أصدر المجلس الأعلى للقضاء في تونس قرارًا بإنهاء شغل القضاة مناصب سياسية في المؤسسات العليا للدولة، من أجل النأي بالسلطة القضائية عن التجاذبات والصراعات السياسية، ولحماية استقلالية القضاء.
جاء ذلك في بيان صدر عن المجلس، مساء الثلاثاء، قال فيه إنه "أصدر قرارات فردية بإنهاء إلحاق القضاة العدليين الشاغلين لمناصب برئاسة الجمهورية ورئاسات الحكومة والوزارات والهيئات التي لا يفرض القانون وجوب وجود قاض عدلي ضمن تركيبتها وإصدار مذكرات تعيين وقتية في شأنهم".
ووفقًا لقناة "العربية"، أوضح المجلس أن قراره جاء، "بعد تدارس المجلس القضاء العدلي ما آل إليه الوضع القضائي وحرصا منه على تكريس مبادئ الاستقلالية والحيد والنأي بالسلطة القضائية عن جميع التجاذبات السياسية"، مؤكدا أن الهدف منه هو "المحافظة على سمعة القضاء والقضاة وكرامتهم والنأي بهم عن حملات التشكيك والتشويه ومحاولة الزج بهم في الصراعات السياسية".
وبموجب ذلك، يسقط قرار رئيس الحكومة هشام المشيشي تعيين القاضي عماد بن طالب على رأس الهيئة العليا لمكافحة الفساد خلفا للقاضي عماد بوخريص الذي سيشمله أيضا هذا القرار، وهي الخطوة التي أثارت جدلا واسعا داخل الساحة السياسية وفتحت فصلا جديدا من الصراع بين رئيسي الحكومة هشام المشيشي والدولة قيس سعيّد.
وفي السنوات الأخيرة، أثار تعيين قضاة في مناصب سياسية قيادية داخل مؤسسات الدولة (وزارات وهيئات دستورية)، الكثير من الجدل، بعدما أثر ذلك على استقلالية العدالة في البلاد، خاصة بعد ثبوت التداخل بين القضاء والسلطة السياسية.
وقوبل قرار المجلس الأعلى للقضاء، إنهاء عمل القضاة في المسؤوليات السياسية بترحيب كبير، خاصة في صفوف أصحاب المهنة، حيث اعتبر القاضي عمر الوسلاتي، في تدوينة نشرها على صفحته في "فيسبوك"، أن "إنهاء إلحاق القضاة في الحكومة وفي الوظائف السياسية، بعد طول انتظار، وما لحق ذلك من خسارة كبيرة اهتزت لها ثقة عموم الناس في قاض تخلى عن جبته معتقدا أن السلطة السياسية أكثر إغراء وجاذبية، هو "قرار تاريخي".
وأضاف أن "لجوء الأحزاب لتعيين القضاة في مناصب سياسية في الصف الأول وما في ذلك من مجازفة، تسعى من ورائها الأحزاب الى تحقيق المصالح الضيقة بمصاهرة القضاة وترويضهم".