الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد نبيل يكتب: السينما الأردنية في 20 يوما.. كل هذا الزخم

صدى البلد

 تجنى السينما الأردنية ما زرعته من سياسات الانفتاح على العالم، ودعم للمواهب الواعدة، والتي التزمت بتقديمها منذ حوالي 10 سنوات، ولاسيما بعد تأسيس الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، التي خلقت المناخ لترويج جميع مجالات السينما والإنتاج التلفزيوني، فضلا عن نقل التبادل الثقافي وتعزيز حرية التعبير.

وقد تفوقت السينما الأردنية بشكل لافت في التواجد المؤثر بمختلف المهرجانات والمحافل السينمائية، محليا، عربيا، وعالميا، تخطت مرحلة الاكتشاف، وشهد عام 2021 تأكيد استحقاقها لمهرجان سينمائي دولي - عمان السينمائي أول فيلم - يشكل مساحة رحبة للجمهور في العاصمة عمان، وعدة مناطق أخرى، لمشاهدة أفلام مغايرة لما هو تجاري، فضلا عن ما يشكله من فرصة لصناع الأفلام في الاردن والعالم العربي، خاصة أصحاب التجارب الاولى.

وفي خلال 20 يوما فقط، في الفترة من 26 نوفمبر - 15 ديسمبر، وهي الأيام التي أقيم خلالها مهرجانا القاهرة والبحر الأحمر، فرضت السينما الأردنية نفسها على الواقع، وخطفت عدة جوائز قيمة.


بنات عبد الرحمن وجمهور القاهرة
تم استقباله بحفاوة بالغة وترحيب لافت، ليتوج بجائزة الجمهور في ختام الدورة 43 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهو من إخراج وتأليف الأردني زيد أبو حمدان، وبطولة صبا مبارك، وفرح بسيسو، وحنان حلو، ومريم الباشا.

أبو حمدان استفاد من منحة إنتاج من صندوق الأردن لدعم الأفلام، وكان قد طوّر نصه في ورشة "راوي" لكُتاب السيناريو، وتعود أحداثه بعد سنوات من انعزال 4 أخوات عن بعضهن، وتضطر والأخوات المختلفات للعودة الى منزل العائلة لحل لغز اختفاء والدهن المفاجئ. ولكن رحلة البحث السرية تكشف لهن أسراراً جديدة، والمزيد من علامات الاستفهام.

الفيلم الذي نافس بمسابقة مهرجان القاهرة السينمائي الدولية، استغرق عدة سنوات للانتهاء منه، وهو الروائي الأول لمخرجه، ووضع أكثر من قضية تمس المرأة العربية بشكل مباشر في الخلفية، وبعد “القاهرة” مباشرة تم عرضه بالدورة الافتتاحية لمهرجان البحر الاحمر السينمائي الدولي.

بنات عبد الرحمن


تالافيزيون لـ الأوسكار القصير

أعلنت أكاديمية الأوسكار عن اختيار الفيلم الأردني تالافيزيون ضمن قائمة الأفلام القصيرة المتنافسة على الجائزة المرموقة، وهو ما يعد فرصة توزيع جيدة للفيلم الذي حصد قبل أيام فقط جائزة اليسر الذهبية للفيلم القصير في مهرجان البحر الأحمر، بعد حصوله على منحة من صندوق الأردن لدعم الأفلام عام 2019.

الفيلم القصير تالافيزيون يسير ربما على درب فيلم "ذيب" للمخرج ناجي أبو نوار الذي وصل عام 2016 إلى القائمة القصيرة لأفضل فيلم أجنبي ضمن جوائز الاوسكار، وهو شرف لم تنله الكثير من البلدان رغم تاريخها السينمائي العريق.

مروان حامد - مراد أبو عيشة 


القضية الفلسطينية بعيون فرحة
المتابع عن كثب لمسابقة مهرجان البحر الاحمر السينمائي لم يغب عنه توقع حصول المخرجة الصاعدة دارين  سلّام بفيلمها "فرحة" على إحدى جوائز حفل الختام، عمل عذب وقاسٍ في الوقت نفسه، سبق وتحصل على منحتين من صندوق الأردن لدعم الأفلام بالهيئة الملكية سواء للإنتاج ولما بعد الإنتاج في عامي  2019، و2020، واستفاد من برنامج الحوافز المالية للإنتاج والمقدمة من الهيئة.

حصل “فرحة” على تنويه خاص من لجنة التحكيم، بعد أن احتفى بالمرأة الفلسطينية في زمن النكبة، وقدم حكاية “فرحة” ولكنها غير مكتملة، تنقلب حياتها بعد 1948، لتجد نفسها حبيسة غرفة ضيقة مظلمة، ترى ما يجرى عبر ثقب ضيق، فتشكل مشاهد القتل والعدوان التي تابعتها في صمت شخصية تلك الفتاة الحالمة والمترقبة لمستقبل أفضل. 

الفيلم جيد الصنع من بطولة كرم طاهر وتالا جموح وأشرف برهوم وعلي سليمان وآخرين، وهو من تأليف دارين سلام بالاشتراك مع منتجته ديما عزار، التي تعد هي والمنتجة رولا ناصر من بين الاسماء البارزة في هذا المجال.


