يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه المسؤولية في عام 2014، لحل جميع الملفات الشائكة التي ابتعدت الحكومات السابقة عن الدخول فيها، وتأجليها بشكل مستمر للأجيال القادمة إلى أن جاء الرئيس السيسي، ووضع حدا لتلك الملفات التي تمثل خطورة على الدولة المصرية، ومستقبل الأجيال القادمة.
ولعل أبرز تلك الملفات التي تعامل معها الرئيس السيسي هي إعادة توزيع الدعم، البناء المخالف على الأراضي الزراعية، البناء المخالف على أراضي الدولة، بجانب ملفات الكهرباء والغاز والإسكان والصحة والنقل، والصرف الصحي، والأدوية، والإرهاب، وأخيرا أزمة جائحة فيروس كورونا.
كل تلك التراكمات التي استمرت لمدة 30 عاما، كانت تحتاج إلى، قائدا يمتلك من الشجاعة والحكمة ما يؤهله إلى مصارحة شعبة بالحقيقة المؤلمة التي أفاقت عليها مصر بعد أحداث يناير عام 2011، وأصبح مصير الرئيس المقبل هو مواجهة كل تلك القضايا، وبناء جمهورية جديدة للأجيال القادمة.
لم يكن الطريق نحو مشروع بناء مصر في ثوبها الجديد ممهدا، وإنما واجهه العديد من العقبات أبرزها حالة الأمن التي تتعرض لمخاطر الإرهاب الغاشم في سيناء، وعلى الحدود الغربية مع ليبيا، وفي ظل تلك الظروف، لم يكن ليتوقع أقصى المتفائلين بأن تنجح مصر في عبور هذه المحن في زمن قياسي، فقد احتاجت القاهرة 7 سنوات فقط بقيادة الرئيس السيسي، لتعود الدولة الأكبر في الشرق الأوسط، وبثقلها الإقليمي ترسي السلام في قطاع غزة وليبيا وتجد الحلول للأزمات السياسية في الشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد، يستعرض "صدى البلد"، أبرز المعلومات عن جميع الملفات الشائكة التي تدخل فيها الرئيس السيسي، لإيجاد الحلول العلمية لها، خلال السطور التالية.
تسعى الدولة لإعادة رسم الخارطة العمرانية القومية، بما يتناسب مع مساحة مصر وحضارتها وخصوصية موقعها، وذلك وفق استراتيجية شاملة للتنمية العمرانية التي تشمل تأسيس وتشييد مجتمعات ومدن جديدة على الطراز الحضاري والمعماري الحديث، بجانب تطوير المناطق السكنية القائمة بالفعل على أسس تخطيطية و إنشائية سليمة تتناسب مع التغيرات المكانية والزمانية، بجانب القضاء على ظاهرة البناء العشوائي والعشوائيات واستعادة الشكل الحضاري للشوارع والمباني.
البناء على الأراضي الزراعية
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن حجم مخالفات البناء على الأراضي الزراعية، التي تم رصدها، خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية وصل إلى 2.8 مليون مخالفة، معقبا: «هل يوجد دولة في العالم يكون حجم مخالفاتها 2.8 مليون مخالفة؟».
وكان قد دعا الرئيس السيسي، خلال افتتاح مشروعات سكن بديل للمناطق غير الآمنة، الجميع للتكاتف من أجل الحفاظ على الأراضي الزراعية ووقف التعديات والبناء غير المخطط عليها، مشيرا إلى أن قيام الأهالي بالبناء على الأراضي الزراعية من شأنه أن يفقد مصر مساحات غالية من الأراضي المنتجة بتحويلها من الزراعة إلى البناء، بينما هناك أراض صحراوية تزيد على 90% من مساحة مصر يمكن الاستفادة منها بشكل مخطط.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور سيف الدين فرح، خبير الاقتصاد العمراني، إن الدولة المصرية قبل العام 2014، تسببت من خلال تركيز الاهتمام والاستثمارات على محافظات الإسكندرية والقاهرة الكبرى «القاهرة - الجيزة - القليوبية»، في مشكلة الزحف العمراني وتأكل الأراضي الزراعية، حيث تم إهمال مد شبكات الطرق والتطوير بـ باقي محافظات الجمهورية وبالتالي قلل ذلك من فرص العمل فيها.
وأوضح خلال تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، أنه من خلال تلك السياسات تسببت الدولة في حالة من الزحف والهجرة الداخلية من الصعيد والمحافظات إلى القاهرة والإسكندرية، وبدأ المهاجرون في البناء غير المخطط على الأراضي الزراعية وبالتالي أصبح لدينا كل تلك المخالفات في البناء، في القاهرة الكبرى والإسكندرية تحديدا.
وأكد أنه بعد العام 2014، بدأت الدولة في الالتفات إلى تلك المشكلة، وبدأت في توجيه الاهتمام والتطوير وتوزيع الاستثمارات لكل المحافظات، وظهر لدينا مدن مثل الفيوم الجديدة والإسماعيلية الجديدة، وغيرها، ومد تلك المدن بالمرافق والخدمات العامة والطرق بما وفر فرص عمل للشباب.
