بعد تمكن حركة طالبان من السيطرة على كامل أفغانستان، ورغبتها الشديدة في إعادة تقديم نفسها للعالم، وأنها تخلت عن أفكارها المتشددة، ساعية في أن تعترف القوى الدولية والإقليمية بالحكومة التي أعلنتها الحركة، يبقى السؤال الأهم حاليا على الساحة، هل تتخلى طالبان عن حليفتها القاعدة والذي استمرت العلاقة بينهما لمدة 20 عاما، وذلك في مقابل الحصول على الاعتراف الدولي؟
بيعة القاعدة لـ طالبان
وقبل الإجابة على هذا التساؤل، علينا العودة لتاريخ العلاقات بين طالبان والقاعدة، عندما بايع زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، نظيره الملا الملا عمر في تسعينيات القرن الماضي، وتم تجديد البيعة عدة مرات فيما بعد، وبالتالي فإن التنظيمين على درجة كبيرة من التفاهم، كما تلك البيعة هي سبب الغزو الأمريكي لأفغانستان وضرب طالبان، لأن زعيم الحركة الملا عمر رفض تسليم زعيم القاعدة أسامة بن لادن إلى أمريكا بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.
الاتفاق مع أمريكا
من ناحية أخرى، في عام 2020، عقدت حركة طالبان مع الولايات المتحدة اتفاق سلام، وافقت طالبان على إثره بعدم السماح للقاعدة والجماعات المتطرفة بالعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وبعد استيلاء طالبان على أفغانستان وفي يوم دخول العاصمة الأفغانية كابول 15 أغسطس الماضي، أكدت الحركة على الالتزام باتفاقها مع الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه لم تتبرأ من القاعدة حتى الآن.
في يومنا الحالي وبعد موت أسامة بن لادن والملا عمر، يمكن القول بأن طالبان لم تعترف ببيعة القاعدة لها، لأنه عندما تولى الزعيم الحالي للحركة هبة الله آخوند زاده، القيادة في مايو 2016، لم يعترف علناً ببيعة أمير القاعدة أيمن الظواهري للحركة كما أنه لم ينكرها، وهذا الغموض مستمر حتى الأن ويسبب حالة من عدم التأكد حول العلاقة بين التنظيمين.
ورطة طالبان بين أمريكا والقاعدة
تعتبر حركة طالبان في ورطة حقيقة الآن بين خيارين ربما يهددان تواجدها وتثبيت أقدامها في أفغانستان بعد السيطرة عليها كامل البلاد بسهولة شديدة بعد انسحاب الولايات المتحدة وهذان الاتجاهان كالتالي:
هذا الاتجاه له دوافع عديدة وهي أن العلاقة بين التنظيمين الجهاديين واعترافهم ببعضها، تمنح كلا منها مكانة كبيرة بين التنظيمات الجهاديةحول العالم، ومن الصعب على التنظيمين خسارة حليف تاريخي.
ويؤيد هذا الاتجاه أن رسائل التهنئة انهالت على طالبان من القاعدة بمجرد السيطرة على كامل أفغانستان، مؤكدة على مكانة قائد طالبان هبة الله آخوند زاده باعتباره "أمير المؤمنين"، وعلى الجهة الأخرة لم تتطرق طالبان علناً لتلك التهاني.
أما الاتجاه الثاني هو يتماشى مع مساعي طالبان للحصول على الاعتراف الدولي بها و بحكومتها، وبالتالي تتنكر من القاعدة بشكل تدريجي، من أجل هذا الاعتراف الذي سيثبت أقدامها في أفغانستان، ولكن من المتوقع أن تنتج عن هذا صراع بين بين التنظيمين.