أول خمس دقائق بعد الموت في القبر .. ماذا يحدث للميت وبم يشعر ؟، وأمور أخرى عديدة تحير الكثيرون عن عالم البرزخ وأهل القبور، خاصة مع كثرة الاعتقادات والأقاويل الخاطئة عن هذا العالم، ولعل أول تلك الأسئلة التي تطرح بعد وفاة أحبائنا مباشرة، ماذا يحدث في أول خمس دقائق بعد الموت في القبر؟، ولعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، كما ورد في الحديث ، حيث قال الرسول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - « تَرَكْتُكُمْ عَلَى المَحجّةُ الْبَيْضَاءِ ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا إِلاَّ هَالِكٌ»، ففي سنته الشريفة نجد مبتغانا وكل إجابة عن سؤال ماذا يحدث أول خمس دقائق بعد الموت في القبرمن شأنها تثلج صدورنا الملتهبة بالحزن على من فارقونا، كما أنها في ذات الوقت قد توقظنا من غفلتنا وتكون لنا عظة تدفعنا لأن نعمل لمثل هذه الدقائق الصعبة.
أول خمس دقائق بعد الموت
أول خمس دقائق بعد الموت ، تبدأ فيها الحياة البرزخيّة أوّل مراحل الميّت في قبره، وتكون بعد دفن الميّت إلى وقت البعث والنُّشور، وهذه الحياة يمرُّ بها جميع البشر، لِقولهِ -تعالى-: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، والحياة البرزخيّة هي حياةٌ ثابتة، كما أنّها جزء من الآخرة، فتكون بين الدُّنيا والآخرة، وسُميّت بالحياة البرزخيّة نسبة للبرزخ: وهو الحاجز أو الطّريق الذي يفصل بين زمانين أو مكانين.
أول خمس دقائق بعد الموت ، ورد أنه يحدث فيها خمسة أمور ، تبدأ بضمة القبر وهي بعد وضع الميت في قبره ، ولا ينجو منها أحد من البشر سواء كان مؤمنًا أو غير مؤمن ، ثم فتنة القبر وسؤال الملكين، وهذا السؤال يكون كذلك لجميع البشر ، وليس خاصًا بأمة من الأمم، ويبدأ بمجرد سماع الميت قرع نعال أصحابه الراحلين عن قبره بعدما دفنوه، ثم نعيم القبر وعذابه، ويكون النعيم والنجاة لمن أجاب عن سؤال الملكين ، فيما أن عذاب القبر يكون لمن لا يجيب على سؤالهما.
ماذا يحدث بعد الموت في أول ليلة بالقبر
ماذا يحدث بعد الموت في أول ليلة بالقبر ، نشاهد كل يوم عددًا من الراحلين إلى الآخرة، من الآباء والأمهات والإخوان والأبناء والجيران والأحباب، تأملوا في مآلكم بعد هذه الحياة الدنيا في أول ليلة من منازل الآخرة، وهو القبر عندما يأتيانك منكر ونكير ويسألانك عن ربك وعن دينك وعن نبيك صلى الله عليه وسلم حينها “يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء”.
ماذا يحدث بعد الموت في أول ليلة بالقبر ، لك أن تتصور أيها الإنسان ما بعد ذلك من البعث والنشور والعرض والجزاء والحساب والصراط المنصوب على متن جهنم، كلها مشاهد وطرق لابد من مشاهدتها وسلوكها، فاتقوا الله عباد الله وأعدوا أنفسكم لذلك اليوم العظيم ومهدوا له بالأعمال الصالحة الخالصة لوجه الله وثقوا بموعوده فإنه شاكر، فقال تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( 18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ )20)»، منوهًا بأنلله عز وجل أمر عباده المؤمنين بالتوكل عليه وهو من أخلاق المرسلين.
ماذا يحدث بعد الموت بالتفصيل
ماذا يحدث بعد الموت بالتفصيل ، ورد فيه أن أول ما يحدث هو ضمة القبر يُقصدُ بضمّة القبر أو ضغطته: التقاء جانبيه على جسد الميّت، وجاء عن النسفيّ أنّ هذه الضمّة تكون من الأرض لأنّها أصلُهم وأُمُّهُم، ومنها خُلِقوا، فضمّتهم كضمّة الوالدة لولدها بعد غيابٍ طويل، فمن كان مُطيعاً لربّه؛ ضمّته برأفةٍ ورِفْق، ومن كان عاصيّاً؛ ضمّتهُ بعنفٍ وسخط، وتُعدّ ضمّة القبر من صفات القبر، فهي ليست من العذاب، وقد ثبتت ضمّة القبر في العديد من الأدلّة الشّرعية. وتكون هذه الضمّة بعد وضع الميّت في قبره، ولا ينجو منها أحدٌ من البشر، سواءً كان مؤمناً أو غير مؤمنٍ، وجاء في بعض الأحاديث بتسميتها بالضّغطة، كما جاء في حديث النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (إنَّ للقبرِ ضغطةً لو كان أحدٌ ناجيًا منها نجا سعدُ بنُ معاذٍ)، فقد أخبر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه لو كان أحدٌ سينجو منها لنجا سعد بن مُعاذ -رضيَ الله عنه- الذي اهتزّ لموته عرش الرحمن، وكذلك القاسم ابنه.
