ركزت الصحف السعودية الصادرة اليوم على العديد من الملفات والقضايا في الشأن المحلي والإقليمي والدولي؛ حيث قالت صحيفة الرياض («الكتاب» ملمح حضاري ) أيام قلائل، ونشهد عرساً ثقافياً كبيراً، يحتفي بالثقافة كحاجة راهنية، وبالكتاب تحديداً كأحد أعظم تجليّات العقل البشري، انطلاقاً من دوره العميق في تشكيل منظومة القيم وترسيخها، فضلاً عن قدرته على صوغ العقول والشخصيات واستثمار ثمرات العقل وكنوزه المعرفية في شتى الفنون والمعارف.
وأضافت : تمثّل المعارض الدولية للكتاب ملمحاً حضاريّاً مدهشاً؛ فهي انعكاس لقيمة الدول وعلامة على تقدّمها ورقيّ شعوبها وسمو وحنكة قيادتها.
وبينت أن الثقافة في قرننا هذا والآخر المنصرم؛ شهدت صراعاً هُويّاتيّاً عنيفاً، وتناهبتنا إشكاليات عديدة، فمن الطبيعي السعي لترسيخ هويتنا كعرب ومسلمين؛ لنتجاوز التحديات والعديد من الإشكاليات التي طبعت قرننا الماضي بطابعها العنُفي؛ كالنهضة والتنوير والمشروع الحضاري العربي بالإضافة إلى سعينا للمقاومة كعرب لأي استلاب أو انسلاخ حفاظاً على هويتنا وتأكيداً لخصوصيتنا وأصالتنا أمام المدّ الغربي وماديّته التي تهدّد أي منظومة قيمية ما لم نتدرّع بثقافتنا الأصيلة حتى لا نقع في مشروعه التنميطي الثقافي الذي يقولب القيم والأفكار بشكل مادّي جاف يسلب معه روح وقيم ثقافتنا التي تضع تلك القيم في سلّم أولوياتها وتدرجها ضمن شخصيتها وهويتها المتفرّدتين.
معرض الرياض الدولي للكتاب
وأعتبرت أن معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته الجديدة المرتقبة يحمل مضامين عميقة يمكن قراءة مؤشراتها بلا عناء؛ وهي أن بلادنا - ولله الحمد - تعيش رخاء اقتصادياً واستقراراً سياسياً أتاحا إقامة هذا المعرض بإعداد وتجهيز واحتفاء وحفاوة لافتة؛ والمؤشر الأعمق والأهم أنه يأتي في ظل ظروف وبائية وصحية خطيرة يعيشها العالم؛ الأمر الذي يعني أن ثمة احترافية تدير هذا الحراك الثقافي والمجتمعي عموماً؛ ففي الوقت الذي يعاني فيه العالم من تبعات هذا الوباء الشرس، تقف بلادنا شامخة؛ وتقدّم أنموذجاً في إدارة الدولة ومناشط الحياة بتفرعاتها كافة بكل همّة واعتزاز.
ورأت أن هذا الثبات والمنهجية الإدارية الحكيمة والحصيفة يجعلاننا نزجي كل آيات الشكر والامتنان لقيادة آلت على نفسها النهوض بشعبها وتوفير كل سبل العيش الكريم والحياة الرغيدة والبناء الفكري والثقافي الذي بات نمطاً حقيقياً للحياة منطلقاً من مرتكزات رؤية 2030 الطموحة التي رسمها سمو ولي العهد ليكون مجتمعنا حيويّاً يملك اقتصاداً مزدهراً ووطناً طموحاً.
وختمت : ومن تابع الاستعدادات لإقامة هذا العرس الثقافي البهيج من قبل وزارة الثقافة ممثلة في هيئة الأدب والنشر والترجمة يلمس الاهتمام الكبير الذي يسعى لتذليل كل العقبات أمام الزائرين والناشرين لتعم الفائدة من خلال هذا التجمّع الذي يضم مئات دور النشر ويحوي آلاف الكتب بمختلف المشارب والتنوع الفكري والثقافي ما يعتبر فرصة حقيقية لعشاق الكلمة العميقة والفكر الرصين بأن يتغذوا على الكنوز المعرفية المتنوعة وبما يعود عليهم وعلى أوطانهم بالخير والنماء
عطاء إنساني
وأوضحت صحيفة "البلاد" في افتتاحيتها بعنوان (عطاء إنساني) يتواصل عطاء المملكة الإنساني والإغاثي للدول الشقيقة والصديقة لمواجهة آثار الكوارث والصراعات والأوبئة بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، حيث تعد المملكة من الدول الرائدة في هذا المجال.
