ترجم جمال المراغي عشرات الدراسات المسرحية، كما قدم كتابه "جولة في فنون العرض المسرحي"، والصادر عن الهيئة العامة المصرية للكتاب، والذي حاول خلاله تجاوز الركود سعيًا إلى فتح آفاق جديدة نحو فنون المسرح، سواء المستجد في الفنون المعروفة لدينا أو المستحدث منها، وذلك في محاولة منه لدفع المسرحيين وخاصة "الشباب" نحو استكمال البحث عما يناسب ويفيد المسرح في بلادنا.
ومنذ أيام وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال فعاليات "قادرون باختلاف" وقد وجه حديثه لدعم المسرح خلال الفترة القادمة، لذلك تحدثنا مع الكاتب والباحث جمال المراغي، مدير تحرير سلسة آفاق عالمية والتي تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، إذ قدم إلينا رؤيته لإصلاح المسرح المصري خلال الفترة المقبلة.
وفي بداية حديثه لـ"صدى البلد" قال جمال المراغي : أرى أن المسرح المصري منذ زمن توقف تطوره، فهناك أكثر من 21 وظيفة للمسرح، لكننا نقف فقط عند وظيفة "الترفيه" دون سواها، فهذه وظيفة هامة، لكن في الخارج -وما أقصده هنا- دول أوروبا الشرقية، وكذلك إفريقيا، ودول أمريكا الجنوبية، بدأوا يفكرون في المسرح منذ سنوات بعيدة باعتباره الوسيلة الوحيدة المؤثرة في أفراد الشعب، نتيجة الاحتكاك المباشر مع الجمهور، فجميع الوسائل الإعلامية لا توفر مثل هذه الأمور التي يوفرها المسرح، لأنه يحتك بالجمهور بشكل مباشر. وقد اسغرقت حوالي 10سنوات في متباعة التجارب المسرحية، وتحديدا من سنة2007 وحتى سنة 2017، لكن في أخر 4 سنوات بدأت أجيب عن سؤال واحد مفاده: "هل نطبق هذه الامور عندنا؟" فخلال الأربع سنوات الماضية وجدت أن هناك جماعة متطرفة بدولة مالي تريد تفجير "مسرح مالي"، وحينها قبل أن يصل هؤلاء المتطرفين إلى المسرح تم تكوين حزام بشري من 2000 فرد لمنع أي محاولات هجوم على المسرح، وكنت أعرف وقتها شخصين أحدهما داخل المسرح، والآخر في الخارج، وتابعت معهم على مدى أسبوع كامل الوضع هناك، فقد يأست الجماعة المتطرفة في النهاية من الوضع نتيجة وجود كتلة بشرية هائلة، وهذا الأمر يجعلنا نخرج بنتيجة، مفادها أن الناس في هناك قد أدركوا أهمية المسرح ودوره في التأثير، لأنه يتسع لمناقشة الكثير من الأمور داخل المجتمعات.
تحسين التعليم
ويضيف جمال المراغي : أما على المستوى الأكاديمي لا نجد أحد يكتب عن وظائف المسرح بطريقة مجمعة، إذ يتعاملوا مع كل زاوية على حدة، فالمفترض أن يتم الاطلاع على الدراسات التي تمت منذ ستينيات القرن الماضي ومستمرة حتى الآن، لأنهم في الخارج بدأوا التفكير في المسرح بشكل مختلف، وهذه النقطة غائبة عنا في ظل المعاناة التي تواجها بعض الطبقات الاجتماعية، إذ يتم التعامل مع المسرح والسينما بعتبارهم "وسيلة ترفيه وتسلية" فالذي يجب تبنيه هنا هو أن يصبح المسرح حيوي سواء في دوره العلمي والتثقيفي، والتعليمي؛ لأن المسرح هو جزء من عملية التعليم، وهو جزء من تحسين التعليم نفسه، ليس فقط في المرحلة الجامعية، لكن منذ المرحلة الابتدائية.
وقال:نجد أن المسرح تم توظيفه كثيرا في كافة بلاد العالم بشكل تعليمي، مثل سنغافورة والبرازيل وجيبوتي، فعندما أدخلت جيبوتي المسرح كجزء في عملية التعليم، ارتقى التعليم هناك بصورة كبيرة، ونتيجة لارتقاء التعليم هناك قدمت لهم كبرى الجامعات في العالم منح تعليمية كاملة، نتيجة هذا التفوق؛ إذا النظرة للمسرح يجب أن تختلف، لأننا دائما ما نتحدث عن المسرح بنفس الصورة التي نعرفها عنه منذ 60 سنة، فالمسرح في هذا الوقت أيضا لم يكن وسيلة ترفيه فقط لكنه أيضا كان وسيلة تثقيف، إلا إننا طوال تلك السنوات تعاملنا معه باعتباره وسيلة ترفيه فقط. ونجد مثلا أنه عندما بدأ فيروس "كورونا" من الانتشار خرجت الكثير من المظاهرات في السويد، وإنجلترا، ومدغشقر تتطالب بإعادة فتح المسارح من جديد، إذ إنهم لا يعتبرون المسرح وسيلة ترفيه، بل يعتبرونه شيء أساسي في حياتهم، وهو بالنسبة إليهم وسيلة هامة يستخدونها.
حلول عملية
ويقدم جمال المراغي عدة حلول يجب تبنيها خلال الفترة المقبلة " لابد من الآن أن نفكر في "كيف نجعل من المسرح شيء حيوي ورئيسي في حياتنا كمواطنين" لأني أخشى أن يصبح المسرح فن "نخبوي" يقتصر على مجموعة معينة من الناس، أو أن يستخدم المسرح في الترفيه فقط.
وأشار أنه لعرض الأعمال الكوميدية فقط. لذلك يجب التنسيق والتعاون بين جميع الهيئات، لأننا أمام مشكلة كبيرة تحدث نتيجة عدم التنسيق بين الجامعات العامة والخاصة، وبين الجامعات وقصور الثقافة، وبين قصور الثقافة ومراكز الشباب؛ لذلك نحتاج لعملية تأسيسية للتنسيق بين جميع الجهات، وكذلك نحتاج لعملية تعجيل لهذه الأمور من خلال مشروع قومي تتبناه الدولة، ولا أقصد هنا أن تتبناه ماديا، لكن تتبناه من خلال توجيه المسئولين باعتباره مشروعا قوميا سيستفيد منه الشعب، لأني للأسف أجد أن المسرح بات منفصل تماما عن الشعب، لذلك نحتاج أن يلتحم المسرح بالشعب".