ابتعد حفيد النجم السينمائي العالمي عمر الشريف، عن مصر لعقد من الزمان، ولكن في مذكراته الجديدة - وفي مقابلة مع صحيفة هآرتس - كشف عمر الشريف جونيور البالغ من العمر 37 عامًا كيف غادر مصر وكيف كان يعيش مع جده وكيف كان رد فعل عائلته وأصدقائه في كندا على توجهه الجنسي الشاذ.
وقال حفيد النجم العالمي الراحل، وفقا لتصريحات نقلتها عنه صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية : “ لقد غادرت مصر وقلبي حزين”.
ونشرت الصحيفة الإسرائيلية اعتراف حفيد "دكتور زيفاجو" و “لورانس العرب” وهي أدوار شهيرة اداها النجم العالمي الراحل عمر الشريف قائلا: “نعم استفدت من امتياز كوني حفيد عمر الشريف، وأعترف بتردد: أنا مصري ونصف يهودي وشاذ”.
وعن ذكرياته مع جده، قال عمر الشريف جونيور لصحيفة "هآرتس": أتذكر أن جدي جاء إلى حانة “ميتزفه” في نيويورك وذهبنا لتناول الطعام في مطعم في المدينة، وفجأة جاء توم كروز وانضم إلى طاولتنا ووضع يده على كتفي وبدأ في التحدث معي"
وحسب رواية هآرتس، وقعت حادثة أخرى قبل عدة سنوات، وهذه المرة في مطعم عصري في باريس، حيث ظهرت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة آنذاك مادلين أولبرايت وبدأت تتحدث عن السياسة، حيث تواجد جده في نفس المكان، وبغض النظر عن المكان، كان هناك حدث في كل مكان، وفي كل وجبة، أينما تواجد عمر الشريف؛ لذلك كان الحفيد يستمع، وكأنه جزءًا من هذا العالم في مثل هذه السن المبكرة.
كيف التقى طارق ابن عمر الشريف بوالدته ؟
“حكاية عمرين” هي سيرة ذاتية مؤثرة تدور أحداثها على محور قارتين: في مصر، حيث تعيش عائلة والده، وفي كندا، حيث تعيش عائلة والدته اليهودية.
كانت هاتان الثقافتان وهذان العالمان المتداخلتان؛ حيث نشأ بعد طلاق والديه عندما كان في عامه الأول.
ووصف حفيد عمر الشريف في الكتاب كيف التقى والده المصري المسلم وأمه اليهودية الكندية، و كان جده يحب أن يروي كيف رتب للقاء، وحسب الصحيفة الإسرائيلية، “كان النجم العالمي الراحل يصور فيلمًا في مونتريال ويقيم في فندق ريتز كارلتون، وفي إحدى الأمسيات، عندما كان جالسًا في حانة، قدمت له امرأة تدعى ديبي نفسها”.
وكتب “شريف الابن” أن جده لم يكن مهتمًا بلقاء السيدة الكندية ، لكنه أخبرها أن ابنه سيزورها في اليوم التالي؛ ويجب أن تحضر صديقة وينضم الاثنان إلى العشاء.
طارق شريف نجل الفنان العالمي انجذب إلى الشابة ذات الشعر الأشقر، وتواصلا على الفور ورقصا سويا طوال الليل، وفقا لمذكرات الحفيد، “لم تزعجهم الاختلافات الدينية، لكن العلاقة استمرت ثلاث سنوات فقط، وانفصلا بعد تسعة أشهر من ولادة عمر الابن”
وأضاف: بقي طارق شريف في مونتريال وزارها في أيام الإجازات وكل عطلة نهاية أسبوع، بناءً على اتفاقية للطلاق توصل اليها الطرفان بعد ولادة الابن.
وعندما بلغ عمر الشريف الابن الثانية عشرة من عمره، أدرك والده “طارق” أنه بوجود أب ولقب مثله، كانت لديه فرصة أكبر للنجاح في مصر مقارنة بكندا، لذلك بقي “شريف الابن” مع والدته الكندية، بينما عاد والده إلى مصر وافتتح سلسة مطاعم.
وقضى عمر شريف الابن معظم وقته في كندا، حيث تخرج من مدرسة ثانوية يهودية، وكان يزور مصر خلال عطلات الصيف، وخلال الإجازات، كلما استطاع. وكان دائمًا يتلقى معاملة ملكية، ويعيش حياة الحفلات الفخمة، وفقا لما وصف في مذكراته، حسب هآرتس.
وكانت هذه احتفالات حيث فكر المنظمون في أصغر التفاصيل للتأكد من أنها ستكون حديث المدينة، في مصر، فكل الأجيال تحضر الحفلات معًا؛ وغالبًا ما يحتفل الأجداد والأحفاد جنبًا إلى جنب.
ولم يكن شريف الابن ضيفًا منتظمًا في تلك النوادي الليلية فقط، لكن الآباء من مجتمع النخبة اعتبروه مثاليًا لبناتهم، حتى لو كان ذلك بسبب نسبه فقط. وفقا لما رواه، واعتبره هؤلاء الآباء أنه شخص جيد، لكنه كان يعلم أنه ليس كذلك، حسب اعترافاته.
وعندما سئل عمر الشريف الابن عندما أدرك بأن لديه غريزة الانجذاب الجنسي إلى الرجال، قال إنه حتى لو لم يكن يعرف بالضبط كيف يعرّف عن نفسه، عندما كان في الثانية عشرة من عمره، “عندما كان يلعب جميع الأطفال من مختلف الاجناس سويا في المدرسة، كان يفضل البقاء منطويا حتى لا يضطر إلى تقبيل أي فتاة” حسب اعترافاته
وأضاف "في المدرسة الثانوية كنت أعرف بالفعل، وكذلك فعل جميع الأطفال الآخرين من حولي، وقد حرصوا على توضيح ذلك لي".
