انتشرت في الآونة الأخيرة جرائم العنف الأسري بشكل كبير في المجتمع المصري، ومنها جرائم تعذيب الأطفال من أسرهم بأساليب وحشية، ونظرا لتزايد أعداد جرائم العنف الأسري ضد الأطفال تقدمت النائبة إيناس عبد الحليم عضو مجلس النواب بمشروع قانون لحماية الطفل من تعرضه للعنف الأسري والإهمال وحماية حقوقه.
وقدمت النائبة مشروعا لتعديل قانون الطفل رقم 12، والذي نص على تعديل المادة 96 بأنه في حالة حدوث إصابة الطفل بجرح أو ضرب نشأ عنه قطع أو انفصال عضو فقد منفعته أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأ عنه عاهة مستديمة يستحيل برؤها يعاقب بالسجن من 3 سنين إلى 5 سنين، وفي حالة ترتب عليها وفاة الطفل نتيجة إهمال متعمد من جانب أحد الأبوين أو الوصي أو ولي الأمر تكون العقوبة هي السجن لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
وأشارت النائبة أن القانون لم يجرم عقوبة إهمال الأسرة المصرية في حق أطفالها، بل اكتفى القانون بمعاقبة كل من يرتكب انتهاكات في حق الطفل بالحبس من 6 شهور حتى 3 سنوات، وفي حالة وفاة الطفل نتيجة للإهمال الأسري يحرر تجاهه محضر إداري ويحفظ لمراعاة مشاعر الأب والأم اللذين فقدا طفلهما، ولا يوجد مادة في القانون تجرم إهمال الأسرة في حق أطفالها.
العنف الأسري ضد الأطفال
ومن جانبها قالت اللايف كوتش، هبه أبو الخير، إن هناك حالات كثيرة للأطفال في مصر تتعرض للعنف على يد الذين يفترض أن يوفروا لهم الحماية والرعاية، وذلك بحسب دراسة تفصيلية أجريت عام 2013 بواسطة مركز خدمات التنمية لصالح المجلس القومي للطفولة والأمومة واليونيسف.
وتابعت أبو الخير في تصريحات لـ "صدى البلد" الأكثر من ذلك أنه في كثير من الأحيان، يُعتبر العنف شديد القسوة من قبل الآباء، مقبولا وطبيعيا من قبل الذين يمارسونه؛ بل وأحيانا من قبل الأطفال أنفسهم.
وأضافت أن العنف ضد الأطفال بكل أشكاله أمر غير مقبول؛ فالعنف يهدد وجودهم ويقلل من فرص نموهم، كذلك فإن العنف يفكك الهياكل الاسرية، ويؤثر على تماسك المجتمعات، ويهدد التعليم، ويستهلك موارد وطنية ثمينة.
ولفتت أن التحرر من العنف وأشكاله المختلفة، هو حق أساسي يجب أن تكفله كل المجتمعات والقوانين لكي ينعموا بحياة كريمة.
أنواع العنف الأسري ضد الأطفال
وعن أنواع العنف الأسري تجاه الأطفال، أوضحت اللايف كوتش أن العنف الأسري للأطفال هو السبب الرئيسي وراء الكثير من الاضطرابات النفسية على مدار المراحل العمرية المختلفة وأنواعه كثيرة، فمنها العنف الجسدي، والعنف النفسي، والعنف المبني على عادات وتقاليد خاطئة.
العنف الجسدي
وتابعت: "يعتبر العنف الجسدي هو السائد بنسبة تكاد تكون شبه كاملة وهو الإيذاء الجسدي من الآباء للأبناء بغرض التأديب أو تخريج الطاقة".
وأشارت أبو الخير إلي أن الأب يتعامل مع الطفل بالعنف الجسدي على أنه حقل تجارب لكي يفرض سلطته ويحقق رغباته لما يراه هو وفقا لتربيته السابقة وتقاليده الخاطئة، فقد يصل العنف الجسدي إلى حد ايذاء الجسد أو التسبب في آثار مستديمة بجسد الطفل.
وأضافت أن الأطفال المعرضون للعنف الجسدي يلجأون إلى الهرب من المنزل فنجد ظاهرة اطفال الشوارع او التخلص من النفس بغرض التحرر أو انعدام الثقة بالنفس إلى الحد الذي يجعله مجرد من الإرادة.