ماذا يحدث بعد الموت بالتفصيل ، ورد فيه أنه ثانيًا فتنة القبر وسؤال الملكين يُقصد بفتنة القبر: سؤال الملَكين للإنسان في قبره، وهذا السؤال يكون لجميع البشر، وليس خاصّاً بِأُمّةٍ من الأُمم، وهذين الملَكين هُما مُنكر ونكير، ويسألان الميّت ثلاثةٌ أسئلة؛ عن ربّه، ودينه، ونبيّه، وجاء في بعض الرّوايات أنَّ الشّهيد لا يُفتن في قبره، قال رسول الله: (كفَى ببارقةِ السُّيوفِ علَى رأسِهِ فتنةً)، ويكون السؤال بإعادة الرّوح إلى الجسد، وتكون غير الإعادة المألوفة التي تكون في الدُّنيا، كما ثبت سؤال الملَكين في الكتاب، والسُّنة، وإجماع الأُمّة، فمن الكتاب كقوله -تعالى-: (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ)، ومن السُنّة قولُ النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (إنَّ العَبْدَ، إذا وُضِعَ في قَبْرِهِ، وتَوَلَّى عنْه أصْحابُهُ، إنَّه لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعالِهِمْ قالَ: يَأْتِيهِ مَلَكانِ فيُقْعِدانِهِ فَيَقُولانِ له: ما كُنْتَ تَقُولُ في هذا الرَّجُلِ).
ماذا يحدث بعد الموت بالتفصيل ، ورد فيه أنه جاء في الحديث السّابق أنّ الميّت يسمع قرع النّعال، وفي هذا دلالة على اتّصال الرّوح بالجسد، ولكنّ هذا السّمع لا ينتفع به الميّت، لِما جاء عن أنس بن مالك -رضيَ الله عنه- في قول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- عندما وقف عند قتلى بدر من المشركين فقال: (يا أَبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ، يا أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ، يا عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، يا شيبَةَ بنَ رَبِيعَةَ، أَليسَ قدْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا، فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ يَسْمَعُوا وَأنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما أَنْتُمْ بأَسْمع لِما أَقُولُ منهمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا. ثُمَّ أَمَرَ بهِمْ فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا في قَلِيبِ بَدْرٍ)، ويكون اتّصال الرّوح بالجسد ليقع عليهما النّعيم أو العذاب.
ماذا يحدث بعد الموت بالتفصيل ، ورد فيه أن نعيم القبر ثبتت الحياة في القبر أو حياة البرزخ وما فيها من النّعيم أو العذاب في الكِتاب و السُنّة، ويكون النّعيم والنّجاة لِمَن أجاب عن سؤال الملَكين، وأمّا العذاب فيكون لمن لا يجيب على سؤالهما، وهذا النّعيم أو العذاب يكون على الرّوح والجسد تبعاً لها، وعقيدةُ أهل السُنّة والجماعة على أنّ القبر أول منازل الآخرة، ومن نجا من عذابه فقد نجا من عذاب الآخرة، ومن فاز بنعيمه فاز بنعيم الآخرة، ويستمرّ هذا النّعيم ولا يتوقّف إلى قيام الساعة.
ماذا يحدث بعد الموت بالتفصيل، ورد فيه أن عذاب القبر ثبت بالتّواتر المعنويّ عن النبيّ- عليه الصّلاةُ والسّلام- أنّ القبر قد يكون حُفرةً من النّار، وجاءت الكثير من الأدلّة التي تُثبت وُقوع عذاب القبر على من يستحقّه، كقولهِ -تعالى-: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، ويكون ذلك قبل يوم القيامة؛ أي في القبر، ويقع العذاب على الكافر حتّى وإن لم يُدفن، وسُمّيَ بعذاب القبر؛ لأنَّ الغالب على الموتى أنّهم يُدفنون فيه، ويأتي للظّالم والكافر، والمُنافق، من حرّ جهنّم وعذابها ما يسوؤهم، ويُضيّق عليهم في قُبورهم، ويكون هذا العذاب بعد سؤال الملكين، ويقع العذاب على الرّوح والبدن، وقد يحصل للرّوح مُنفردةٌ عن البدن، ويوم القيامة يكون على الرّوح والبدن جميعاً، فيحرص المؤمن على أن يستعيذ بالله -تعالى- من فتنة القبر وعذابه.
