قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

فرنسا وإفريقيا.. هل يصلح ماكرون ما افسده الاستعمار؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
×

لا يخفي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاولاته لإعادة العلاقة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في قارة إفريقيا، فرغم مرور عشرات السنوات على الحقبة الاستعمارية الفرنسية للقارة السمراء، لا تبدو العلاقة بين باريس ودول القارة في أفضل حالاتها.

في 1960، نالت 14 دولة إفريقية استقلالها عن فرنسا، وكانت الجزائر أول بلد تحتله الدولة الأوروبية في القارة السمراء ثم اتجهت إلى استعمار منطقة الساحل. واليوم، يحاول ماكرون منذ وصوله لقصر الإليزيه إصلاح العلاقات مع تلك المستعمرات السابقة التي باتت أحد أهم أولوياته الدبلوماسية، لكنه يصطدم بالماضي الإجرامي لبلاده في تلك المنطقة وآثار الاحتلال العالقة في الذاكرة.

خلال رحلة نادرة خارج القارة الأوروبية، يزور الرئيس الفرنسي بلدين إفريقيين هما "رواندا جنوب إفريقيا"، لكن الملفت في هاتين الدولتين أنهما "ليست مستعمرات فرنسية سابقة"، لكن دولة مثل رواندا تتهم فرنسا بالتواطؤ في الإبادة الجماعية عام 1994، ما تسبب في قتل ما يزيد على 800 ألف من التوتسي والهوتو المعتدلين.

- زيارة رواندا

تأتي زيارة ماكرون إلى رواندا بعدما أصدرت لجنة تحقيق فرنسية تقريرا أكدت فيه أن موقفا استعماريا أعمى المسؤولين الفرنسيين، وأن الحكومة تتحمل مسؤولية "كبرى وجسيمة" لعدم توقع المذبحة في رواندا.

وقال ماكرون خلال الزيارة إنه جاء "للاعتراف بمسؤوليتنا" بشأن المجازر التي ارتكبت في هذا البلد عام 1994، موضحا أن فرنسا "لم تكن متواطئة" لكنها "فضلت الصمت على النظر في الحقيقة".

في المقابل، أكد الرئيس الرواندي بول كاجامي أن إقرار فرنسا بدورها في إبادة عام 1994 التي شهدتها رواندا تمثّل "خطوة كبيرة" وإن لم يرافقها اعتذار.

وفتح ماكرون في زيارته إلى رواندا، وهي الأولى من نوعها لرئيس فرنسي منذ عام 2010، صفحة جديدة بعد نحو ربع قرن من الخلاف بين فرنسا ورواندا بشأن قضية الإبادة الجماعية التي لم يتم حلها.

- جنوب إفريقيا

ووصل ماكرون، أمس الجمعة، إلى جنوب أفريقيا قادما من رواندا، في زيارة تتركز على مكافحة وباء كورونا ومعالجة الأزمة الاقتصادية الناجمة عنه.

وتوجه ماكرون إلى العاصمة بريتوريا حيث استقبله نظيره الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا في قصره في مباني الاتحاد، التي تمثل مقر الحكومة.

وبحث ماكرون مع نظيره الإفريقي سيريل رامافوزا التحديات المناخية والاقتصادية، في وقت تطمح فرنسا لمزيد من الحضور في السوق الجنوب أفريقية، خاصة في مجال التحول البيئي.

كما زار الرئيس الفرنسي مؤسسة نيلسون مانديلا في جوهانسبرج، قبل أن يختم زيارته ويعود إلى فرنسا، مشيدا بحياة الالتزام والتضحيات والنضال التي عاشها نيلسون مانديلا من أجل "تكريس المساواة والحرية".

واختتم الرئيس الفرنسي زيارة استمرت يومين لجنوب إفريقيا السبت، عقب زيارة تاريخية لرواندا، تزامنت مع انقلاب عسكري جديد في دولة مالي، المستعمرة الفرنسية السابقة.

تقول صحيفة "لوموند" الفرنسية، إن الانقلاب الأخير في مالي يشير إلى صعوبة تحقيق مبادرات ماكرون وإصلاح العلاقات مثلما يروج الرئيس الفرنسي.

وتوضح في تقرير لها أن الصعوبة الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي، فرضت على فرنسا التعامل مع المجلس العسكري في مالي وقادة انقلاب أغسطس 2020 الذين اطاحوا بالرئيس السابق بو بكر كيتا، لكن الخطة الموضوعة لم تكتمل، واستولى الكولونيل أسيمي جويتا على السلطة مجددا خلال الايام الماضية.

لكن يبدو أن مهمة ماكرون ستكون صعبة في التوغل في تلك البلدان الإفريقية عبر تصريحاته لإدانة ماضي بلاده في القارة السمراء، خاصة في دولة مثل الجزائر.

ففي وقت سابق من العام الماضي، كلف الرئيس الفرنسي بنجامين ستورا، أحد أبرز الخبراء المتخصصين بتاريخ الجزائر الحديث بإعداد تقرير دقيق ومنصف حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر" التي وضعت أوزارها عام 1962، والتي لا تزال تربط بذكريات مؤلمة في عقول عائلات ملايين من الفرنسيين والجزائريين.

وأشار المؤرخ ستورا إلى حساسية هذه القضية في كل من الجزائر وباريس، معبرا عن اندهاشه من هول التداول الإعلامي المثير في القنوات الفرنسية، عندما تثار قضية الاعتذار الفرنسي للجزائر.

علاوة على ذلك، اعترف المؤرخ الفرنسي بصعوبة تحقيق المصالحة بين الجزائر وفرنسا بسبب الماضي الاستعماري، مؤكدا أنه لا يمكن إصلاح ما أفسد في قرون بكلمة واحدة.

بينما اعتبر ماكرون، الشهر الماضي، أن الرغبة في مصالحة الذاكرة بين الفرنسيين والجزائريين "مشتركة بشكل كبير" على الرغم من بعض الرفض في الجزائر.

واتخذ الرئيس الفرنسي بالفعل سلسلة إجراءات رمزية ضمن مبادرة إصلاح الذاكرة مع اقتراب الذكرى الستين لاستقلال الجزائر، إلا أن أوساط جزائرية لا تزال تطالب فرنسا باعتذار رسمي عن جرائمها وانتهاكاتها خلال الفترة الاستعمارية للبلاد.