وتابعت: "من أخطر التأثيرات على الطفل في هذه الحالة رفضه للواقع وعدم تقلبه للاب او الام بداعي انهم لا يريدونه".
العنف النفسي
وبخصوص العنف النفسي وتأثيره، أوضحت أبو الخير أن العنف النفسي واللفظي يكاد أن يكون أشد تأثيرا من العنف الجسدي ولكنه غير سائد مثله، لان الاب او الام يرون أن التربية تستوجب التأديب الملموس.
ولفتت إلى أن العنف النفسي أخطر من العنف الجسدي، لأن العنف هنا غير ملموس ولكن تأثيراته قاتله، والتي تتجسد في بعض الكلمات التي تستطيع أن تغير من الحالة المزاجية لشخص بل وتجعله عرضة للانهيار النفسي.
وأشارت إلي أن العنف النفسي ينقسم إلى قسمين، الأول الإيذاء اللفظي وهو يتمثل في توجيه الكلمات الحادة للطفل مثل انه غير مجدي أو أنه بلا قيمة أو أنه يشكل عبئا على الأسرة، والنوع الثاني الإزار المعنوي يتمحور حول التقليل من قيمة الذات بالنسبة للطفل عن طريق عدم تقدير أفعاله وتصرفاته أو مقارنته بالكثير من الأشخاص أو حتى عدم الاعتراف بوجوده.
وتابعت: "هنا يلجأ الطفل إلى الإنعزال عن العالم والبشر ويصل هذا إلى الإكتئاب الحاد وعدم الثقة بالنفس، وقد تصل هذا الإضطرابات بالطفل الى انهاء حياته أن تمكن منه اضطراب الوحدة المرضية والوسواس القهري بأنه بلا قيمة وأن التحرر في إنهاء الحياة".
العادات والتقاليد الخاطئة
وبالنسبة للنوع الأخير من أنواع العنف الأسري تجاه الأطفال وهو العنف المبني على عادات وتقاليد خاطئة، قالت اللايف كوتش، إن العنف المبني على العادات والتقاليد يوجد كثيرا في القرى والصعيد تحديدا، وتأتي من اتباع التقاليد الخاطئة مع الأطفال، ومثال على ذلك العنف الجنسي في ختان الإناث وزواج القاصرات الذي يسمح به العرف والتقاليد الخاطئة التي يؤمن بها فئة ليست قليلة من الأشخاص بهذه الأماكن.
أهمية مشروع القانون
وعن مشروع القانون الذي تقدمت به النائبة إيناس عبد الحليم لمجلس النواب لتجريم العنف الأسري ضد الأطفال، قالت أبو الخير إنه من الواجب وضع مثل هذه القوانين لكي تكون رادع لأي من الأبوين قبل الغاء ارادة أطفالهم وتحديد مستقبلهم بالشكل الذي يرونه هم مناسبا لهم، وايضا ضد اي نوع من أنواع العنف التي تعد مصدرا رئيسيا في نشأة الاضطرابات النفسية لدى الأطفال، كما أنه سبب رئيسي في انهاء حياة البعض اعتقادا منهم أنهم بذلك يحققون الحرية المطلقة.
واختتمت: "لذلك تلك القوانين ستكون بمثابة رادع لأي شخص ملقب بأنه أب ولكن لا يوصف على أنه أب بالحقيقة".
المادة 96 من القانون
ويذكر أن المادة 96 من القانون نصت على أنه "يعد الطفل معرضاً للخطر، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، في حالة، إذا كانت ظروف تربيته في الأسرة، أو المدرسة، أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر أو كان معرضاً للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد".
وفي حالة إذا حُرم الطفل من حقه بصفة جزئية في حضانة أو رؤية أحد والديه أو من له الحق في ذلك، إذا تخلى عنه الملتزم بالإنفاق عليه أو تعرض لفقد والديه، أو أحدهما، أو تخليهما، أو متولي أمره عن المسؤولية قبله.
إذا حُرم الطفل من التعليم الأساسي أو تعرض مستقبله التعليمي للخطر، إذا مارس جمع أعقاب السجائر أو غيرها من الفضلات والمهملات، وإذا كان سيئ السلوك ومارقاً من سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو متولي أمره، أو من سلطة أمه في حالة وفاة وليه أو غيابه أو عدم أهليته، وفي حالة إن لم يكن للطفل وسيلة مشروعة للعيش ولا عائل مؤتمن ووفي.