احتدم الخلاف الدبلوماسي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، بسبب أزمة الغواصات بعد أن وجهوا لها طعنة في الظهر، كما تقول فرنسا.
ووفقا لصحيفة “الصن” البريطانية، وصف مساعدو ماكرون، رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بأنه "شخص انتهازي"، بسبب توقيعهاتفاقية الغواصات مع الولايات المتحدة وأستراليا
كما وصف وزير فرنسي رفيع المستوى، ساخرا، المملكة المتحدة بأنها “شريك صغير” في هذا الاتفاق.
وأعلنت الخارجية البريطانية، أن الاتفاق مع أمريكا وأستراليا يظهر أن لندن ستدافع بقوة عن مصالحها، مؤكدة سعي المملكة للتحالف مع الدول القريبة من تفكيرنا وقيمنا الاستراتيجية".
الخيانة والغضب من جانب فرنسا
قالت فرنسا إنها “تشعر بالخيانة والغضب والمرارة بسبب إلغاء استراليا صفقة الغواصات معها.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أن "باريس تحتاج توضيحا وتفسيرا من أستراليا بشأن قرارها التراجع عن الصفقة، منتقداً "هذا القرار الأحادي والوحشي الذي لا يمكن التنبؤ به، فهو يشبه إلى حد كبير ما كان يفعله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب".
وأضاف: "فرنسا أقامت علاقة ثقة مع أستراليا، وهذه الثقة تتعرض الآن للخيانة"، موضحاً أن "المفاوضات بين البلدين بدأت في عام 2014 وانتهت في عام 2016 بعقد تم توقيعه بعد تحليل جيوستراتيجي للوضع في أستراليا، والذي أخذ في الاعتبار بالتالي القرب الجغرافي للصين".
إلغاء اجتماع بين وزيري دفاع فرنسا وبريطانيا
ألغت فرنسا اجتماعا كان مقررا أن يعقد هذا الأسبوع بين وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، ونظيرها البريطاني بين والاس، بناء على طلب باريس، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من الوزارة الفرنسية.
ويأتي إلغاء الاجتماع في خضم أزمة بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة، بعدما أعلنت الدول الثلاث الأربعاء الماضي إطلاق شراكة استراتيجية لمواجهة الصين.
وتتضمن هذه الاستراتيجية تزويد كانبيرا بغواصات تعمل بالدفع النووي، وبالتالي انسحاب الجانب الأسترالي من اتفاق لشراء غواصات فرنسية.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين مطلعين إن وزيرة الجيوش الفرنسية نفسها هي من اتخذ قرار إلغاء الاجتماع الثنائي مع وزير الدفاع البريطاني بن والاس.
وأكد المصدران تقريرا سابقا ورد في صحيفة الغارديان البريطانية كان قد أفاد بأن الاجتماع قد أُلغي.
محاولات جو بايدن للتهدئة
يسعي الرئيس الأمريكي جو بايدن لإنهاء سلسلة محمومة من التوترات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الأيام القادمة.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، تهدف المكالمة بين بايدن وماكرون إلى الحد من التوترات بعد أيام من استياء الجانب الفرنسي بهذا الشكل المفاجئ، وتزايد الغضب في واشنطن، مما أشار العديد من مسؤولي الأمن القومي إلى أنه رد فرنسي هزلي.
ووفقا لـ واشنطن بوست، لم يتحدث بايدن وماكرون منذ الرد الفرنسي الأسبوع الماضي على إعلان الولايات المتحدة عن تشكيل تحالفا دفاعيا جديدا مع أستراليا وبريطانيا، لحفظ أمن المحيطين الهندي والهادئ.
وستتبادل الولايات المتحدة تكنولوجيا بناء الغواصات النووية مع أستراليا، وفقا للتحالف، مما دفع الأستراليين إلى التخلي عن صفقة الغواصات التي كانول قد وقعوها مع باريس بقيمة 66 مليار دولار.
وتوقع مسؤولون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية أن تتحسن العلاقات مرة أخرى ويتوقعون عودة السفير الفرنسي إلى واشنطن في الأسابيع المقبلة.
وقال مسؤول أمريكي كبير، إن المكالمة الهاتفية بين بايدن وماكرون يجب أن تحدث قريبا لكن المسؤولين لا يزالون يفكرون في التوقيت.
الاتحاد الأوروبي يناقش أزمة الغواصات للتهدئة
قال مسؤول أوروبي، إن الاتحاد الأوروبي سيناقش أزمة الغواصات بين أستراليا وفرنسا في محادثات بسلوفينيا يوم 15 أكتوبر المقبل.
ونقلت وكالة "رويترز" عن المسؤول الأوروبي قوله: "أزمة الغواصات الأسترالية أثارت الكثير من "التكهنات" بشأن حلف شمال الأطلسي".
وتابع المسؤول الأوروبي: "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهتم بأزمة الغواصات لأنه طالما دعم منذ فترة قدرا أكبر من الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي".
واستطرد قائلاً: "العديد من دول الاتحاد الأوروبي مترددة في إضعاف الروابط الأمنية مع الولايات المتحدة".
ومنذ قليل، قال وزير الدفاع الأسترالي بيتر دوتون اليوم إن بلاده كانت صريحة وصادقة مع فرنسا بشأن مخاوفها حول انسحاب أستراليا من صفقة الغواصات.
تحذيرات دولية حول أزمة الغواصات الفرنسية
اعتبرت كوريا الشمالية الاثنين أن التحالف الأمريكي الجديد في آسيا والمحيط الهادئ والصفقة الأمريكية لتزويد أستراليا بغواصات، قد يؤديان إلى ”سباق تسلح نووي“ في المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله إن ”هذه أعمال غير مرغوب فيها وخطرة جدا ستخل بالتوازن الاستراتيجي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتطلق سلسلة من سباق التسلح النووي“.
وأضاف: ”هذا يظهر أن الولايات المتحدة هي المسؤول الرئيسي الذي يعرض للخطر النظام الدولي لمنع الانتشار النووي“.