الدكتور جمال ياقوت أستاذ التمثيل والإخراج والإنتاج المسرحي المساعد بقسم المسرح بجامعة الإسكندرية، ورئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، في حوار تحدث خلاله لـ"صدى البلد" وقال إن موليير هو أحد أهم الكتاب المسرحيين في فرنسا، فقد ترك لنا مجموعة مهمة من الأعمال الخالدة وأشهرها بالطبع "طرطوف" و"البخيل" وكان يتميز بأنه متعدد المواهب إذ كان شاعرا وممثلا ومخرجا، وهو أحد أهم أساتذة الهزليات في التاريخ الأوروبي، كما أنه أسس لما يمكن تسميته بالكوميديا "الراقية" فقد ألف ومثل الكثير من المسرحيات التي كتبها، ومثّل 30 مسرحية كانت من تأليفه، وبجانب ذلك كان قادرا على بناء الشخصية المسرحية بصورة كبيرة، فقد عاش أكثر من 50 سنة، قدم خلالها أعمالا هامة جدا خاصة تلك الأعمال الكوميدية الراقية، إذ ناقش قضايا اجتماعية مثل قضايا التطرف الديني والتي ناقشها في "طرطوف" والتي ترتب عليها أن الكنيسة غضبت عليه بل إن أحد القساوسة طالب بحرقه حيًا عقابًا له على ما كان يكتبه، وقد كان بالفعل في صدد تنفيذ هذا الحكم عليه، إلا أن الملك لويس الـ14 استطاع أن يحميه من هذا الحكم.
كاتب مفضل
يضيف ياقوت: موليير هو كاتب مفضل بالنسبة إليّ لكن عندما نتحدث عن كيفية استقبال أعماله في مصر، فيجب أن نعلم أن فترات موليير الأولى في القرن الـ17 لم تكن تصل إلينا أعماله بالطبع خلال تلك الفترة، فقد وصلت أعماله متأخرة وتحديدًا منذ بدايات المسرح في مصر "الكلاسيكية الجديدة"، فأعماله عندما قُدمت داخل مصر لم تكن تترجم بشكل مباشر، إذ كانوا يمصرونها وبالتالي كانت تحدث عملية تباعد عن المجتمعات الغربية، في مقابل التقارب أكثر من المجتمعات العربية، وذلك لمواءمة الأفكار تلك، فكانت تأخذ التيمة الرئيسية من النص المسرحي لكن مناقشتها بشكل مختلف عن طريق تقريبها للثقافة المصرية، لذلك أنا أتصور أن "روح" مسرحياته والحالة التي خلقها استطاع من خلالها أن تناقش مسرحياته بشكل عالمي وليس بشكل أوروبي أو فرنسي، فقد لامست أفكاره والقضايا التي طرحها جميع سكان العالم.
وضع المسرح
وبخصوص وضع المسرح في مصر خلال تلك الفترة تحدث جمال ياقوت وقال: المسرح ينقسم لأنواع عدة والكوميديا التي تقدم هي جزء مهم من أدوار المسرح، لكني دائمًا ما أستغرب من حالة القلق التي يحاول البعض تقديمها في صورة أن المسرح المصري يعاني، فلا يجب أن نقلق على المسرح المصري، لأن هناك أشياء مهما حاولت التكنولوجيا التغلب عليها فستظل باقية، لأن المسرح هو فن "اللحظة الحية" ولن تستطيع التكنولوجيا مهما كانت أن تنافسه بسبب تلك الميزة التي لا يمكن أن توفرها الوسائل التكنولوجية الحديثة، بالعكس -من رأيي- أرى أن المسرح نفسه استطاع أن يستفيد من تقنيات الفيديو والتكنولوجيا ولم يدخل في صراع معها، إذ سخرها في خدمته وأدت إلى تطوره بصورة كبيرة، فقد تطور المسرح بفضل استخدامه لآليات التكنولوجيا الحديثة.