أسبوع حاسم في مصير نظام رئيس الوزراء الأثيوبي، آبي أحمد علي، هذا ما كشفت عنه تطورات الصراع الدائر في إثيوبيا منذ عام بين نظام رئيس الوزراء و9 جماعات داخلية رافضة لحكمه في مقدمتها الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
إقامة جبهة جديدة
أخر التطورات أعلن عنها منظمون لإقامة جبهة جديدة في إثيوبيا، الجمعة، حيث قالوا إن قوات تيجراي الإثيوبية انضمت إلى جماعات مسلحة ومعارضة أخرى في تحالف ضد رئيس الوزراء آبي أحمد علي للسعي إلى فترة انتقال سياسي بعد عام من الحرب المدمرة.
ويشمل التوقيع على إنشاء التحالف الجديد، والذي جرى في واشنطن، قوات تيجراي، التي تقاتل القوات الإثيوبية والقوات المتحالفة، بالإضافة إلى جيش تحرير أورومو، الذي يقاتل الآن إلى جانب قوات تيجراي، و7 مجموعات أخرى من جميع أنحاء البلاد.
ويتشكل التحالف في الوقت الذي يجتمع فيه المبعوث الأميركي الخاص جيفري فيلتمان مع كبار المسؤولين الحكوميين في العاصمة الإثيوبية وسط دعوات لوقف إطلاق النار الفوري وإجراء محادثات لإنهاء الحرب التي أودت بحياة الآلاف منذ نوفمبر 2020.
وقالت الولايات المتحدة، إن فيلتمان التقى مع نائب رئيس الوزراء ووزيرا الدفاع والمالية الخميس.
ويسعى التحالف الجديد المسمى «الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية الإثيوبية» إلى «إقامة ترتيب انتقالي في إثيوبيا» حتى يتمكن رئيس الوزراء من الرحيل في أسرع وقت ممكن، حسبما قال يوهانيس أبرهة، أحد المنظمين، وهو من مجموعة تيجراي، لأسوشيتدبرس.
وتابع أبرهة أن «الخطوة التالية، بالطبع، ستكون بدء الاجتماع والتواصل مع الدول والدبلوماسيين والجهات الفاعلة الدولية في إثيوبيا وخارجها».
وأضاف أن التحالف الجديد سياسي وعسكري، مشيرا إلى أن التحالف لم يكن له أي «اتصال مع حكومة إثيوبيا».
وأكد المتحدث باسم جيش تحرير أورومو، أودا طربي، الأنباء عن التحالف الجديد.
وعندما سئل عما إذا كان ذلك يعني إجبار آبي أحمد على الرحيل، أجاب بأن ذلك يعتمد على حكومة إثيوبيا والأحداث خلال الأسابيع المقبلة، مضيفا: «بالطبع نحن نفضل ما إذا كان هناك انتقال سلمي ومنظم مع إزاحة آبي أحمد».
الرحيل في أقرب وقت
من جانبه، أكد النائب العام الإثيوبي يديون تيموثيوس للصحفيين ثقته التامة بأن المتمردين على حد وصفه «لا يحظون بدعم اجتماعي على الأرض»، واصفا تحالفهم بأنه «مجرد حيلة موجهة للرأي العام».
ويأتي التحالف على خلفية إعلان الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر، بعد تقدم القوات الرافضة لنظام آبي أحمد من الشمال نحو العاصمة أديس أبابا.
ونصحت الولايات المتحدة جميع المواطنين الأميركيين بمغادرة إثيوبيا «في أقرب وقت ممكن»، بعد أن هدد تحالف من القوات المناهضة للحكومة بالزحف صوب أديس أبابا.
وقال بيان نشر على الموقع الإلكتروني لـ سفارة الأميركية لدى أديس أبابا، الجمعة: «الوضع الأمني في إثيوبيا غير واضح تماما. ننصح المواطنين الأميركيين الموجودين في إثيوبيا بمغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية طلبت من الأميركيين، الثلاثاء، عدم التوجه إلى إثيوبيا، أو «التفكير في المغادرة إذا كانوا موجودين هناك سلفا».
لكن الخارجية مضت أبعد من ذلك في بيان الجمعة، مؤكدة أن «الوضع الأمني في إثيوبيا شديد الاضطراب»، مشددة: «نوصي المواطنين الأميركيين في إثيوبيا بمغادرة البلاد في أسرع وقت».