ويصف سنوات من سوء المعاملة في المدرسة، قائلا “حقيقة أنني كنت حفيد عمر الشريف كنت موضع اهتمام بشكل أساسي - ولم يكن الأمر مثيرًا للاهتمام للأطفال في المدرسة، ولكن بالتأكيد لم يمنعهم من الإساءة إلي”
موقف عمر الشريف من شذوذ حفيده
وردا على سؤال عن موقف جده من شذوذه الجنسي، قال عمر الشريف جونيور“لم نتحدث عن ذلك قط، لقد قبلني كما كنت ولم يظهر الموضوع بيننا بعد ذلك، لقد تصرف كما لو أن شيئًا لم يتغير، وأنا أعلم أنه غالبًا ما دافع عني في وسائل الإعلام التي لم تتوقف عن مهاجمتي، ومن المضحك أن أقول هذا عن رجل هو جدي، لكني أشعر أنه كان توأم روحي”.
وأضاف “حتى كان عمري 16 عامًا، عندما تزوج والدي مرة أخرى وأنجب ابنًا، كنت حفيده الوحيد، ما جعلنا قريبين جدًا”
وتابع “أتذكر أنني بالفعل كطالب في كندا كنت سأسافر لمقابلته في كل مرة أستطيع، وإذا كان يصور في باريس أو في الولايات المتحدة، فسأركب طائرة ، وأقضي عطلة نهاية الأسبوع معه وأعود إلى كندا”.
أما عن موقف والده "طارق" قال عمر الشريف جونيور “كان والدي غاضبًا، ولكن ليس لأنه اكتشف أنني مثلي، ولكن لأنه رأى جميع ردود الفعل، والمقابلات مع أشخاص في الشارع في مصر أرادوا اعتقالي، وكان يخشى أنني كنت أعرض للخطر ليس نفسي فقط ولكن الأسرة بأكملها - خاصة خلال أحداث الربيع العربي، الذي كان وقتًا غير مستقر للغاية في مصر”.
وأضاف "في الوقت الذي لم أكن أدرك فيه المغزى الواسع لما فعلته، حقيقة أنني عرّضت العائلة بأكملها للخطر حقًا، وما زلت لا أندم للحظة على الرسالة، لحقيقة أنني كنت صادقًا مع بنفسي، أخيرًا يمكنني أن أعيش بحرية "
وتابع "إذا تمكنا من فهم خوف والدي، فإن رد فعل والدتي سيكون أصعب قليلاً تقبله".
واقتبس عمر الشريف جونيور قولها له في كتابه "لا تخبر والدك، لا تخبر أحدا." ويعلق "كانت دائما تقلقني" .
ويوضح شريف بـ " أنها كانت تعني مرض السرطان الذي كانت تعانيه".
وأكد شريف جونيور أنه بعد رد فعل والدته القاسي، استغرق الأمر بعض الوقت لإصلاح علاقتهما. قائلا: "أعتقد أنها في تلك اللحظة كانت تفكر بشكل أساسي في نفسها، في حقيقة أنني لن أنجب أطفالًا وأنه لن يكون لها أحفاد، لأنني ابنها الوحيد"
وأضاف "كان رد فعلها أنانيًا، لكن في النهاية تمكنا من إعادة بناء الثقة بيننا وهي الآن أكبر داعم لي، لم يكن الأمر سهلاً، لكن عملية القبول لها جدول زمني خاص بها ولا يمكننا تسريعها أو إبطائها"
وحصل عمر الشريف جونيور على درجة البكالوريوس في الفن من جامعة كوينز في كينجستون، أونتاريو، في منتصف الطريق بين تورنتو ومونتريال.
وحصل على ماجستير في السياسة المقارنة من كلية لندن للاقتصاد ودرجة من معهد Lee Strasberg للمسرح والسينما في نيويورك.
وعندما أنهى دراسته عمل كعارض أزياء عمل في مجموعة من الأفلام، ومنذ عام 2012، كان ناشطًا بارزًا ومحاضرًا شهيرًا في جميع أحداث LGBTQ مثليي الجنس حول العالم.
وعن المتاعب التي يواجهها قال "كون والدتي يهودية ليس بالأمر الهين عندما تكون من مصر، وبغض النظر، فكوني مثلي الجنس بشكل علني يعني دائمًا التساؤل عن المتاعب التي سأواجهها" زاعما أن "العلاقات المثلية ليست محظورة بموجب القانون، لكنها مدانة من قبل الإسلام والكنيسة القبطية"
وفي السنوات الأخيرة، غالبًا ما حوكم الرجال المثليون على جرائم "الفجور"، ويتكتم العديد من أفراد مجتمع المثليين هويتهم الجنسية خوفًا على سلامتهم في المجتمعات الشرقية.
وقال "أفتقد مصر حقًا وأكثر ما أفتقده هو الدفء الذي يغمر علاقات المصريين، والبسطاء ذوي القلوب الكبيرة، على الرغم من كل ما يقوله الناس هناك عني"
وتكشف صحيفة هآرتس أنه قبل يومين من المقابلة، وصل عمر الشريف الابن إلى إسرائيل في زيارة ثلاثة أيام للمساعدة في إطلاق الموسم الجديد من المسلسل التلفزيوني الإسرائيلي "الجمال والخباز"، والذي يلعب فيه دور وكيل هوليوود من أصل لبناني.