ذكر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن الله سبحانه وتعالى يقول: { وإذْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ والْفُرْقَانَ } نعمة من النِعَم لأن بدون الكتاب والفرقان ماذا يحدث ؟ يحدث أننا ننشىء لأنفسنا معياراً للتقويم والقبول والرد، كيف ننشأ هذا المعيار؟ هل من عقلنا ؟ ولكن العقول مختلفة، هل من مصلحتنا ؟ ولكن المصالح مختلفة، هل من رغباتنا وانطباعاتنا ؟ ولكن الأهواء مختلفة، هل من قوتنا ؟ ولكن القوة مختلفة، حتى إن الإنسان يكون شاب وقوى وبعد ذلك يأخذ في النقصان حتى لا يستطيع أن يقوم من مكانه، والأمم والجماعات تكون قوية ثم تضعف فما المعيار؟ وكيف نُفَعِلُه؟ هنا سيحدث خلل، متى لا يكون الخلل ؟ عندما نجعل الحاكم هو الله {إنِ الحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاه }.
وتابع علي جمعة عبر صفحته على فيس بوك: إذاً متى يكون المعيار مطلقاً ؟ عندما يكون من عند الله، وهذا ما أجمع عليه المسلمون أن الحكم بيد الله، وأن الحاكم هو الله لا نستطيع أن نخرج من حكمه؛ فنبيح في يوم من الأيام الشذوذ أو الزنا أو القتل بغير حق أو السرقة لأن كل هذا يمثل النظام العام الذي لا يمكن أبداً أن نتخلى عنه، ومَن الذي جعلها نظاماً عاماُ؟ الله، فلما حكَّمنا الله في أنفسنا جعلنا هذا نظاماً عاماً.
وأضاف علي جمعة أن بعض البشر خرج عن هذا فأباحوا المخدرات وأباحوا القتل الرحيم وأباحوا الشذوذ وأباحوا الزنا وأباحوا وأباحوا وأباحوا... ، وأشد من ذلك أن بعضهم يعتبر ذلك من حقوق الإنسان وهم يريدون أن يقتلوا الإنسان أمام الرحمن ،ثم يقتلون الإنسان أمام الإنسان ،فالإنسان أمام نفسه لا يساوى شيئاً ولا يكون شيئاً ،ويكون الفساد العظيم.
واستطرد علي جمعة: { وإذْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ والْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } واعتبارها نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى يرد على أصحاب العصر الجديد الذين يدعون إلى استحلال المحرمات، وإلى أن ينشيء الذهن البشرى ما يريد من شهوات كيفما يريد؛ بدعوة الحرية أو الشخصية أو المصلحة أو النسبية أو العقل أو كذا من هذه الدعوات كلها تمويهات باطلة لأنها قد خرجت عن الكتاب والفرقان الذي أنزله الله على المرسلين وعلى النبيين ،وبدونه ينفك الإجتماع البشرى وتتحول الأمور إلى نفسية السادة ونفسية العبيد؛ وهذا ضد نفس الحرية التي يدعون إليها ،وهذه ليست بحرية بل تفلت ،لأن حقوق الإنسان يجب أن يكون الأمر متفقاً عليه فيها، فما الذي يجعل الشذوذ ليس من حقوق الإنسان؟ لأنه غير متفق عليه، إذاً هذه الآية تردّنى إلى المعيار الذي به التقويم "الوحي الرباني" لأنه وإن كان في صورة كتاب إلا أنه فرقان وإتباعه يؤدى إلى الهداية، وضد الهداية الضلال.