تسود حالة من الترقب الحذر بين سكان ضفاف نهر النيل في السودان ومصر، بعد تواتر أنباء عن ظهور تماسيح وخروجها من شواطئ النيل في العاصمة السودانية الخرطوم، التي حذَّرت سلطاتها السكان من خطورة الاقتراب من مياه النهر.
التماسيح تغزو الخرطوم
وبحسب موقع "المونيتور" الأمريكي، حذر مدير إدارة الدفاع المدني بالخرطوم اللواء عثمان العطا في بيان صحفي يوم 30 يوليو المواطنين من الاقتراب من النيل أو السباحة فيه، حيث تشهد البلاد فيضانات كبيرة تؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه وظهور التماسيح والثعابين النيلية المفترسة، كما نصح عطا بعدم استخدام قوارب النيل.
ونقل الموقع عن مراقبين وخبراء أن تماسيح النيل ليست الأثر البيئي السلبي الوحيد لسد النهضة، وإنما هناك آثار أخرى مثل ملوحة التربة واختفاء بعض الحيوانات والنباتات نتيجة التغيرات البيئية التي أحدثها السد.
آثار بيئية خطيرة لسد النهضة
وقال نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، إن إثيوبيا فشلت في تخزين الكمية التي أعلنت عنها في التعبئة الثانية لسد النهض، لم تنسق مع دولتي المصب - مصر والسودان - وأصرّت على ملء السد من جانب واحد دون اتفاق، مضيفًا أن ذلك تسبب في ارتفاع منسوب مياه النيل الأزرق بالخرطوم، إلى جانب زيادة هطول الأمطار في موسم الفيضان مما أدى إلى زيادة كبيرة في أعداد التماسيح بالخرطوم.
وأشار نور الدين إلى أن التماسيح في الخرطوم لن تصل إلى مصر بسبب السد العالي في أسوان الذي يدفع التماسيح الضخمة باتجاه بحيرة ناصر، ولا يمكن سوى للتماسيح الصغيرة المرور عبر الفتحات، وهذا يفسر سبب عثور بعض المزارعين السودانيين على تماسيح في أراضيهم.
وأضاف أن الآثار البيئية الضارة في مصر والسودان لا تقتصر على انتشار التماسيح ، بل تشمل الهشاشة البيئية لدلتا نهر النيل في مصر نتيجة ملوحة مياه البحر ونقص المياه العذبة لمعالجة المشكلة، وكذلك ملوحة التربة وانخفاض خصوبتها واختفاء بعض الحشائش بسبب الجفاف، واختفاء بعض الحيوانات النهرية كالضفادع والأسماك.
مصر آمنة من زواحف النيل
من جانبه، يعتقد عباس شراقي رئيس قسم الموارد المائية والجيولوجيا بكلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، أن ظهور هذه التماسيح المفترسة في الخرطوم مرتبط بالفيضانات وبحيرة السد الإثيوبي، والتي يبلغ طولها 100 كيلومتر وعرضها نحو 10 كيلومترات وتحتوي على نحو 9 مليارات متر مكعب من المياه.
وقال شراقي إن مياه البحيرة التي غطت أماكن لم يكن من الممكن الوصول إليها قبل بناء سد النهضة، تحتوي على حشرات برية وزواحف يمكن أن تصل إلى السودان عبر المياه المتدفقة إليها. وأوضح أن بحيرة سد النهضة لا تحتوي على توربينات تمنع مرور التماسيح. وأضاف أن ظهورها المتكرر بالخرطوم مع زيادة الفيضانات هو نتيجة طبيعية لوجود سد النهضة.
وقال شراقي إنه مع الفيضانات التي تصب في السد لا يوجد سوى ممر ضيق يبلغ عرضه 250 مترا. وأوضح أن جزءا من الماء يمر عبره، وتمر باقي مياه الفيضان من فوق السد، وتندفع مياه البحيرة المليئة بالتماسيح من قمة السد إلى السودان.
وأضاف: "لكن الوضع في مصر مختلف تمامًا عن السودان، حيث يبعد السد العالي بأسوان التماسيح الكبيرة والمفترسة من خلال توربيناته التي تمنع مرورها. يمر الماء عبر الثقوب والتوربينات، وتموت التماسيح إذا حاولت العبور. لكن سد النهضة لا يحتوي على أي توربينات".
تعنت إثيوبي بشأن دراسات السلامة البيئية
وقال ضياء الدين القصي خبير الموارد المائية والمستشار السابق لوزارة الموارد المائية والري، إن إثيوبيا رفضت أكثر من مرة إجراء أي دراسات حول سلامة سد النهضة وانعكاساتها البيئية على المنطقة، لأنها تدرك التداعيات السلبية للجفاف والتصحر الناجمين عن نقص المياه. وقال إن ذلك يؤثر على المناطق الزراعية في دول المصب ويؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي.
وأضاف القوصي أن التماسيح كانت موجودة في نهر النيل منذ ما قبل بناء سد النهضة، لكن بحيرة السد ساهمت في زيادة أعدادها في الخرطوم خلال فترة الفيضان. وأشار إلى أن هذا أمر طبيعي وأقل ضررًا بكثير مقارنة بالضرر المائي وتهديد الأمن الغذائي.
وطالب القوصي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته للضغط على إثيوبيا لتوقيع اتفاق ملزم يحفظ الحقوق التاريخية لمصر والسودان.