مراحل الموت
مراحل الموت ، يبدأ الموت الطبيعيّ تدريجيّاً بموت الخلايا والأعضاء وأجهزة الجسم الحيويّة، ثُمّ بعدها يتوقّف الجسم بكامله عن العمل، وعلامات الوفاة عند الفُقهاء تكون بشخوص البصر، وهي من العلامات الظّاهرة على الموت، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (إنَّ الروحَ إذا قُبِضَ تَبِعه البصَرُ)، بالإضافة إلى الغرغرة وتردّدُ الرّوح في الحلق، لقول الله -تعالى-: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ).
ومن مراحل الموت، سكرات الموت تُعدُّ سكرات الموت من مراحل الموت التي يمرُّ بها كُلّ المخلوقات، لعموم قولهِ -تعالى-: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)، ولكن تختلف المخلوقات في مقدار إحساسها بهذه السّكرات، قال النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ)، وتكون هذه السّكَرات للمؤمن تكفيراً لذنوبه، وزيادة له في حسناته، وقد قال النبي عن روح المؤمن: (فتخرجُ فتسيلُ كما تسيلُ القطرةُ مِن فِي السِّقاءِ)، أما الكافر فتخرُج روحه بصُعوبة، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (فتتفرقُ في أعضائِه كلِّها فينزِعها نزعَ السَّفُّودِ من الصُّوفِ المبلولِ فتتقطُّعُ بها العروقُ والعصبُ).
علامات الموت
علامات الموت ، ورد أن ممّا جاء عن العُلماء في كُتبهم من العلامات الدّالّة على الموت -ولم ترد عليها نصوص شرعيّة وإنما ذكرها الكثير من العلماء في كتبهم مما رأوه- ما يأتي: ضعف القوّة عن الصُّراخ، وانقطاع الصوت، وإصابة اللّسان بالبكم، والشعور بالثّقل على القلب. توقّف النّفس، واسترخاء القدمين، وانفصال الكفّين، وميل الأنف، وتمدُّد جلدة الوجه، وانخساف الصّدغين، وبُرود الجسم، تغيّر رائحة الجسم، وقد يظهر على الميّت بعض علامات الفزغ والخوف، بالإضافة إلى سكون حركة البدن، وتغيّر لونه.
سكرات الموت في ساعة الاحتضار
سكرات الموت في ساعة الاحتضار ، وفيها تبشير الملائكة للمحتضر قبل موته يأتي ملك الموت ومعه ملائكةٌ يُعاونونه على قبض الرّوح عند حضور أجل الإنسان، فقد جاء عن ابن عبّاس -رضيَ الله عنه- أنّ المُعاوِنون يُخرجون الرّوح إلى الحُلقوم، ثُمّ يتولّى ملك الموت قبضها وإخراجها من الجسد، فإن كان العبد مؤمناً تقوم الملائكة بتبشيره، لِقول النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (إِنَّ العبدَ المؤْمن إذا كان في انْقِطَاعٍ من الدُّنْيَا، وإِقْبالٍ من الْآخِرَةِ، نزل إليه من السَّمَاءِ ملائكةٌ بِيضُ الوجُوهِ، كأَنَّ وجوهَهُمُ الشمسُ، معهُمْ كفنٌ من أكْفَانِ الجنَّةِ، وحَنُوطٌ من حَنُوطِ الجَنَّةِ، حتى يَجْلِسُوا منه مَدَّ البَصَرِ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه فيَقولُ: أيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إلى مغْفِرةٍ من اللَّهِ ورِضْوَانٍ، فتخْرُجُ تَسِيلُ كما تسِيلُ القَطْرَةُ من فِي السِّقَاءِ).