ونصحت بالمغادرة في رحلات تجارية، مبدية استعدادها لمساعدة مواطنيها عند الضرورة.
من جانبها أكدت إثيوبيا، الجمعة، أنها ستضطر لاتخاذ إجراءات صارمة حيال سفارات أجنبية دعت رعاياها لمغادرة البلاد على خلفية شائعات حول محاصرة جبهة تحرير تيجراي للعاصمة أديس أبابا على حد وصفها.
وأشار بيان صادر من مكتب الاتصال الحكومي إلى أن هناك بعض وسائل الإعلام الأجنبي تنشر معلومات مضللة من خلال النقل الكاذب عن سقوط بعض المدن في أيدي الجبهة، التي تحاول زرع الشك والخوف بين القيادة والشعب والجيش الوطني يجب أن تتوقف عن هذا السلوك.
وذكر البيان أن بعض العاملين في المنظمات الأجنبية ينشرون معلومات كاذبة بشأن طلب مسؤولين حكوميين تأشيرات لإثارة الشكوك بين الشعب والجيش الوطني عليهم التوقف عن ذلك وإلا ستتخذ الحكومة الإثيوبية إجراءات رادعة بشأنهم.
دعوة لحمل السلاح
ودعا البيان الشعوب الإثيوبية للوقوف ضد ما تواجهه البلاد، مشيرا إلى أنه يجب على الشعب مواصلة العمل معًا لإغلاق الباب أمام الشائعات الكاذبة التي تنشرها القوى المدمرة وحلفاؤها.
وصوت البرلمان الإثيوبي، الخميس، بالموافقة بالإجماع على فرض حالة الطوارئ بالبلاد، بعدما قالت قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي إنها «حققت مكاسب على الأرض جنوبا، في مطلع الأسبوع، وهددت بالزحف إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا».
وجاء هذا الإعلان بعد يومين من حثّ رئيس الوزراء آبي أحمد علي، المواطنين على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم في مواجهة «الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي».
وطلبت السلطات في أديس أبابا من السكان تسجيل الأسلحة وإعداد الدفاعات، في إطار التحسب لتقدم قوات تيجراي.
ويعيش سكان العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حالة من الرعب منذ إعلان قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي مدعومة بقوات إقليم أورومو الاقتراب من دخول العاصمة في أي وقت.
وأعلنت قناة "العربية" بأن هناك عمليات سحب من البنوك وتخزين غذاء في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تحسبا لدخول الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي.
ودخل الصراع في إثيوبيا مرحلة جديدة، بعدما أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التي سيطرت على مدينتين استراتيجيتين بشمال البلاد، ديسي وكومبولتشا، مطلع الأسبوع، أنها انضمت إلى قوات إقليم أورومو، التي تقاتل ضد الحكومة الإثيوبية وأنها «تدرس الهجوم على أديس أبابا».
فرض حالة الطوارئ
وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الثلاثاء، فرض حالة الطوارئ في البلاد، عقب تصاعد المواجهة مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في الوقت الذي تتهم فيه جهات دولية أطراف النزاع في الإقليم بارتكاب انتهاكات حقوقية.
وصادق البرلمان الإثيوبي، اليوم الخميس، على فرض حالة الطوارئ على مستوى البلاد لمدة 6 أشهر، والتي أعلنها مجلس الوزراء.
من جانبه، أعلن جيش تحرير أورومو، المتحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي في إثيوبيا، أن الاستيلاء على العاصمة أديس أبابا بات قريبا جدا، فهو مسألة أشهر إن لم يكن أسابيع.
ونقلت وكالة «فرانس برس»، عن جيش تحرير أورومو تأكيده بأن مقاتليه دخلوا إلى عدة مدن في جنوب كومبولشا بينها كيميسي على بعد 320 كيلومترا من العاصمة الإثيوبية.
وقال المتحدث باسم جيش أورومو، أودا طربي، تعليقا على إمكانية سقوط أديس أبابا إنه «إذا استمرت الأمور على الوتيرة الحالية فسيكون دخول العاصمة وقتها مسألة أشهر إن لم يكن أسابيع».
وعلى خلفية ذلك، وجه رئيس الوزراء آبي أحمد خطابا لـ المواطنين الإثيوبيين, داعيا إلى التعاون مع الجهات الأمنية في تلك «المحنة»، على حد قوله.
