قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن التاريخ الإسلامي يشهدتولي المرأة العديد من المراكز القيادية في المجتمع الإسلامي، فكما تولت المرأة منصب الحاكم، تولت أيضاً مناصب أخرى لا تقل في أهميتها عن منصب القائد، فتولت مناصب القضاء، والإفتاء والحسبة «السلطة التنفيذية».
وأضاف على جمعة عبر صفحته على فيس بوك أن المرأة شاركت كذلك في الحروب وميادين العلم، وأثبتت جدارة وكفاءة سجلها التاريخ بين أوراقه، فعن منصب القضاء اختلف فقهاء المسلمين في حكم تولي المرأة القضاء، فذهب الجمهور إلى عدم جواز توليها القضاء مطلقاً، وذهب الأحناف إلى جواز توليها القضاء فيما تصح شهادتها فيه من الأحكام، وذهب آخرون إلى الإباحة المطلقة لقضاء المرأة في جميع الأحكام، وهم الإمام محمد بن جرير الطبري، وابن حزم الظاهري وابن طراز الشافعي وابن القاسم، ورواية عن الإمام مالك، ورغم ذلك فإن المصادر التاريخية لم تسجل لنا إلا حالة واحدة تولت فيها القضاء امرأة، وهي ثمل قهرمانة شغب أم المقتدر.
وأشار إلى أن «ثمل» كانت من ربات النفوذ والسلطان في الدولة العباسية أيام المقتدر، فكانت الساعد الأيمن لأم المقتدر، تلي شؤون الدولة وسياستها، وبلغ من اعتماد أم المقتدر على ثمل أن أمرتها تجلس بالرصافة سنة ٣٠٦ هـ للمظالم، وتنظر في كتب الناس يوما في كل جمعة، فأنكر الناس ذلك واستبشعوه وكثر عيبهم له والطعن فيه، فجلست أول يوم فلم يكن لها فيه طائل، ثم جلست في اليوم الثاني وأحضرت القاضي أبا الحسن بن الأشناني فحسن أمرها وأصلح عليها، وخرجت التوقيعات وعليها خطها على سداد، فانتفع بذلك المظلومون، وسكن الناس إلى ما كانوا نافريه من قعودها ونظرها، وكان يحضر في مجلسها القضاة والفقهاء والأعيان، توفيت سنة ٣١٧. «البداية والنهاية، لابن كثير».
وبالإضافة إلى القضاء، وردت آثار في تولي المرأة السلطة التنفيذية، أو الشرطة، أو ما تسمى في التراث الفقهي الإسلامي «الحسبة»، وكان ذلك في القرن الأول، وعلى خلفية هذه الآثار أجاز بعض علماء المسلمين تولي المرأة هذا المنصب القيادي الحساس في الدولة الإسلامية، فروى أبو بلج يحيى بن أبي سليم قال: «رأيت سمراء بنت نهيك وكانت قد أدركت النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر». «أخرجه الطبراني في المعجم الكبير».
دور المرأة في الجهاد
ونوه الى أن دور المرأة في الجهاد بدأ في الوقت نفسه الذي بدأ فيه دور الرجل، بل إن دور المرأة الفعلي سابق له، فأول من استشهد في سبيل الله كان امرأة هي السيدة سمية زوج ياسر، وكانت أسماء بنت أبى بكر - رضي الله عنها - أولى الفدائيات التي أمَّنت وصول الطعام إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وصاحبه أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، كما أنها تلقّت الأذى من أبي جهل في سبيل كتمان خبرهما.