قرون و عصور عديدة مضت على وجود حرفة الفركة فى مدينة نقادة جنوب قنا، لا يعلم تاريخها تحديداً، إلا أنها تأبى أن تندثر، رغم متاعبها و مشقة العمل على النول اليدوى الذى ينتج الفركة النقادية كما تسمى حتى الآن فى العديد من الدول الإفريقية.
الفركة كغيرها من الحرف التراثية التى اشتهر بها صعيد مصر، لكنها تتميز عن غيرها بأنها تراث فرعون استقر فى مدينة نقادة ومازال باقياً حياً حتى الآن، رغم منافسات منتجات رخيصة الثمن ضعيفة الجودة لا ترقى إلى مستوى الفركة ذات الأصل و العراقة.
قالت أم محمد، أعمل فى حرفة الفركة من ٧ سنوات، أحببتها منذ أن كنت صغيرة لكن الظروف لم تتيح لى العمل بها فى البداية، لكن عندما عملت فى جمعية الشابات المسلمات بنقادة، تعلمت الحرفة من خلال مشاهدتى للبنات أثناء العمل على النول، ومن وقتها و أنا أعمل فى الفركة من الساعة 7 صباحاً حتى السابعة مساءًا حباً فى الفركة التى تعلقت بها منذ بدأت العمل فيها.
و تابعت أم محمد، للفكرة مراحل وخطوات كثيرة فى العمل، تبدأ بتدوير الخيوط ثم صفها على النول و إحضار الرسمة أو التصميم المطلوب، لانتاج شال فى النهاية مصنوع من خيوط الفركة الطبيعية، يختلف فى الحجم والشكل وهو ما يجعل منتجات الفركة مميزة ومختلفة عن غيرها من المنتجات، كما أن وضع الفركة تغير كثيراً عن السابق، فمن كانوا يعملون فيها سابقا لا يستطيعون صناعة وإنتاج الأشكال الحالية التى بدأت تتواكب مع الوضع الحالى من أجل البقاء والمنافسة.
و أوضحت أم محمد، أن الشال المصنع من الفركة، من الممكن تحويله إلى منتجات و أشكال أخرى فالبعض يحول الشال إلى فستان أو جلابية، خاصة المنتجات التى يتم تصديرها إلى الخارج، كما أننا غيرنا فى شكل المنتجات التقليدية للفركة والتى كانت تقتصر على الشال السادة، لتصبح هناك أنواع و أشكال لم تكن موجودة من قبل، وخاصة بعد زيارة الأستاذ حازم توفيق إلى الهند ونقل تصميمات وخبرات جديدة فى المجال.
و أشارت أم محمد، إلى أن حرفة الفركة تتطلب جهد و وقت كبير، لذلك لا يستمر فى الحرفة إلا من يحبها، فالمجهود صعب وليس هناك عائد مادى مجزى من ورائها، وقد يستغرق صناعة الشال الواحد يوم كامل فى بعض الأحيان، وهو ما كان سبباً فى تغنى السيدات الكبار ببعض المقطوعات الغنائية التراثية خلال عملهم بالفركة.
و أضافت أم محمد، أتمنى التوسع في حرفة الفركة وفتح أسواق جديدة لها تساهم فى إعادة إحيائها والحفاظ عليها من الإندثار، و بما يضمن وجود فرص عمل للعاملين بهذه الحرفة و محبينها، لأنها جزء من تراث بلادنا نشأنا و وجدناها فى بيوتنا يعمل بها آبائنا و أجدادنا رجالاً ونساءًا.
فيما قال حازم توفيق، مدير مركز الفركة بجمعية الشابات المسلمات بنقاده، الفركة حرفة تراثية و فن من فنون النسيج الذى تشتهر به نقاده منذ عصر الفراعنة، وكانت نقاده تشتهر فى كل دول افريقيا بتصدير الفركة، لكن فى الفترة الأخيرة تراجعت صناعة الفركة لأسباب كثيرة منها تدنى أجر، وتراجع مستوى البيع عن السابق.
و أضاف توفيق، لكن نحال بقدر الإمكان من خلال تصميمات و أشكال جديدة فى صناعة الفركة ننافس بقوة المنتجات الصينية، خاصة و أن الفركة حرفة طبيعية لا تعتمد على أى مواد أو صبغات صناعية بعكس المنتجات الأخرى، وهو ما يجعلها ذات قيمة و جودة عالية، كما استفدت من سفرى إلى دولة الهند فى نقل خبرات جديدة لمن يعملون فى حرفة الفركة.