مع حلول ذكرى رحيل شاعر الرفض العربى، وفى ظل أزمات قومية تعيشها الدول العربية عامة وفلسطين خاصة، تظهر إلى النور قصائد الشاعر الراحل أمل دنقل" ابن قنا"، لتعبر عن حالة الرفض والثورة ضد ما يتعرض له الوطن العربي من مؤامرات واعتداءات من جانب الكيان الصهيوني، ولعل أبرزها قصيدة " لا تصالح" رغم أنها ليست الوحيدة التى سطرها الراحل رفضاً لأوضاع كثيرة خلال الفترات التي عاشها.
حلول الذكرى الثامنة والثلاثين لوفاة الشاعر الراحل، تزداد سيرته خلودًا و تألقًا مع مرور الأيام، بأعمال متنوعة تستثير العواطف القومية والرومانسية لملايين العرب، المهتمين بكتابات شاعر الرفض العربى وأعماله الخالدة التى تلقى الأبواب مفتوحة على مصراعيها فيما تعيشه الأمة العربية من أزمات و انكسارات أو انتصارات.
مرور 38 عامًا على وفاة شاعر الرفض العربى، لم يمح الفترة التى قضاها "أمل دنقل" بين أهله و أصدقائه " صغاراً أو كبارًا" بقرية القلعة بمركز قفط جنوب قنا، بل زادها تألقًا وإزدهارًا، فكبارها ورموزها مازالوا يتذكرونه بأنه أصغر خطيب يعتلي منابر المساجد و ابن الطريقة البرهامية" طريقة صوفية منتشرة بصعيد مصر "، أما الشباب فيعرفونه من كتاباته الثورية والقومية التى تعبر عما تجيش به صدورهم.
قال النائب أنس دنقل " شقيق الشاعر الراحل"، حياة شقيقي الراحل مرت بالعديد من المحطات والمراحل، فالمرحلة الأولى فى حياته بدأت فى عمر 12 عاماً بعد وفاة والدنا مباشرة، أعقبها المرحلة الثانية التي بدأت مع حرب 1956 والعدوان الثلاثى على مصر، بدأ خلالها أمل ينتقل من الحديث بالطريقة التقليدية إلى كتابة الشعر الحر وكانت أول قصيدة بعنوان " القنال العائد" ألقاها فى السويس وتم تكريمه عنها فى العام 1956، بعدها بدأت مرحلة الرومانسية و كتابة الشعر العاطفى وكانت نتيجة لمروره بتجارب عاطفية، محصلتها ديوان " قلبى والعيون الخضر"، و بعدها مرحلة الإقامة فى الاسكندرية وكانت بدايتها قصيدة سبارتكوس وكان مطلعها..
المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال "لا" فى وجه من قالوا " نعم"
من علم الإنسان تمزيق العدم
من قال "لا" فلم يمت
وظل روحاً أبدية الألم !
وتابع دنقل، بعد فترة الإسكندرية بدأت فترة توقف وصمت انتهت فى العام 1966، متسلحاً وقتها بحكمة "أنت إن سكت مت و إن نطقت مت فقلها ومت" وكان من أهم قصائدها "الأرض والجرح الذي لا ينفتح" وكانت القصيدة سبباً فى قرار اعتقال لأمل دنقل واستطاع أن يهرب من الاعتقال، حتى ثانى أيام النكسة ليكتب قصيدته الخالدة "البكاء بين يدى زرقاء اليمامة".
و أشار دنقل ، إلى أن كل أعمال أمل لم تنشر إلا بعد وفاته لأنه كان يعبر عن رأى الناس و لم يكن بوقاً لأحد، فقد كان ابن الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، وكان أحسن من يعبر عن هموم الناس والوطن العربى، فكل قصائد أمل مازالت باقية نرددها كلما تعرضنا للأزمات.
و أوضح نقل، بأن "قصيدة لا تصالح" قد تكون هى الأكثر شهرة فى التعبير عن رفض الكيان الصهيوني، لكنها ليست الوحيدة، فهناك الكثير من الأعمال عن القدس والصراع العربي الصهيوني، فهناك قصيدة بكائيات بعنوان "سرحان لا يتسلم مفاتيح القدس" والتى يقول فى مطلعها...
عائدون و أصغر إخوتهم" ذو العيون الحزينة"
يتقلب فى الجب
أجمل إخوتهم.. لا يعود !
وعجوز فى القدس" يشتعل الرأس شيباً"
تشم القميص فتبيض أعينها بالبكاء،
و تخلع الثوب حتى يجىء لها نبأ عن فتاها البعيد
أرض كنعان- إن لم تكن أنت فيها- مراع من الشوك
يورثها الله من شاء من أمم،
فالذى يحرس الأرض ليس الصيارف
إن الذى يحرس الأرض ربُ الجنود.
فيمال قال حامد الوحش " ابن عم الشاعر الراحل"، براعة و إبداع أمل دنقل تجسد فى معظم قصائده، فكل قصائده تحمل مضمون وفكر ورسالة معينة من خلال القصيدة، كما أن الشعر الرومانسى لم يأخذ أمل عن قضيته الأساسية وهى العروبة والتى فرضت نفسها حتى فى قصائده الرومانسية، وكون دنقل شاعر القومية، لم يتحقق من فراغ، فقد كان ومازال الأجدر بهذا اللقب لأنه عبر ببراعة عن هموم ومشاكل الوطن العربى.
و أضاف الوحش، أتمنى أن تنشر الأعمال الكاملة لأمل دنقل فى المدارس والجامعات والمكتبات العامة، لأنه حتى الآن يكاد يكون من النادر وجود كتب أو دواوين ورقية، لذا نتمنى أن يتحقق هذا المطلب ليرد جزء من قيمة ومكانة هذا الشاعر العظيم.