تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: “هل نرى ملك الموت عند الوفاة أم نسمعه؟”.
وأجاب الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى خلال فيديو عبر قناة دار الإفتاء على يوتيوب، إننا عند الوفاة قد نرى ملك الموت ولا يوجد مانع، وهذه الأمور موقوفة على المنقول.
كيف يقبض ملك الموت أرواح البشر في وقت واحد رغم اختلاف أماكنهم؟
كيف يقبض ملك الموت أرواح الكثير من البشر في وقت واحد رغم اختلاف أماكنهم.. سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية.
وأوضحت أمانة الفتوى، أن الموت في اللغة: ضد الحياة، يقال: مات يموت فهو ميت وميت ضد حي، والمتوفي على الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى؛ فأسند التوفي إليه سبحانه، ثم خلق الله ملك الموت وجعله الملك الموكل بقبض الأرواح؛ يقول الله تعالى: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾ [السجدة: 11].
وأخرج عبدالرزاق وأحمد في "الزهد"، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن أبي شيبة، وأبو الشيخ عن مجاهد قال: "ما على ظهر الأرض من بيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطوف به كل يوم مرتين".
وأخرج عبدالرزاق، وأحمد في "الزهد"، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ في "العظمة"، وأبو نعيم في "الحلية" عن مجاهد قال: "جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعل له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم".
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس: أنه سئل عن ملك الموت: هل هو وحده الذي يقبض الأرواح؟ قال: "هو الذي يلي أمر الأرواح، وله أعوان على ذلك، غير أن ملك الموت هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب".
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في "التفسير" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿توفته رسلنا﴾ [الأنعام: 61] قال: "أعوان ملك الموت من الملائكة".
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في "التفسير" عن إبراهيم النخعي في قوله تعالى: ﴿توفته رسلنا﴾ [الأنعام: 61] قال: "الملائكة تقبض الأنفس، ثم يقبضها منهم ملك الموت بعد".
وأخرج عبدالرزاق، وابن جرير، وأبو الشيخ في "العظمة" عن قتادة في قوله تعالى: ﴿توفته رسلنا﴾ [الأنعام: 61] قال: "إن ملك الموت له رسل؛ فيلي بعضها الرسل، ثم يدفعونها إلى ملك الموت".
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: "إن الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم، فإذا توفوا النفس دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب -يعني العشار- الذي يؤدي إليه من تحته". ينظر: "الحبائك في أخبار الملائك" (1/ 42-43، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام الطبري في تفسيره لقوله تعالى: ﴿توفته رسلنا﴾: "فإن قال قائل: أو ليس الذي يقبض الأرواح ملك الموت، فكيف قيل: ﴿توفته رسلنا﴾، "والرسل" جملة وهو واحد؟ أو ليس قد قال: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾ [السجدة: 11]؟ قيل: جائز أن يكون الله تعالى ذكره أعان ملك الموت بأعوان من عنده، فيتولون ذلك بأمر ملك الموت، فيكون التوفي مضافا، وإن كان ذلك من فعل أعوان ملك الموت إلى ملك الموت؛ إذ كان فعلهم ما فعلوا من ذلك بأمره، كما يضاف قتل من قتل أعوان السلطان وجلد من جلدوه بأمر السلطان إلى السلطان، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه، ولا وليه بيده، وقد تأول ذلك كذلك جماعة من أهل التأويل كابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والربيع بن أنس". ينظر: "جامع البيان في تأويل القرآن" (9/ 290، ط. هجر).
قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (7/ 7، ط. دار الكتب المصرية): [قوله تعالى: ﴿توفته رسلنا﴾ المراد: أعوان ملك الموت، قاله ابن عباس رضي الله عنهما وغيره. ويروى أنهم يسلون الروح من الجسد حتى إذا كان عند قبضها قبضها ملك الموت. وقال الكلبي: يقبض ملك الموت الروح من الجسد ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمنا أو إلى ملائكة العذاب إن كان كافرا...، والتوفي تارة يضاف إلى ملك الموت، كما قال: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون﴾ [السجدة: 11]، وتارة إلى الملائكة؛ لأنهم يتولون ذلك، كما في هذه الآية وغيرها. وتارة إلى الله وهو المتوفي على الحقيقة؛ كما قال: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾ [الزمر: 42]، ﴿قل الله يحييكم ثم يميتكم﴾ [الجاثية: 26]...، فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما أمر به] اه.
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (13/ 15، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال الله تعالى: ﴿الله يتوفى الأنفس حين موتها﴾ [الزمر: 42]، وقال:﴿الذي خلق الموت والحياة﴾ [الملك: 2]، فهذان النصان يدلان على أن توفي الأرواح ليس إلا من الله تعالى. ثم قال: ﴿قل يتوفاكم ملك الموت﴾[السجدة: 11]، وهذا يقتضي أن الوفاة لا تحصل إلا من ملك الموت.
ثم قال في هذه الآية: ﴿توفته رسلنا﴾ فهذه النصوص الثلاثة كالمتناقضة، والجواب: أن التوفي في الحقيقة يحصل بقدرة الله تعالى، وهو في عالم الظاهر مفوض إلى ملك الموت، وهو الرئيس المطلق في هذا الباب، وله أعوان وخدم وأنصار، فحسنت إضافة التوفي إلى هذه الثلاثة بحسب الاعتبارات الثلاثة. والله أعلم] اه.
وبناء عليه: فإن ملك الموت موكل بقبض الأرواح، وله أعوان -كما سبق بيانه-؛ فلا يصعب حينئذ تصور قبضه لأرواح متعددة في زمن واحد بواسطة أولئك الأعوان من الملائكة.