شهد شهر ديسمبر الجاري تطورات خطيرة في الصراع الدائر على الأراضي الإثيوبية بين قوات نظام آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي، وعدد من الجبهات الرافضة لحكمه في مقدمتها الجبهة الشعبية لتحرير إقليم تيجراي.
وكان أبرز هذه التطورات ما كشف عنه شهود لـ"رويترز"، الأحد، حيث قالوا إن قوات إقليم تيجراي في إثيوبيا استولت مجددا على بلدة لاليبيلا بعد أقل من أسبوعين من سيطرة نظام آبي أحمد رئيس الحكومة الإثيوبية وحلفائها عليها.
وتقع لاليبيلا في إقليم أمهرة وتضم أحد مواقع التراث العالمي المسجلة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
ولم يرد ليجيسي تولو المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية على طلبات للتعليق على ما تردد عن سقوط البلدة مجددا في أيدي القوات الموالية للجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
كما لم يرد جيتاشيو رضا المتحدث باسم الجبهة على مكالمة هاتفية للحصول على تعليق.
وقال أحد الشهود الذين تحدثوا لـ"رويترز"، إن القوات الخاصة من إقليم أمهرة وميليشيات متحالفة معها، وكلاهما حليفتان للحكومة الإثيوبية، بدأت في مغادرة لاليبيلا، السبت.
وأضاف الشاهد، وهو موظف استقبال بأحد الفنادق، عبر الهاتف "الدفعة الأخيرة غادرت هذا الصباح، وسمعنا طلقات نارية من مسافة بعيدة الليلة الماضية لكن قوات تيجراي استعادت لاليبيلا دون إطلاق نيران داخل البلدة".
وقال شاهد آخر لـ"رويترز" اليوم، إن السكان بدأوا في الفرار من البلدة، مضيفا: "أصابنا الذعر، لم نشهد هذا من قبل، وتقوم قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في زيها الرسمي بدوريات في البلدة الآن".
سقوط بلدة لاليبيلا القدس الجديدة
لاليبيلا هي بلدة فيمنطقة سيمي ولو فيمنطقة أمهرة، شمال إثيوبيا وأكثر ما يميز لاليبيلا هو الكنائس المنحوتة في الصخر فهي واحدة من أكثر الأماكن المقدسة في إثيوبيا وهيموطن لإحدى عشرة كنيسة.
ويعود تاريخ بناء كنائسها من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر وقت وجود الرسل وتم إنشاء الكنائس من قبل الملك لاليبيلا، الذي سميت المدينة على اسمه، وكان من المفترض أن تكون "القدس الجديدة" بالنسبة للمسيحيين، وتعود تاريخيا إلى عهد أسرة زاغوالملك "جبري مسكل لاليبلا" حوالي 1181-1221 م.
جذبت الكنائس الحجرية آلاف الحجاج إلى موقعها في لاليبيلا،
وفيما يتعلق بالاعتراف الدولي، كان المبشر والمستكشف البرتغالي "فرانسيسكو ألفاريس" أول شخص نشر وصفًا تفصيليًا للكنائس، مشيدًا بعظمتها في السماء.
وكانت التدخلات الدولية الأولى لحفظ في الموقع خلال أوائل القرن العشرين، في عهد إمبراطورة إثيوبيا الأولى ورئيسة الدولة، الملكة "زيوديتو" تحت حكمها (1916-1930)، تم تغطية اثنتين من الكنائس الإحدى عشرة بالجص الأحمر.
وترمز كنائس لاليبيلا الحجرية إلى الروايات التوراتية والعناصر الأساسية للقدس، ويتكون المجمع من ثلاث مجموعات من الكنائس - الأولى تمثل القدس الأرضية، والثانية تمثل القدس السماوية، بينما تمثل المجموعة الثالثة كنيسة معزولة قائمة بذاتها.
وفي عام 1935 زار الإمبراطور هيلا سيلاسي، الذي حكم إثيوبيا بعد الملكة زوديتو، لاليبيلا في عام للصلاة من أجل التوجيه الروحي عندما كانت البلاد تتعرض لهجوم من الغزو الإيطالي، نقلت زيارة سيلاسي إلى الكنائس شهرة إثيوبيا والكنائس الحجرية ووعيها إلى آفاق جديدة في العالم.
سرقة شاحنات تابعة لبرنامج الأغذية
وفي السطور التالية نسلط الضوء على تطورات الأوضاع في إثيوبيا خلال العشرة أيام الأخيرة والتي كانت كالتالي:
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، أنه تم الاستيلاء على ثلاث شاحنات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي تُستخدم في العمليات الإنسانية في أمهرة شمال إثيوبيا".
وأضاف المتحدث باسم الأمم المتحدة: "إننا ندين بشدة جميع هذه الحوادث ونكرر دعواتنا إلى جميع أطراف النزاع لاحترام وحماية موظفي الإغاثة الإنسانية، بما يتماشى مع التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، متابعا: "يحظر مهاجمة أو تدمير أو اختلاس أو نهب إمدادات الإغاثة والمنشآت والمواد والوحدات أو المركبات".
وأوقفت الأمم المتحدة توزيع الغذاء بمدينتين في إثيوبيا بعدما تعرضت الإمدادات هناك للنهب وسط عجز موظفي الأمم المتحدة عن منع ذلك بسبب ترهيب شمل التهديد بالسلاح.
على نفس الصعيد حث رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي على الانخراط في محادثات لإنهاء الصراع القائم في إثيوبيا، في ظل تدهور الوضع الإنساني في البلاد.
وشدد رئيس المجلس الأوروبي على أن "الحوار الشامل فقط هو ما يمكنه حل النزاع"، موضحا "أننا في الاتحاد الأوروبي نؤيد تماما جهود الوساطة التي يبذلها الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانغو، ونحن على اتصال بكينيا، وشركاء آخرين في المنطقة".
ويواجه شمالي إثيوبيا مجاعة جماعية مع استمرار الحرب الأهلية بين قوات جبهة تحرير شعب تيجراي والقوات الحكومية.
وتحول الصراع في إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا إلى معارك واسعة النطاق في عموم البلاد، وهو ما يهدد بتقسيمها وإثارة الاضطرابات في المنطقة بأكملها.
طواقم العمل الأجنبية تغادر إثيوبيا
وشن مقاتلو تيجراي هجوما متجهين جنوبا إلى العاصمة الفيدرالية أديس أبابا، مما دعا رئيس الوزراء آبي أحمد، الحائز على جائزة نوبل للسلام، إلى قيادة الجيش على جبهة القتال بنفسه.
وأجبر الصراع مواطني دول غربية وطواقم العمل الأجنبية غير الضرورية التابعة للأمم المتحدة على مغادرة إثيوبيا بسبب ما وصفوه بـ الموقف الأمني الآخذ في التدهور
واندلعت الحرب في إثيوبيا مطلع نوفمبر 2020، عندما أرسل آبي أحمد قوات للإطاحة بـ جبهة تحرير شعب تيجراي، في خطوة قال إنها للرد على هجمات «ينفّذها عناصر الحركة ضد معسكرات للجيش».
وأودى النزاع المسلح بآلاف الأشخاص وتسبب بنزوح أكثر من مليوني شخص، كما دفع بمئات الآلاف إلى حافة المجاعة وفق أرقام الأمم المتحدة.