جوائز صندوق البحر الأحمر
صندوق البحر الأحمر او ذراع الدعم بمهرجان البحر الأحمر السينمائي هو أحد أقوى مميزاته بدون شك، واستفاد خلال الدورة الافتتاحية مشروعا الفيلمين الأردنيين، "فتاة الزرقاء"، و"مونتريال" واللذان شاركا في جدة لدعم المشاريع السينمائية قيد التطوير. 

وحصل مشروع "فتاة الزرقاء"، من إخراج زيد أبو حمدان وإنتاج أحمد أبو كوش، على جائزة إنتاجية من معمل البحر الأحمر بقيمة 100 ألف دولار أمريكي، أمّا "مونتريال"، وهو مشروع للمخرج أمين نايفة ومن إنتاج بسّام الأسعد، فقد حصل على جائزة إنتاجية من قنوات ART بقيمة 50 ألف دولار.

أبو حمدان كان قد نال جائزة الجمهور عن "بنات عبد الرحمن"، في مهرجان القاهرة، وحصل الفيلم على عرضه الخليجي الأول في مهرجان البحر الأحمر، أمّا نايفة، فقد اشتهر بفيلمه الروائي الأول، "٢٠٠ متر"، والذي عرض في مهرجانات فينيسيا، الجونة، عمان السينمائي، وكان قد رشحه الأردن لتمثيله في جوائز الأوسكار في عام 2021.

مشروع فيلم مونتريال


سعيد زاغة وباسل غندور
الأردن نافس أيضا بمسابقة الأفلام القصيرة فى جدة بفيلم “ضيف من دهب”، وتدور أحداث الفيلم حول عائلة فلسطينية توافق على استضافة سائح أمريكي شاب تائه نتيجة لسوء فهم بسيط، ولكن ينتاب أحد أفراد الأسرة الشك حول هوية السائح عندما يفرض جيش الاحتلال منعاً للتجول داخل القرية، وكان العرض العالمي الأول للفيلم في أمريكا ضمن مهرجان "ايربان ورلد" السينمائي في نيويورك، وهو من بطولة على سليمان، وإخراج سعيد زاغة.

 أما فيلم "الحارة" فهو أحد أفضل الأفلام العربية التي تم عرضها خلال العام الحالي، وهو أول فيلم اردني يعرض بمهرجان روتردام السينمائي الدولي، وحصل على عرضه العالمي الأول ضمن فعاليات مهرجان لوكارنو السينمائي، وتدور أحداثه في حي تحكمه النميمة والعنف في شرق عمّان، حيث يقوم شاب مخادع بالمستحيل ليكون مع حبيبته، لكن والدتها تقف عائقاً أمام اكتمال قصتهما، وعندما تلتقط كاميرا شخص مبتز مقطعاً مصوراً لهما في وضع حميمي، تلجأ الأم في الخفاء إلى عصابة لتضع حداً لما يحدث، لكن الأمور لا تجري كما خُطط لها.

تلقى فيلم "الحارة" دعم من عدة جهات منها صندوق الأردن لدعم الأفلام التابع للهيئة الملكية الأردنية للأفلام، ومؤسسة الدوحة للأفلام، ومعمل مهرجان البحر الأحمر السينمائي لتطوير الأفلام، وهو من إخراج باسل غندور.


أزمة فيلم أميرة
 لا يمكن الحديث عن الحراك الأردني الحالي بمعزل عن أزمة فيلم أميرة، بعد ان قررت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام سحبه من سباق الأوسكار، بعد اختياره لتمثيل المملكة ضمن جوائز الاكاديمية، تقديرا للغضب العارم من قبل بعض الأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم.

عرض فيلم "أميرة" بنجاح في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية، مهرجان البندقية (إيطاليا) والجونة (مصر) وقرطاج (تونس)، وكذلك في مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان في عمّان. وقد فاز بجائزتين دوليتين في فينيسيا.

فيلم أميرة

وكما جاء في بيان سحبه من الأوسكار: ظل الجدل الكبير الذي أثاره الفيلم وتفسيره من طرف البعض بأنه يمسّ بالقضية الفلسطينية واحتراما لمشاعر الأسرى وعائلاتهم، لذلك قررت الهيئة الملكية للأفلام العدول عن تقديم "أميرة" لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار.

الفيلم تعرض صناعه لحملة ممنهجة من التنكيل والتخوين من قبل من هم يعانون ذلك بالأساس، وهو ما أدى بمهرجان البحر الاحمر إلى وقف عرضه، تماشيا مع ما يعتقد أنه نصرة للقضية، ودعما لـ أبناء “النطف المهربة”، دون الوضع في الإعتبار أنه مجرد فيلم يحكى ما جاء به من أحداث ولا يوثق لما يجرى على الارض.

“أميرة” بالطبع لا يخلو من الملاحظات، ولكن منعه على هذا النحو، يضعنا في مواجهة مع قوى ظلامية لا تدعم حرية الفن والإبداع، وتمارس سياسة الرأى الأوحد، أمام كل ما يخالف رؤيتها وفلسفتها اتجاه القضية الفلسطينية، ولا تدرك حتى أهمية طرح هذه الأعمال للعالم، وتأثيرها المباشر في خلق تضامن دولي مع معاناة السجناء الأسرى.