وقال آبي أحمد في بيان: «أدعو المواطنين للقيام بدورهم المطلوب من خلال الامتثال لتوجيهات إعلان الطوارئ»، مضيفا: «يجب على المواطنين أن يتعاونوا مع سلطات إنفاذ القانون للقيام بواجباتهم بكفاءة وتقديم المساعدة اللازمة».
وتابع: «إنه وقت التجربة والأخطاء.. سيتم اختبار الجميع حتى انتهاء الامتحان».
حرب أهلية أوسع
من جانبه حذر المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، من أن ما يجري قد يمتد إلى حرب أهلية أوسع، مما يهدد بمزيد من المعاناة للشعب الإثيوبي والمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
ولوقف هذا التوسع ودفع الجانبين للتفاوض، أعدت الإدارة عقوبات أمريكية مستهدفة ضد شخصيات من الحكومة الإثيوبية وأطراف أخرى، وفق مصدرين مطلعين على تحضيرات الإدارة الأمريكية.
وقال المصدران إن وزارة الخارجية أعدت أيضًا إعلانًا بأن الفظائع التي ارتكبتها الحكومة الإثيوبية ضد سكان تيجراي تشكل إبادة جماعية، على الرغم من أنه من غير الواضح الوقت الذي سيوقع عليه وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن.
ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الحديث عن إعلان محتمل للإبادة الجماعية، لكنه قال لشبكة ABC News، إنهم «قلقون للغاية من استمرار العنف في شمال إثيوبيا»، مطالبا بــ «إجراء مراجعة للحقائق المتاحة لتقييم ما إذا كانت جرائم فظيعة قد ارتكبت».
واتُهمت الحكومة الإثيوبية بارتكاب فظائع، بما في ذلك الاغتصاب والاعتداء الجنسي والإعدامات والتهجير وتدمير المستشفيات والمزارعين ونهب مخازن المواد الغذائية.
في حين أن العقوبات الجديدة قد تأتي بمزيد تفصيلي أكبر قريبًا، إلا أن العقوبة الاقتصادية هي الأهم، والتي تأتي هذه المرة، بتعليق الوضع التجاري الخاص لإثيوبيا في التعريفات الجمركية، وذلك بموجب قانون النمو والفرص الأفريقي.
وقال فيلتمان «لم يفت الأوان بعد لتصحيح الأمور، لكن التغيير يجب أن يحدث في ظرف أيام وليس أسابيع».
آبي جزء من المشكلة
وقال فيلتمان، أن الولايات المتحدة تعتبر حكومة آبي جزءًا من المشكلة هنا، لا سيما لأن حصارها «غير المعقول» على منطقة تيجراي منذ يونيو؛ أدى إلى نقص في الغذاء والدواء والوقود والنقود، وتشير التقديرات الأمريكية إلى أن نحو 900 ألف شخص يواجهون ظروفاً شبيهة بالمجاعة في المنطقة.
وأوضح أن الولايات المتحدة لديها عقوبات جاهزة: «الولايات المتحدة مستعدة لمتابعة العقوبات الأولى، ضد من يؤججون هذه الأزمة ويعرقلون العمليات الإنسانية، وسنستهدف جميع الأطراف المتورطة».
ويرى فيلتمان، إن الصراع سينتهي بالمحادثات بغض النظر عن أي شيء - ويجب على القادة تجنيب الشعب الإثيوبي الكوارث، لكن يبدو واضحًا من الحصار المستمر وهجوم الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أن كل طرف ما زال يعتقد أنه بإمكانه تحقيق نصر عسكري.
محاولة لتبرير الفشل
من جانبه قال الخبير في الشأن الأفريقي، الدكتور هاني رسلان، إن التحالف بين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، والفصيل الرئيسي الذي يحمل السلاح فى إثنية الأورومو، قائم منذ فترة، وهناك اتهام من آبي أحمد لجبهة تحرير تيجراى بأن بها مقاتلين تابعين لعدة جهات ومنهم مقاتلين بيض يحاربون معهم وأنهم يحصلون على دعم معلوماتي متقدم.
وأكد أن تلك الاتهامات هي محاولة لتبرير الفشل والعجز والهزيمة، رغم أنه أعلن التعبئة العامة من قبل واعترف الآن بأنها لم تكن فعالة، مشيرا إلى أن رد الفعل الإثيوبى بإعلان حالة الطوارئ ومضمون تصريحات آبي أحمد توضح أن هناك ارتباطا كبيرا واضطرابا لدى الجيش الإثيوبى والحكومة.
