عمات الرسول صلى الله عليه وسلم.. الرسول محمد صلى الله عليه وسلم له ستة عمات، وهن: صفية وأروى وعاتكة، وأم حكيم وبرة وأميمة.
عمات الرسول
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق عبر صفحته على فيس بوك، إن عَمَّات الرسول سِت: صَفِيّةُ أُمّ الزّبَيْرِ بْنِ الْعَوّامِ، وَعَاتِكَةُ ، وَبَرّةُ ، وَأَرْوَى ، وَأُمَيْمَةُ ، وَأُمّ حَكِيمِ الْبَيْضَاءِ .
1 – صفية بنت عبد المطلب :
أم الزبير بن العوام ، والأخت الشقيقة لحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه ، وأمها هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة .
وصفية بنت عبد المطلب أسلمت باتفاق ، وشهدت الخندق ، وقتلت رجلا من اليهود ، وضرب لها النبي ﷺ بسهم .
وكانت في الجاهلية تحت الحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس، ثم هلك عنها، فخلف عليها العوام بن خويلد أخو خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فولدت له الزبير والسائب وعبد الكعبة .
وعن ابن عباس قال : توفي ابن لصفية عمة رسول الله ﷺ ، فبكت عليه وصاحت ، فأتاها النبي ﷺ فقال لها : "يا عمة ، ما يبكيك ؟" قالت : توفي ابني . قال : "يا عمة، من توفي له ولد في الإسلام فصبر ؛بنى الله له بيتا في الجنة". فسكتت .
ثم خرجت من عند رسول الله ﷺ ، فاستقبلها عمر بن الخطاب فقال: يا صفية ، قد سمعت صراخك ، إن قرابتك من رسول الله ﷺ لن تغني عنك من الله شيئا . فبكت ، فسمعها النبي ﷺ ، وكان يكرمها ويحبها فقال : "يا عمة ، أتبكين وقد قلت لك ما قلت ؟" قالت : ليس ذاك أبكاني يا رسول الله ، استقبلني عمر بن الخطاب فقال : إن قرابتك من رسول الله ﷺ لن تغني عنك من الله شيئا. قال: فغضب النبي ﷺ وقال : "يا بلال، هجر بالصلاة". فهجر بلال بالصلاة، فصعد المنبر النبي ﷺ ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : "ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع ؟ كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ؛ فإنها موصولة في الدنيا والآخرة" .
فقال عمر: فتزوجت أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما لما سمعت من رسول الله ﷺ يومئذ أحببت أن يكون لي منه سبب ونسب .
وليس هناك تعارض بين ما جاء في هذا النص وما جاء في نصوص أخرى يصرح فيها النبي ﷺ أنه لا يغني عن أقاربه شيئا إن لم يتبعوه ويؤمنوا بما جاء به ، لأن لكل نص سياقه ، ولكل موقف مقاله ، والنصوص بمجموعها توضح مكانة آل بيت رسول الله وعترته وأصله وفرعه وتوضح في الوقت ذاته أن هذه المكانة الشريفة يلزمها تحقق الإيمان والتقوى.
فعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) فَقَالَ : « يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِى عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِى عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِى عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا فَاطِمَةُ سَلِينِى مَا شِئْتِ لاَ أُغْنِى عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ».
وتوفيت رضي الله عنها بالمدينة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة عشرين، ولها ثلاث وسبعون سنة ، ودفنت بالبقيع بفناء دار المغيرة بن شعبة .
