حكم زواج المحلل .. سؤال حائر بين كثير من الناس، بعدما أعلن شخص أنه تزوج أكثر من 30 مطلقة كمحلل، من أجل إعادة المطلقات إلى أزواجهن بعد أن طلقن ثلاث مرات كـ«عمل خيري لوجه الله»، و«نكاح التحليل» وهو أن ينكح المرأة شخص يسمى «المحلل» من أجل أن يحلها لزوجها الأول ثم يطلقها، فهو محرم وباطل في قول عامة أهل العلم، ولا تحل به المرأة لزوجها الأول.
ورى ابن ماجة (1936) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ».
زواج المحلل
قالت دار الإفتاء المصرية، إن زواج المحلل وهو المرأة المَبْتوتة –أي: المطلقة ثلاثًا- لكي تحل للزوج الأَوَّل، -وهو ما يُعْرَف بـ(الزواج بشَرْط التحليل)- حرامٌ شرعًا باتفاق الفقهاء؛ فقد روي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنَّه لَعَن المُحَلِّل والمُحَلَّل له» (أخرجه الترمذي)، واللعن إنما يكون على ذنبٍ كبيرٍ.
واستشهدت دار الإفتاء في ردها على حكم زواج المحلل ، بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّه سُئِل عن تحليل المرأة لزوجها؛ فقال: «ذاك السِّفَاح» (رواه البيهقي). والسِّفَاح؛ أي: الزنا.
حكم زواج المحلل
شدد الشيخ محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن «زواج التحليل» حرام شرعًا، كأن يطلق الرجل زوجته الطلقة الثالثة ثم تتزوج بآخر «ويطلقها رغمًا عنه وليس بإرادته» من أجل أن يحلها لزوجها الأول، فهذا الزواج محرم وباطل شرعًا.
وأضاف «وسام» في تصريح له، أنه من المقرر شرعًا أن البائنة بينونة كبرى، وهي التي طلقها زوجها ثلاث طلقات، لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا شرعًا قصد به الدوام، والإشهاد، ويدخل بها هذا الزوج الثاني دخولًا حقيقيًا، ثم يطلقها بإرادته أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه شرعًا، وحينئذ يحل لمطلقها الأول أن يعيدها إلى عصمته بعقد ومهر جديدين بإذنها ورضاها، هذا هو ما يتفق مع روح الشريعة ومع ما قصد إليه الشارع الحكيم من عدم حل مراجعة الزوج لزوجته بعد أن استنفد الطلقات الثلاث.
وتابع: أما الزواج بقصد التحليل بأن يتزوج الرجل من المطلقة فترة محددة ثم يطلقها حتى تعود لزوجها الأول، فهو زواج غير صحيح شرعًا، وترتكب المرأة إثمًا عظيمًا، للحديث الصحيح المروي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رواه الحاكم في الصحيح والترمذي والإمام أحمد في مسنده والنسائي في سننه.
زواج المحلل
أكد الدكتور مبروك عطية، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، بطلان عودة المطلقة من محلل إلى زوجها السابق شرعاً لبطلان الزيجة، قائلاً: «العودة باطلة لأن الزواج باطل.. رجعت رجوع باطل لأنها لازم تتزوج من يريدها وحصل الطلاق أو الموت فترجع للأول».
توبة المحلل
وأوضح عطية أن البعض يظن أنه يخادع الله تعالى بفعله هذا، مشدداً على أن الدراما أنتجت «زوج تحت الطلب» والناس مشيت وراها، داعياً المحلل الذي تزوج بـ 33 امرأة أن يتوب إلى الله ويتوقف.
المحلل ملعون
وأشار عطية إلى عدم وجود ما يسمى بـ المحلل في شرع الله تعالى أو في الأرض، وهو مصطلح ملعون من لسان النبي صلى الله عليه وسلم، منبهاً على أن وجه الله موافقة شريعته ولا يمكن أبداً مخالفتها، مشدداً على أن الأصل في زواج المطلقة أن يكون هناك نية كاملة في الارتباط بها وليس التحليل لسابق، قائلاً: «الدخول بهذا الشكل واقول احللها للاولاني غير موجود في دين ربنا».
الأصل في الزواج التأبيد
ونبه على أن الأصل في الزواج طبقاً للشريعة الإسلامية التأبيد، مشيراً إلى أن المحلل ملعون، مضيفاً: أن الشرع أجاز للمطلق أن يعود لمطلقته مرتين وفي الثالثة قال الله تعالى: «فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» منوهًا بأن أن الزيجة الجديدة ينبغي أن يراعى فيها ضوابط شرعية وهي أنه زواج شرعي لرجل لديه رغبة في المطلقة فيذهب للزواج منها دون أي نية لتحليل وحينما لا يجد ما يسعده معها فيطلقها طلاقاً لعدم التوافق بينهما.
وألمح إلى أن الزوج السابق يذهب إليها مع الخطاب ليتزوجها مثله مثل أي شخص آخر، مستشهداً بواقعة حدثت على عهد النبي حيث وجد رجل طليق أخته مع الخطاب فسبه فنزل قول الله تعالى: «وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ».
حكم زواج المحلل
أوضحت الدكتورة إلهام شاهين مساعد الأمين العام لـ مجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات، أن ما قام به زواج المحلل بقصد تحليل زوجة لزوجها عمل محرم بنص الحديث «لعن الله المحلِّل والمحلَّل له» ومجرد حسن النية الذي ذكره وقصد عمل الخير لا ينفع صاحبه ولا يكفي إذا كان العمل اصلًا غير صحيح ومخالفًا للشرع.
وأبانت «شاهين » لـ«صدى البلد»، أن الإنسان كما كُلِّفَ بإصلاح نيته فقد كُلِّف أيضا بإصلاح عمله، و النية الصالحة لا تُصلِح العمل الفاسد، وقد ورد عن الإمام أبي حامد الغزالي في الإحياء، أن المعاصي لا تتغير إلى طاعات بالنية، وما يفعله هو معصية وعمل فاسد خبيث يعاقب عليه شرعا إن علم بحرمته واستمرأه واستمر عليه ويكون معاندًا للشرع حينذاك.
وأشارت إلى أانه إن كان جاهلًا فهو أيضًا عاصٍ بجهله لأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ولا يُعذر المرء بجهله، وقد حذرنا الله تعالى من السعي في الأعمال التي أساسها معصية حتى لو كانت بغرض الإصلاح ونية الخير فقال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ» (سورة يونس 81) ، يعني: أنه لا يصلح عمل من سعى في أرض الله بما يكرهه، وعمل فيها بمعاصيه.