سكرات الموت في ساعة الاحتضار ، فتُبشّر الملائكةُ المؤمن بالمغفرة والرّضوان من الله -تعالى-، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). وأمّا الكافر؛ فتأتيه الملائكة سودُ الوجوه، تُبشّره بالعذاب والغضب والسّخط من الله -تعالى، لِقولهِ -تعالى-: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ)، وتدلُّ الآية على الشّدة التي يُعانيها عند الموت وسكراته؛ لاستكباره وعدم اتّباعه للرُّسل وآيات الله -تعالى-. وقال الكلبيّ: "يحضر العبد عند الموت سبعةٌ من ملائكة الرّحمة، وسبعةٌ من ملائكة العذاب مع ملك الموت، فإذا بلغت نفس العبد التّراقي نظر بعضهم إلى بعض أيّهم يرقى بروحه إلى السّماء".
سكرات الموت في ساعة الاحتضار ، وتأتي للمؤمن في صورةٍ جميلةٍ حسنة، وأمّا الكافر والمُنافق فتأتيهما في صورةٍ مُخيفة كما جاء في الأحاديث الصحيحة. قبض الروح من قِبل ملك الموت وأعوانه يكون مع ملك الموت مجموعةٌ من الملائكة يُساعدونه في قبض الرّوح، لِقولهِ -تعالى-: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ)، والمُعاونون يكونون تحت إمرةِ ملك الموت، ويقومون بأخذ الرّوح إلى الحُلقوم، ويتولّى ملك الموت قبضها بعد ذلك وإخراجها من الجسد بأمر الله -تعالى-، فإن كانت الرّوح للمؤمن قام ملك الموت بدفعها إلى ملائكة الرّحمة، وإن كانت الرّوح للكافر أو الفاجر قام بدفعها إلى ملائكة العذاب، ثُمّ يصعدون بها إلى الله -تعالى-، لِقوله -تعالى-: (ثُمَّ رُدّوا إِلَى اللَّـهِ مَولاهُمُ الحَقِّ أَلا لَهُ الحُكمُ وَهُوَ أَسرَعُ الحاسِبينَ)، فيولّى ملك الموت قبض الرّوح، ثُمّ يدعها إلى المُعاونين له من الملائكة لتضع الرّوح في أكفان من الجنّة أو النّار؛ وذلك بحسب فلاح صاحبها أو فساده.
صعود الروح إلى السماء
صعود الروح إلى السماء بعد أن يقبض ملك الموت روح المؤمن وتأخُذها الملائكة؛ تصعد بها إلى السّماء، وتستقبلها الملائكة في السّماء حتى تكون في السّماء السابعة، ويُكتب في عليّين، ثُمّ تُعادُ إلى الأرض. وأمّا الكافر فقد قال النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- عن روحه بعد أن ينزعها ملك الموت: (...فيَأْخذَها، فإذا أخذَها لَم يَدعُوها في يَدِهِ طَرْفَةَ عَينٍ حتى يَجْعَلُوهَا في تِلْكَ الْمُسُوحِ، يخرجُ منها كأَنْتَنِ ريحِ جِيفَةٍ، وُجِدَتْ على ظَهْرِ الأَرضِ فيصْعَدُونَ بِها، فلا يَمُرُّونَ بها على مَلَكٍ من الملائِكَةِ إلَّا قَالُوا: ما هذا الرُّوحُ الْخَبِيثُ؟ فيَقُولُونَ: فُلَانُ بنُ فُلَانٍ بأَقْبَحِ أسْمَائِهِ التي كان يُسَمَّى بِهَا في الدُّنْيَا، حتى يَنْتَهِيَ بِهَا إلى سمَاءِ الدُّنْيَا فَيُسْتَفْتَحُ لهُ، فلا يُفْتَحُ لهُ، ثُمَّ قَرَأَ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أبْوَابُ السَّمَاءِ قال: فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: اكْتُبُوا كِتَابَه في سِجِّينٍ في الْأَرْضِ السُّفْلَى).
مفهوم الموت
مفهوم الموت يُعرّف الموت بأنهُ مُفارقة الرّوح للبدن، وحقيقتهُ: خُلوص جميع الأعضاء من الرّوح، وعدم بقاء الحياة في أيّ جهازٍ من أجهزة الجسم، ودلَّ على ذلك العديد من الأدلة، كقولهِ -تعالى-: (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا)، فالحياة حصلت بنفخ الرّوح، وبمفهوم المُخالفة فإن الموت يحصل بمفارقتها له، وهذه هي الحقيقة الشّرعيّة المُتّفقُ عليها بين الفُقهاء، ويُسمّى الموت أيضاً بالوفاة، والمنيّة، والمنون، والأجل، ونحوها كانقطاع الوتين، وانقطاع الأبهر، فكلّ هذه المسمّيات تدلّ على معنى واحد وهو مفارقة الرّوح للبدن.