وقد رثت رضي الله عنها أباها عبد المطلب بأبيات تقول :
أَرِقْتُ لِصَوْتِ نَائِحَةٍ بِلَيْلٍ ... عَلَى رَجُلٍ بِقَارِعَةِ الصّعِيدِ
فَفَاضَتْ عِنْدَ ذَلِكُمْ دُمُوعِي ... عَلَى خَدّي كَمُنْحَدِرِ الْفَرِيدِ
عَلَى رَجُلٍ كَرِيمٍ غَيْرِ وَغْلٍ ... لَهُ الْفَضْلُ الْمُبِينُ عَلَى الْعَبِيدِ
عَلَى الْفَيّاضِ شَيْبَةَ ذِي الْمَعَالِي ... أَبِيكِ الْخَيْرِ وَارِثِ كُلّ جُودِ
صَدُوقٍ فِي الْمَوَاطِنِ غَيْرِ نِكْسٍ ... وَلَا شَخْتِ الْمَقَامِ وَلَا سَنِيدٍ
طَوِيلِ الْبَاعِ أَرْوَعَ شَيْظَمِيّ ... مُطَاعٍ فِي عَشِيرَتِهِ حَمِيدٍ
رَفِيعِ الْبَيْتِ أَبْلَجَ ذِي فُضُولٍ ... وَغَيْثِ النّاسِ فِي الزّمَنِ الْحَرُودِ
كَرِيمِ الْجَدّ لَيْسَ بِذِي وُصُومِ ... يَرُوقُ عَلَى الْمُسَوّدِ وَالْمَسُودِ
عَظِيمِ الْحِلْمِ مِنْ نَفَرٍ كِرَامٍ ... خَضَارِمَةٍ مَلَاوِثَة أُسُودٍ
فَلَوْ خَلَدَ امْرُؤٌ لِقَدِيمِ مَجْدٍ ... وَلَكِنْ لَا سَبِيلَ إلَى الْخُلُودِ
لَكَانَ مُخَلّدًا أُخْرَى اللّيَالِي ... لِفَضْلِ الْمَجْدِ وَالْحَسَبِ التّلِيدِ
ورثت سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم بأبيات تقول :
أَلاَ يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتَ رَجَاءَنَا وَكُنْتَ بِنَا بَرًّا وَلَمْ تَكُ جَافِيَا
وَكُنْتَ بِنَا بَرًّا رَؤُوفًا نَبِيَّنَا لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ بَاكِيَا
كَأَنَّ عَلَى قَلْبِى لِذِكْرِ مُحَمَّدٍ وَمَا خِفْتُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ الْمَكَاوِيَا
أَفَاطِمُ صَلَّى اللهُ رَبُّ مُحَمَّدٍ عَلَى جَدَثٍ أَمْسَى بِيَثْرِبَ ثَاوِيَا
فِدًى لِرَسُولِ اللهِ أُمِّي وَخَالَتِي وَعَمِّى وَآبَائِي وَنَفْسِي وَمَالِيَا
صَدَقْتَ وَبَلَّغْتَ الرِّسَالَةَ صَادِقًا وَمِتَّ صَلِيبَ الدَّينِ أَبْلَجَ صَافِيَا
فَلَوْ أَنَّ رَبَّ النَّاسِ أَبْقَاكَ بَيْنَنَا سَعِدْنَا وَلَكِنْ أَمْرُهُ كَانَ مَاضِيَا
2 – عاتكة بنت عبد المطلب :
وعاتكة هي صاحبة الرؤيا يوم بدر ، والمقصود برؤيا بدر أنها بَعَثَتْ إلَى أَخِيهَا الْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ فَقَالَتْ لَهُ : يَا أَخِي ، وَاَللّهِ لَقَدْ رَأَيْت اللّيْلَةَ رُؤْيَا أَفْزَعَتْنِي ، وَتَخَوّفْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى قَوْمِك مِنْهَا شَرٌّ وَمُصِيبَةٌ ، فَاكْتُمْ عَنّي مَا أُحَدّثُك بِهِ . فَقَالَ لَهَا : وَمَا رَأَيْتِ ؟ قَالَتْ : رَأَيْتُ رَاكِبًا أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ حَتّى وَقَفَ بِالْأَبْطَحِ ثُمّ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَلَا انْفِرُوا يَا لَغُدُرَ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلَاثٍ ، ثُمّ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ فَصَرَخَ بِمِثْلِهَا . ثُمّ أَخَذَ صَخْرَةً فَأَرْسَلَهَا . فَأَقْبَلَتْ تَهْوِي ، حَتّى إذَا كَانَتْ بِأَسْفَلِ الْجَبَلِ ارْفَضّتْ فَمَا بَقِيَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ مَكّةَ وَلَا دَارٌ إلّا دَخَلَتْهَا مِنْهَا فَلِقَةٌ .
