قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، إن الشرع الإسلامي طلب من المرأة الدفاع عن وطنها، وأرضها، وشعبها، كما طلب ذلك من الرجل، وأقرّ النبي، صلى الله عليه وسلم، مشاركة النساء في الجهاد والغزوات، بل غزت المرأة مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كأم سليم بن ملحان، وأم حرام بنت ملحان، وأم الحارث الأنصارية، والرُّبَيِّع بنت معوذ، وأم سنان الأسلمية، وأم سليط، وليلى الغفارية، وكعيبة بنت سعيد الأسلمية، وحمنة بنت جحش، ورفيدة الأنصارية، وأم زياد الأشجعية.
وأضاف علي جمعة، عبر صفحته على فيس بوك، أما ميدان العلم فنبغ في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي الآلاف من العالمات المبرَّزات والمتفوقات في أنواع العلوم وفروع المعرفة وحقول الثقافة العربية والإسلامية، وترجم الحافظ بن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة»، لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة، منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات.
ونوه علي جمعة أنه ذكر كل من الإمام النووي في كتابه «تهذيب الأسماء واللغات»، والخطيب البغدادي في كتابه «تاريخ بغداد»، والسخاوي في كتابه «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع»، وعمر رضا كحالة في «معجم أعلام النساء»، وغيرهم ممن صنف كتب الطبقات والتراجم، ذكروا تراجم مستفيضة لنساء عالمات في الحديث والفقه والتفسير وكذلك لأديبات وشاعرات.
وأشار إلى أن المرأة المسلمة تفوقت على الرجل في جوانب كثيرة في علوم الحضارة الإسلامية، خاصة في جانب علم الحديث ومعرفة رواته، ويسجل تلك الشهادة أئمة علم الحديث والمصطلح، فيقول الإمام الذهبي: «وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها». «ميزان الاعتدال في نقد الرجال، للإمام الذهبي». ويؤكد الحافظ بن حجر ذلك الأمر، حيث يقول: «لا أعلم في النساء من اتهمت ولا تركت». «لسان الميزان، للحافظ بن حجر العسقلاني».
وذكر أن النساء حرصن على طلب العلم الشرعي والاهتمام به منذ عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، فروى أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، رضي الله عنهما، أن النساء قلن لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اجعل لنا يوما كما جعلته للرجال. قال فجاء إلى النساء فوعظهن وعلمهن». «أخرجه البخاري».
وكان عطاء بن أبي رباح، رحمه الله، يقول عن السيدة عائشة، رضي الله عنها: «كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً»، «أخرجه الحاكم في المستدرك».
وأكد أن الأعداد الهائلة من النساء اللواتي ساهمن في بناء الحضارة الإسلامية ليس بوسعنا أن نستوعبهن جميعهن في عدة سطور، ولكن الأمثلة المذكورة كافية لتأكيد مكانة المرأة في الشريعة الإسلامية، وأنها ساندت الرجل من منطلق مبدأ المساواة -وليس التساوي- في بناء الحضارة وتعمير الكون، فنجحت كحاكمة وقاضية ومحاربة وقائدة الجيوش ومحتسبة وفقيهة.