جهود القضاء على العشوائيات
من جانبه قال النائب السابق لوزير الإسكان للتطوير الحضاري، الدكتور أحمد عادل درويش، إن ما تشهده مصر حاليا من طفرة عمرانية، هو نتاج من العمل المتواصل للتخلص من مشكلة العشوائيات المناطق الغير مخططة، وهو نتيجة وجود إرادة سياسية لم تكن متوفر في الـ 40 عاما الماضية، ولكن طول الـ 5 سنوات الماضية وضعت الدولة خطة للانتهاء من تطوير والقضاء على المناطق العشوائية وغير المخططة، والدولة الآن متعهدة بالانتهاء من تطوير 367 منطقة غير آمنة والتي يتم تنفيذ المشروعات لها حاليا في أهالينا 2 والسكن البديل في عدد من المحافظات.
وأضاف درويش خلال تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن ظاهرة العشوائيات موجودة في العالم كله بدرجات مختلفة ومتفاوتة، والقضاء عليها يتطلب معرفة أسبابها في البداية، والتي تتلخص في أن الناس غير متوفر لهم السكن البديل المخطط، وبالتالي يضطرون للجوء لهذه المناطق الغير مخططة، لأنه لا يوجد بديل مناسب، وبالتالي في خطة الدولة بتوفير كم كبير من السكن البديل والمخطط والكامل المرافق والخدمات من المدارس والتعليم وغيرها وزيادة تلك المدن يساعد بشكل كبير في القضاء على العشوائيات.
وأوضح درويش أنه في هذا الإطار أقامت الدولة 14 مدينة جديدة والعمل على زيادة المطروح، بجانب عمل برامج الإسكان الاجتماعي والمتوسط وغيرها، مشيرا إلى أن تلك الجهود والقضاء على العشوائيات ستستمر حوالي 10 أو 15 سنة، لأنها إصلاح لتراكمات استمرت أكثر من 40 سنة.
الإصلاح الاقتصادي والدعم
وبعيدا عن ملف الإسكان والعشوائيات والبناء المخالف على أملاك الدولة والأراضي الزراعية، يوجد أحد الملفات الشائكة أيضا التي لم يفتحها سوى الرئيس السيسي، وهو ملف الإصلاح الاقتصادي، وإعادة هيكلة الدعم، وضمان وصوله لمستحقيه.
وعملت الدولة المصرية، منذ عام 2014، على مراجعة جميع التشريعات والقوانين التي تساهم في تعزيز حقوق الإنسان، وضمان حقه في حياة كريمة، والحفاظ على منظومة الدعم من خلال إعادة هيكلتها لضمان وصول الدعم لمستحقيه، كما وبنت الدولة سياسات جديدة تتواكب مع طبيعة المرحلة التنموية التي تعيشها مصر، من خلال العديد من البرامج والأنشطة والمشروعات التي تتعامل بكفاءة عالية مع الفقر متعدد الأبعاد، بما يضمن تراجع معدلات الفقر وارتفاع مستوى المعيشة للمواطن.
وسعت مصر على مدار الـ7 سنوات الماضية إلى تنفيذ منظومة متكاملة لوصول الدعم لمستحقيه، فمنذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم، بدأ في تنفيذ منظومة متكاملة للإصلاح الاقتصادي، وكان الدعم من أهم محاوره للمحافظة عليه من الإهدار وضمان وصوله لمستحقيه، وقد تضاعفت المخصصات المالية له ليستفيد ما يزيد على 70 مليون مواطن من المقررات التموينية.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور وائل النحاس، خبير الأسواق المالية، والخبير الاقتصادي، إن الدولة المصرية لم تلغي الدعم أو ترفعه كما يعتقد البعض، وإنما قامت بعملية إعادة توزيع مخصصات الدعم، موضحا أن الدولة كانت تدعم المحروقات والكهرباء والسلع التموينية، وغيرها، وخففت من الدعم الذي تقدمه كي تقوم بمشروعات أخرى تدعم المواطن أيضا، وترتقي بمستوى معيشته.
وأوضح النحاس، خلال تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أنه على سبيل المثال في قطاع الكهرباء، تم زيادة أسعارها وإلغاء جزء من الدعم الذي تقدمه الدولة، ولكنها خصصت الأموال ووجهتها في عمل مشروعات الكهرباء وبناء محطات إضافية وبالتالي حلت مشكلة انقطاع الكهرباء.
إعادة هيكلة الدعم المقدم
وأضاف أن الدولة وفرت جزءا كبيرا من الدعم المقدم، ووجهته في عمل شبكات الطرق، والكباري لزيادة الاستثمار، وبالتالي فإن مصطلح إعادة هيكلة الدعم يعني إعادة توجيه المخصصات المالية لخدمة المواطن بشكل أكبر، مؤكدا أن هناك نوع آخر من الدعم وهو المزايا الاجتماعية مثل المعاشات الجديدة مثل تكافل وكرامة، وبرنامج حياة كريمة، كانت الدولة وتصرف ملايين الجنيهات سنويا، ولكن إعادة الهيكلة تعني توجيه جانب كبير جدا من الأموال في خدمات الدعم الأخرى.
وأكد أنه على الدولة أن تعلن عما تنفقه وما تقدمه بالفعل للمواطنين حتى يعلم المواطن أن الأموال التي يدعم بها الكهرباء والخبز ويتم الاقتصاص منها، يتم إعادة توجيهها أيضاللمواطن، كما حدث في العام الماضي، حيث تمكنت الدولة من توفير جانب مالي كبير، ووزعته على المواطنين الذين تضرروا من الاغلاق التام في فترة جائحة كورونا.
واختتم: "على الدولة أن تعلن أين تذهب المخصصات المالية التي تقتضيها من الدعم حتى يعرف المواطن أن الأموال تعود إليه مرة أخرى".