ثم فَشَا الْحَدِيثُ بِمَكّةَ حَتّى تَحَدّثَتْ بِهِ قُرَيْشٌ فِي أَنْدِيَتِهَا .
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ للعباس : يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، مَتَى حَدَثَتْ فِيكُمْ هَذِهِ النَّبِيَّةُ ؟ فقَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : تِلْكَ الرّؤْيَا الّتِي رَأَتْ عَاتِكَةُ ؛ أَمَا رَضِيتُمْ أَنْ يَتَنَبّأَ رِجَالُكُمْ حَتّى تَتَنَبّأَ نِسَاؤُكُمْ .
ثم وقع ما وقع في بدرٍ ، وكان كما قالت ، هؤلاء الناس أكثرهم صرعى في قليب بدر ، ولم تترك بدرٌ أحدًا من قريشٍ إلا قليلا إلا أصابته بسوء وناله من كربها كما هو معلومٌ .
وكانت عند أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، ولدت له عبد الله ، أسلم وله صحبة ، وزهيرًا وكلاهما ابنا عم أبى جميل وأخوا أم سلمة زوج النبي ﷺ لأبيها . وقريبة الكبرى .
ولعاتكة في رثاء أبيها عبد المطلب أبيات تقول :
أَعَيْنِيّ جُودَا وَلَا تَبْخَلَا ... بِدَمْعِكُمَا بَعْدَ نَوْمِ النّيَام
أَعَيْنِيّ وَاسْحَنْفِرَا وَاسْكُبَا ... وَشُوبَا بُكَاءَكُمَا بِالْتِدَامِ
أَعَيْنِيّ وَاسْتَخْرِطَا وَاسْجُمَا ... عَلَى رَجُلٍ غَيْرِ نِكْسٍ كَهام
عَلَى الْجَحْفَلِ الْغَمْرِ فِي النّائِبَاتِ ... كَرِيمِ الْمَسَاعِي وَفِيّ الذّمَام
عَلَى شَيْبَةِ الْحَمْدِ وَارَى الزّنَاد ... وَذِي مَصْدَق بَعْدُ ثَبْتِ الْمَقَامِ
وَسَيْفٍ لَدَى الْحَرْبِ صَمْصَامَةٍ ... وَمُرْدَى الْمُخَاصِمِ عِنْدَ الخِصام
وَسَهْلِ الْخَلِيقَةِ طَلْقِ الْيَدَيْنِ ... وَفِي عدملي صَمِيمٍ لُهام
تَبَنّكَ فِي بَاذِخٍ بَيْتُهُ ... رَفِيعُ الذّؤَابَةِ صَعْبُ المَرام
3 – أروى بنت عبد المطلب :
أمها صفية بنت جندب أم الحارث بن عبد المطلب ، فهي شقيقته . وكانت تحت عمير بن وهب بن عبد قصى ، فولدت له طليبا ، ثم خلف عليها كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى ، وأسلم طليب وكان من المهاجرين الأولين ، شهد بدرًا ، وقُتِل بأجنادين شهيدًا ، وليس له عقب .