واختتم: «المتغير الجديد هو سقوط مدينة ديسى الاستراتيجية في إقليم أمهرة في أيدي الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي وبذلك أصبح الطريق مفتوحا للتحرك نحو أديس أبابا».
ومنذ ما يقرب من عام، والصراع في إثيوبيا لم يتوقف، فهو صراع وحشي ومتصاعد يصاحبه عنف كارثي في مناطق عدة في إثيوبيا، وهو ما يؤثر على حياة الملايين ويعرض الاستقرار في القرن الأفريقي للخطر.
وبدأت شرارة الحرب الأهلية والقتال في نوفمبر 2020، نتيجة نزاع بين حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ومقاتلين في منطقة تيجراي الجبلية شمالي البلاد، فلم يأخذ آبي وقتًا إلا ليعمل على جر البلاد إلى الحرب، ما أوقع آلاف الإثيوبيين قتلى في الصراع، وليس هناك رقم موثق عن حجم المجازر التي جرت بحق الأبرياء.
وبسبب حرب آبي أحمد، نزح مليونا شخص، ويواجه أكثر من 400 ألف مجاعة كبيرة، ويحتاج ملايين آخرون إلى مساعدات غذائية طارئة.
ومع ذلك، أدى استمرار القتال والعقبات البيروقراطية التي فرضتها الحكومة الفيدرالية وإغلاق طرق المساعدات الإنسانية الرئيسية إلى يأس متزايد، يجب أن يوليه المجتمع العالمي اهتمامًا أكبر.
وقالت (سي إن إن)، إن ما يحدث في إثيوبيا يدق ناقوس الخطر بشأن تعدد روايات جرائم أفراد الجيش الإثيوبي ، إلى جانب القوات المتحالفة معه من إريتريا المجاورة ومختلف الميليشيات الداعمة ، واللذين لم يتورعوا عن انتهاك واغتصاب نساء وفتيات تيجراي.
تقارير الاغتصاب الجماعي
وأكدت (سي إن إن)، على إن قصص الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والتعذيب والإذلال، حقيقة لا يمكن إنكارها.
وفي وقتٍ سابق قالت براميلا باتن، مسؤولة الأمم المتحدة العليا المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، إن «نساء وفتيات تيجراي تعرضن للاعتداء الجنسي بمستوى من القسوة يفوق التصور».
وفقًا لمنظمة العفو الدولية، تم تسجيل أكثر من 1000 حالة عنف جنسي في غضون ثلاثة أشهر فقط ، ومع ذلك من المحتمل أن تكون هذه التقديرات مجرد تقييم أقل من الحقيقة بكثير.
وخلصت (سي إن إن) إلى إن المخاطر أكبر من أن يسمح باستمرارها ، ولهذا السبب يجب وقف وردع علميات القتل في إثيوبيا ووقف العنف والسماح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة.
قوة مؤثرة في إثيوبيا
وإقليم تيجراي، إقليم حدودي يقع في شمال إثيوبيا ملتصقًا بالشريط الحدودي لـ السودان واريتريا، ويمثل ثالث إقليم من حيث عدد السكان، حيث يعيش به ما يزيد عن 7 ملايين نسمة من أصل 122 مليون نسمة، عدد سكان إثيوبيا.
وكان إقليم تيجراي قوة مؤثرة في السياسة الإثيوبية على مدار تاريخ البلاد، خاصة بعد الحرب الاهلية التي أعقبت خلع الامبراطور هيلا سيلاسي، حيث كان إقليم تيجراي بؤرة المجاعة بين عامي 1983 و 1985 التي راح ضحيتها أكثر من مليون شخص.
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي شبه جزءاً من التحالف الذي أطاح بالحكومة في عام 1991، لتكون قوة مؤثرة وفاعلة في الحكومة حتى عام 2019.
وفي عام 2019 شكّل رئيس الوزراء آبي أحمد ائتلافًا حكوميا جديدا رفضت جبهة تحرير شعب تيجراي أن تكون جزءًا منه، وبدأ الصراع بين الجبهة والحكومة التي تعمدت تهميش الإقليم وردعه بالقوة حتى صار الصراع عسكريًا بين الجانبين.