وأشارت الى ان المملكة بادرت بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لضمان دقة وصول المساعدات للمحتاجين، فيما تجاوزت المشاريع الإنسانية عبر المركز مليارات الدولارات في العديد من الدول، وحظيت اليمن بالنصيب الأكبر من المساعدات، وقد تبنت المملكة خطة الاستجابة الإنسانية الأولى في نداء الاستغاثة الأول من الأمم المتحدة عام 2015 لتكون أول دولة في العالم تتبنى نداء الاستغاثة بأكمله.
ونوهت الي مشاركة صندوق الاستثمارات والصندوق السعودي للتنمية بتنفيذ الكثير من المشروعات بمختلف الدول خاصة دول القارة الأفريقية، إلى جانب البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن فيما يستمر العطاء دعماً لمنظمات الأمم المتحدة وجهود مكافحة جائحة كورونا على المستوى الدولي.
وأكدت علي أن المملكة تعد من أكثر الدول استقبالاً للاجئين، وتتيح لهم فرصة العلاج والتعليم مجاناً، وتحرص على اندماجهم في المجتمع وإتاحة فرص العمل والتعليم في المدارس العامة.كل هذا العطاء يرتكز على قيم ورسالة سامية لنجدة المحتاجين والمتضررين في كل مكان بلا منٍ أو أذى ودون تفرقة أو تمييز.
لا انغلاق ولا تسرع
وأكدت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها بعنوان ( الاستثمارات .. لا انغلاق ولا تسرع ) لعب الاستثمار الأجنبي دورا مهما خلال النصف الثاني من القرن الماضي في نمو اقتصادات الدول النامية، ولا سيما خلال العقدين الماضيين، حيث كانت هناك زيادة كبيرة في حجم التدفقات الاستثمارية، ولذلك شهد الاقتصاد العالمي تغيرات جديدة على هياكله. وتمثلت هذه التغيرات في الاتجاه نحو اقتصاد السوق في معظم الدول النامية، وتحرير نظم التجارة، والاستثمار، فضلا عن زيادة إسهام هذه الدول في التكامل الاقتصادي العالمي. كما أعطى الاستثمار الأجنبي المباشر دفعة مهمة لمسيرة التكامل العالمي من خلال الإسهام في ربط أسواق المال، وأسواق العمل، وزيادة الأجور، وإنتاجية رأس المال في الدول المضيفة.
ورأت إنه لا جدال حول أهمية الاستثمارات الأجنبية لأي اقتصاد حديث، فتلك الاستثمارات تسهم في تعزيز قيمة الصرف للعملة المحلية، ما يخفف من ضغوط التضخم المستورد، كما أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) Foreign Direct Investment، تدعم الاقتصاد المحلي من حيث قدرتها على تسريع النمو الاقتصادي مع نمو الناتج المحلي بقوة وبتسارع، وهذا يحدث عموما بسبب توظيف القوى وتحسن الأجور، وتشغيل رأس المال المحلي الداعم لأنشطة هذه الاستثمارات الأجنبية، كما لا يخفى أنها قدمت دعما وتسريعا في عمليات نقل معرفة العمل Know-How، وتطورات التكنولوجيا. كما أن الاستثمارات الأجنبية المتبادلة تعزز التعاون الدولي بين الأمم، ما يساعد على الحوار العالمي الساعي إلى السلام والاستقرار ومحاربة الفقر، والأمراض، وتعزيز قيم الإنسانية.
وأشارت الى أن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 تضمنت عديدا من البرامج والمبادرات التي تحقق هدف تنمية الاستثمارات الأجنبية، وفتح الأسواق للمستثمر الأجنبي. وشملت تلك المبادرات تسهيل بدء الأنشطة والأعمال، وتحسين إجراءات التقاضي، وضمانات واسعة للمستثمرين الأجانب، مع مراجعة شاملة للأنظمة واللوائح التي كانت بعض عباراتها ونقاطها غير واضحة بشكل لا يدعم الاستثمار الأجنبي، ولا يخفف من قلق الدخول للأسواق الجديدة. وبذلت السعودية خلال الأعوام الخمسة الماضية جهودا كبيرة في هذه الإصلاحات بمتابعة مستمرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وأعتبرت أن هذه الجهود أثمرت نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى السعودية إلى 5.5 مليار دولار، بزيادة 2.3 في المائة خلال عام 2020، في أعلى تدفقات سنوية منذ عام 2016، فيما بلغ إجمالي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة 907 مليارات ريال "242.1 مليار دولار" بنهاية عام 2020 مقارنة بـ886.4 مليار ريال "236.6 مليار دولار" بنهاية 2019. وقد تزامن ذلك مع تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية عالميا، نظرا إلى التداعيات المصاحبة لجائحة كورونا، وهو الأمر الذي وصفه عديد من الجهات الاقتصادية المتخصصة بأنه يعكس الثقة الكبيرة بإدارة الاقتصاد السعودي.
