صباح 11 سبتمبر 2001 غمر غبار رمادي كثيف كارل سادلر من قمة رأسه إلى أخمص قدميه بينما كان يحاول الهرولة مبتعدًا عن حطام برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك.
وفي الوقت ذاته، نفذ مسحوق رمادي من خلال النوافذ المفتوحة وباب الشرفة في شقة مارياما جيمس بوسط المدينة واستقر، بسمك بوصة في بعض المواضع في السجاد وأثاث غرفة نوم الأطفال.
ولأسابيع تالية، كانت الشرطية باربارا بورنيت تبصق الغبار العالق بحلقها وفمها بينما كانت تعمل في موقع الحطام دون قناع واق.
واليوم، بعد 20 عامًا على الواقعة، أضحى ثلاثتهم بين أكثر من 111 ألف شخص مدرجين ضمن البرنامج الصحي لمركز التجارة العالمي، الذي يقدم رعاية طبية مجانية للمتضررين صحيًا جراء استنشاق الغبار الناجم عن هجمات 11 سبتمبر.
ووفقًا لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، فحتى اليوم، لا يزال هناك أناس يشكون من أعراض مرضية مرتبطة بتواجدهم في موقع كارثة 11 سبتمبر وقت حدوثها، وقد أنفقت الولايات المتحدة حتى الآن 11.7 مليار دولار على علاج وتعويض المتضررين من استنشاق غبار الحادث فقط، وهو مبلغ أكبر بمقدار 4.6 مليار دولار مما أنفقته البلاد كتعويض لذوي قتلى ومصابي هجمات 11 سبتمبر أنفسهم. وفي المجمل يحصل أكثر من 40 ألف شخص على رواتب من صندوق حكومي مخصص لدفع أموال لمن يشكون من أعراض صحية مرتبطة بالهجمات.
ولا يعرف المختصون بشكل قاطع عدد الأشخاص الذين يعانون من مشكلات صحية مرتبطة بهجمات 11 سبتمبر، نتيجة تعرضهم لسحابة كثيفة للغاية من حطام الإسمنت والزجاج والجبس ومواد أخرى تطايرت في الجو بعد انهيار البرجين.
ويعاني الكثيرون من المسجلين في البرنامج الصحي لمركز التجارة العالمي من أمراض شائعة في مثل تلك الحالات، مثل سرطان الجلد والارتجاع وانقطاع التنفس أثناء النوم، لكن ليس هناك اختبار معين يحدد ما إذا كانت تلك الأمراض مرتبطة بالفعل بهجمات 11 سبتمبر أم نتيجة عوامل أخرى، كالتدخين أو البدانة أو الوراثة. وعلى مدى أعوام، أدى ذلك إلى بعض الاحتكاك بين المرضى الواثقين تمامًا بأنهم مصابون بمرض مرتبط بأحداث 11 سبتمبر، والأطباء الذين يتشككون في ذلك.
ويعاني معظم المسجلين في البرنامج الصحي لمركز التجارة العالمي من التهاب مزمن في الجيوب الأنفية أو تجاويف الأنف أو من مرض الارتجاع، وهي حالة يمكن أن تسبب أعراضًا تشمل حرقة المعدة والتهاب الحلق والسعال المزمن.
وظهر اضطراب ما بعد الصدمة كواحد من أكثر الحالات الصحية شيوعًا واستمرارية لدى شهود هجمات 11 سبتمبر، حيث يعاني منه نحو 12500 شخص مسجلين في البرنامج الصحي لمركز التجارة العالمي. وفي المجمل يعاني ما يقرب من 19 ألفًا من المسجلين من مشكلات نفسية يعتقد أنها مرتبطة بالهجمات.
ولم يزل نحو 9% من رجال الإطفاء الذين تعرضوا لغبار انهيار برجي مركز التجارة العالمي يعانون من السعال المستمر، ويشكو 22% من ضيق التنفس، فيما أصيب 40% بمشكلات مزمنة في الجيوب الأنفية أو ارتجاع حمضي. وعلى مدى العقدين الماضيين، أصيب نحو 24 ألف شخص تعرضوا لغبار برجي مركز التجارة العالمي بأنواع من السرطان، أكثرها شيوعًا سرطان الجلد.
واليوم يبلغ متوسط عمر المسجلين بالبرنامج الصحي لمركز التجارة العالمي نحو 60 عامًا، وهناك مخاوف من أن المشاكل الصحية ستزداد سوءًا مع تقدمهم في العمر، لا سيما وأن مرضًا مثل السرطان الناجم عن التعرض لمادة الأسبستوس قد يستغرق 40 عامًا حتى يظهر بعد التعرض له. وبالإضافة إلى الضرر النفسي، هناك مخاوف من أن الاختلالات المستمرة للأدرينالين وهرمونات التوتر الأخرى المصاحبة لاضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مشاكل القلب أو إضعاف جهاز المناعة.