وكان سببا في إسلام أمه ، فقد ذكر الواقدي أن طليبا أسلم في دار الأرقم ثم خرج فدخل على أمه أروى بنت عبد المطلب فقال : اتبعت محمدا وأسلمت لله عز وجل . فقالت : إن أحق من واددت وعضدت ابن خالك ، والله لو قدرنا على ما يقدر عليه الرجال لمنعنا وذببنا عنه . فقال لها طليب : وما يمنعك أن تسلمي وتتبعيه ، فقد أسلم أخوك حمزة ؟ قالت : أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون من إحداهن . قال : فقلت : إنى أسألك بالله إلا أتيتيه فسلمت عليه وصدقتيه وشهدت أن لا إله إلا الله . قالت : فإنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . ثم كانت بعدُ تعضد النبي ﷺ بلسانها ، وتحض على نصرته والقيام بأمره .
4 – أميمة بنت عبد المطلب :
أميمة بنت عبد المطلب كانت عند جحش بن رئاب ، ولدت له عبد الله ، أسلم وهاجر الهجرتين ، واستشهد يوم أحد ، فعن سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قَالَ : إن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ : أَلاَ تَأْتِى نَدْعُو اللَّهَ . فدعا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ قَالَ : اللَّهُمَّ ارْزُقْنِى غَدًا رَجُلاً شَدِيدًا حَرَدُهُ شَدِيدًا بَأْسُهُ أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِى ثُمَّ يَأْخُذُنِى فَيَجْدَعُ أَنْفِى وأذني ، فَإِذَا لَقِيتُكَ غَدًا قُلْتَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ فِيمَ جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنُكَ ؟ فَأَقُولُ : فِيكَ وَفِى رَسُولِكَ . فَتَقُولُ : صَدَقْتَ . قَالَ سَعْدُ : لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ وَإِنَّ أُذُنَهُ وَأَنْفَهُ لَمُعَلَّقَانِ فِى خَيْطٍ .
قال الواقدي : ودفن هو وحمزة في قبر واحد ، وولى رسول الله ﷺ تركته ، فاشترى لولده مالا بخيبر .
وأبا أحمد الأعمى الشاعر واسمه عبد ، وكان سلفا لرسول الله ﷺ فكانت تحته الفارعة بنت أبى سفيان بن حرب أخت أم حبيبة ، ومات رضي الله عنه بعد وفاة أخته زينب سنة عشرين .
وعبيد الله بن جحش أسلم ثم تنصر ومات بالحبشة .
وهاجر الذكور الثلاثة إلى أرض الحبشة ، ولما تنصر عبيد الله بانت منه زوجته أم حبيبة بنت أبى سفيان بن حرب ، فتزوجها رسول الله ﷺ.
وأما البنات فزينب أم المؤمنين زوج النبي ﷺ ، وأم حبيب ، وحمنة، كلهن لهن صحبة .
وكانت حمنة تحت مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار العبدرى ، وكان من فضلاء الصحابة ، فلما قتل تزوجها طلحة بن عبيد الله ، فولدت له محمدا وعمران .
وأما أم حبيب فكانت تحت عبد الرحمن بن عوف .
5 – برة بنت عبد المطلب :
أمها فاطمة بنت عمرو ، وكانت عند عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، فولدت له أبا سلمة ، واسمه عبد الله ، أسلم وهاجر الهجرتين ، وكان متزوجا بأم سلمة أم المؤمنين قبل رسول الله ﷺ ، شهد بدرا ، واستشهد على إثر جرح أصابه في أحد .
ثم تزوجت برة بعد عبد الأسد أبو رهم بن عبد العزى بن أبي قيس ، فولدت له أبا عبرة بن أبي رهم .
6 - أم حكيم وهي البيضاء بنت عبد المطلب :
شقيقة عبد الله أبى النبي ﷺ ، وأمها فاطمة بنت عمرو ، كانت عند كُرَيْز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف ، فولدت له عامرا أسلم يوم فتح مكة ، وبقى إلى خلافة عثمان . وأروى بنت كُرَيْز ، وهي أم عثمان بن عفان رضي الله عنه .