قد أثارت فتوى إن الإنسان لا يحاسب على شتيمة الناس في سره جدلا واسعا خلال الفترة الأخيرة، وظل الناس يرددون “أنا هشتم الناس فى سرى 24 ساعة ”، فالفتوى كانت واضحة ولكن طبيعة الناس قد تغيير من فحواها، فكيف نتعامل مع هذه الفتوى بهذا الشكل؟.
الإنسان لا يحاسب على شتيمة الناس في سره
وعلق الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف على الجدل الذي أثير بسبب فتوى الإنسان لا يحاسب على شتيمة الناس في سرهواتخاذها الناس على سبيل العبث، قائلا: فى البداية لابد أن يكون الإنسان طاهر الظاهر والباطن، يعنى القلب تقى نقي لا يحمل بغضا ولا شحناء ولا سب ولا شتم لأي إنسان.
وأوضح سعيد عامر أنه لما نزل قول الله عز وجل “لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”، اشتد ذلك على أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فجاءو إلى النبي وقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام ولجهاد والصدقة وغير ذلك وقد أنزل الله عليك هذه الآية ولا نطيقها، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: تريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.فقال الصحابة سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما قالوا ذلك كان الفضل والرحمة والتخفيف من الله عز وجل فأنزل “لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”.
وتابع رئيس لجنة الفتوى: فأصبح الإنسان هنا يحاسب على ما ظهر منه وليس على ما في داخله، وإن كان الأولى والأكمل والأحسن أن يكون نظيف القلب، كما أنه كذلك مأمور أن يكون نضيف اللسان.
ورد رئيس لجنة الفتوى على الناس الذين يخلطون الجد بالهزار فى أمر به فتوى دينية لها مرجعية ولا ينبغي أن لا يطالها نوع من العبث حتى ولو بالقول: أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار، فالإنسان لابد أن يتقى الله فى كل كلمة يتكلم بها وخاصة فى أمر الفتوى، قال تعالى “ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ”.
واستطرد قائلا: الأمر جد خطير، فيجب على الإنسان منا يمسك لسانه فى مثل هذه الأمور ولا يتحدث فيها إطلاقا وإنما ينغي عليه أن يفعل كما قال الله تعالى “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”، فيعود إلى أهل الذكر فيسألهم.
وأشار إلى أن الفتوى في الفرعيات والأمور الفقهية فى العبادات قد تتغير باختلاف الزمان والمكن والبيئة والأشخاص، أما الأحكام المتعلقة بأعمال القلوب وأمراض القلوب ثابتة لا تتغير، وأكد أن الجرأة والإفتاء بغير علم كبيرة من الكبائر الممقوتة.
هل أحاسب على شتيمة الناس في سري
وفي سياق متصل كان قد أكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بـ دار الإفتاء المصرية، إن الإنسان لا يُحاسب إلا على ما يفعله أو ما يتلفظ به، كما جاء في الحديث النبوي حيث قال رسول الله: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم؟» .
وأضاف محمود شلبي ردا على سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية عبر البث المباشر عبر صفحة الدار على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» جاء نصه «هل أحاسب على شتيمة الناس في سري؟»، أنه طالما لم يخرج الكلام أو تصدر الأفعال إذن لا يحاسب الإنسان عما يحدث به نفسه.
وأضاف أمين الفتوى «لكن الإنسان لا يترك نفسه للشيطان، فمرة وساوس، وثانية وثالثة، ومن الممكن في النهاية يوصل للقول أو الفعل».
وتابع شلبي «فالإنسان يقطع تلك الوساوس التي تشتمل على شتائم من الشيطان بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، بحيث ينصرف عنه الشيطان ولا يفكر فيه».