وأضافت : رغم المكاسب الكبيرة للاستثمارات الأجنبية، إلا أن هناك بعض الآثار السلبية التي قد تخلفها، خاصة في الدول الناشئة. فعلى سبيل المثال، شهد عديد من الدول الإفريقية، ومن بينها: أوغندا، وإثيوبيا، قفزة مميزة في الاستثمارات الأجنبية، وقدمت هذه الاستثمارات خدمات متنوعة ونموا بارزا، خاصة في الناتج المحلي، كما سجلت هذه الدول نموا لعدة أعوام أعلى من 6 في المائة، حتى في ظل الجائحة.
وأكدت على أن الدراسات العلمية المستقلة تؤكد وجود مزاحمة لهذه الاستثمارات لرأس المال المحلي، وللتوظيف الوطني في أحيان أخرى. ففي فيتنام مثلا، تكشف الدراسات أن الشركات الفيتنامية المملوكة محليا تعاني خسارة حصصها السوقية أمام منافسيها الأجانب، وهذه الظاهرة المصاحبة للاستثمارات الأجنبية تسمى تأثيرات المزاحمة crowding، وقد سجلت هذه الظاهرة أيضا في إثيوبيا وفي أوغندا، وهما من الدول الإفريقية التي احتضنت الاستثمار الأجنبي المباشر بالكامل في أوائل التسعينيات، وبعد 20 عاما بدأت الأسئلة تتشكل حول إذا ما كان الاستثمار الأجنبي المباشر قد أثر في خروج الاستثمار المحلي من السوق بمرور الوقت.
وقالت : اشتكى مستثمرون محليون في دول أخرى خلال الأعوام الأخيرة من الدخول غير المنضبط للمستثمرين الأجانب، وكانت هذه الظواهر مدعومة بمؤشرات إحصائية تدعو إلى القلق فعلا. وجنبا إلى جنب ظهرت الأموال الساخنة التي تسهم في سرعة ارتفاع أسعار الأسهم وهبوطها، لذلك فإن الاستثمار الأجنبي المبادر من دون مراقبة ستنتج عنه تهديدات حقيقية لأي اقتصاد. أمام هذه المزايا الكبيرة التي يحملها الاستثمار الأجنبي المباشر للاقتصاد الوطني، السلبيات التي من الممكن أن يتضمنها، وللمحافظة على المكتسبات التي تحققت من خلال رؤية السعودية 2030، صدر قرار مجلس الوزراء السعودي بتعديلات مهمة على نظام الاستثمار الأجنبي، وجاءت أهم التعديلات بتشكيل لجنة وزارية دائمة باسم اللجنة الوزارية الدائمة لفحص الاستثمارات الأجنبية برئاسة وزير الاستثمار، وعضوية عدد كبير من الوزارات والهيئات والمراكز ذات العلاقة، تتولى فحص طلبات الاستثمار الأجنبي، وتقييمها، والبت فيها بناء على معايير تتعلق بالأمن، أو النظام العام.
وأوضحت أن القرار الجديد يشتمل على عدد من الأمور، منها تحديد القطاعات الحساسة، والاستراتيجية، التي تؤثر في الأمن، أو النظام العام، تأثيرا مباشرا أو غير مباشر، وتحديثها باستمرار، وتحديد الحد الأعلى لنسب تملك المستثمرين الأجانب المباشرة وغير المباشرة في حصص أو أسهم الشركات السعودية العاملة في القطاعات الحساسة والاستراتيجية، أو الأدوات والأوراق المالية القابلة للتحويل إلى رأس المال الصادر عن هذه الشركات بالتنسيق مع الجهات المعنية، بما لا يتعارض مع الأحكام النظامية ذات الصلة والتزامات السعودية الدولية.
وختمت : بهذه التعديلات المهمة يكون الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية أخذ مسارا صحيحا، بحيث نضمن تدفقا مستمرا لهذه الاستثمارات في القطاعات التي لن تتأثر، وهي القطاعات التي قد تحتاج إلى تنوع حقيقي ودعم من رؤوس الأموال الأجنبية، ونقل للمعرفة والتكنولوجيا، بينما نحمي القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية والأمنية من المزاحمة، والآثار السلبية للاستثمار الأجنبي، فلا ينغلق الاقتصاد كمثل بعض الدول، ولا نتسرع في تعاملاتنا، ما قد يؤثر في مكاسبنا الاقتصادية، وصناعاتنا الاستراتيجية.