قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الله - سبحانه وتعالى - يقرر حقيقة كونية وينبهنا إلينا {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} الأرزاق والآجال لا تتغير، وجعل الله ذلك حتى لا تخشى الناس؛ رزقك يصلك على ما قرره الله لك فأجملوا في الطلب، وأجلك لا يتقدم ساعة ولا يتأخر ولا أدنى من ذلك ولا أكثر وعلى ذلك فممن تخاف؟ الرب واحد والعمر واحد ، هذه الحقيقة يراها الإنسان دون تنبيه؛ فيرى الموت يصيب الجميع من ذكر وأنثى ؛من صغير وكبير ؛من طفل وشاب وشيخ، يموت المريض ويبقى الطبيب ؛ويموت الطبيب ويبقى المريض، وتموت العائلة الواحدة في حادثة جميعا سويا ؛وتموت الزوجة ويبقى الزوج ؛ويموت الزوج وتبقى الزوجة .. آجال طويلة وهكذا، مرئي مشاهد مكرر في كل الأرض مع جميع الأجناس لا يختلف ولا يتخلف، فلما ينبهنا الله - سبحانه وتعالى - إلى هذه الحقيقة ؟ فهو ينبهنا إليها من أجل أن نبني عليها عملا ؛ هذا العمل هو أن تكون الدنيا في أيدينا ولا تكون في قلوبنا ؛ هذا العمل هو ألا نخشى إلا الله ؛ولا نطلب إلا من الله ؛ ونخلص النية لله ونتوجه إليه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
وأوضح أن آية {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} تعني أن الموت ليس سببا حتى تحتمي منه، فالموت يدركك ولو كنت في برج مشيد لأنه ليس له سبب، هذا أجل مكتوب ، إذًا فقد تعددت الأسباب والموت واحد ، الأجل أجل ؛ وهذه الحقيقة إذا اعتقدها الإنسان ماذا يحدث له ؟ يحدث عنده رضا وتسليم ؛والرضا والتسليم غير حدوث الحزن على الفرق.
وأشار الى أنه عندما يموت عزيز علينا نبكي "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول ما يغضب الله" ، يبكي إنما لا يخرج عن نطاق الشرع لا يُغضب الله، إنما يرضى لا يتبرم ولا يعترض ؛ لم تهدم الدنيا عند هذا الموت لأنه أجل ؛ولا يتحسر على سبب الموت الظاهر _المرض أو الحوادث.._ ؛ لو اعتقدت ذلك ستتوكل على الله حق توكله؛ وترضى بقضاء الله وقدره ؛وتسلم لمجريات الأمور حتى لو أصابك الحزن فقد أصاب النبي ﷺ الحزن عند موت سيدنا حمزة ؛وأصاب النبي ﷺ الحزن عند موت بناته: السيدة زينب، والسيدة رقية، والسيدة أم كلثوم، وأصاب النبي ﷺ الحزن عند موت ابنه إبراهيم، وعند موت السيدة خديجة عليها السلام وهكذا، لكن هذا الحزن " ولا نقول ما يغضب الله".