تلقت در الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: “هل الزواج العرفي حرام مع العلم أن هناك عدة أسباب تدفع الطرفين لهذا؟”.
وأجاب الشيخ أحمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن السؤال قائلا: إن الشريعة الإسلامية ذكرت صورة للزواج الصحيح في الشرع وهو الزواج الذى يتم مستكملا ومستوفيا أركانه.
وأوضح أمين الفتوى أن أركان الزواج الصحيح الإيجاب والقبول من الطرفين، فالإيجاب يكون من المرأة وهو مذهب الحنفية والمفتى به وما عليه القضاء فى الديار المصرية، أو وليها، والقبول من الرجل الذى سيتزوج، وحضور الشاهدين مجلس العقد.
وأضاف أمين الفتوى أنه يشترط في الشاهدين أن يكونا رجلين مسلمين بالغين ويحضران مجلس العقد والاتفاق على المهر.
وأشار إلى أن هناك مرحلة تسمى “مرحلة إجرائية” فلو سجلنا هذا الزواج فى السجل المدني نسميه "زواج رسمي" بمعنى مشهر على مستوى الدولة ومؤسساتها المعنية بالتوثيق والحفاظ على حقوق الناس.
ونوه إلى أن العرفي يعنى المتعارف عليه فى وسط معين أو حي معين أو مكان معين أو حتى فى إطار المجلس الذى حدث فيه الزواج، ويكون صحيحا، ولكن يترتب عليه فى الغالب ضياع الحقوق من نفقة ونسب وميراث وأشياء كثيرة تواجهنا يوميا فى دار الإفتاء، لعدم الاهتمام من فئة معينة بتوثيق عقد الزواج، ولا ننصح به لما يترتب عليه من ضياع الحقوق.
الفرق بين الجواز السري والعرفي
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، إنه يوجد لبس فى الأذهان بين الزواج العرفى، وبين زاوج السر، وبين الزواج العادى، وبسبب هذا الخلط حدثت تجاوزات عديدة فى بعض الأوساط الطلابية انطلاقًا من أن هناك زواجًا عرفيًّا بمعنى الزواج السرى، وبالتالى لا بد أن نعرف ماهية الزواج السرى وماهية الزواج العرفى، فالزواج السرى: هو الذى يتم بدون شهود، وهو باطل، أو يتم بشاهدين لكن يُوصى كل منهما بكتمانه، فلا يعلمه إلا الزوج والزوجة والشاهدان فقط، وفى كل أحواله يغيب الولى، مع أن أول ما يبطل عقد الزواج هو غياب الولى وعدم معرفته.
وأوضح شيخ الأزهر في حديث تليفزيوني، أن زواج السر باطل دون الدخول فى تفصيلات: هل يعتبر الشهود من الإشهار؟ ولو اعتبرناهم يكفون فى الإشهار ستظهر هنا مشكلة، وهى غياب الولى، فزواج البنت بأى صورة من الصور بدون علم أبيها وأسرتها زواج باطل، ففى الحديث الشريف: "أيما امرأة نكحت – زوجت نفسها- بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل،" حيث كرر فيه النبى -صلى الله عليه وسلم- عبارة (فنكاحها باطل) ثلاث مرات ليؤكد على بطلان الزواج الذى يتم بدون ولى، كما أن فيه تحذيرًا من الاستجابة إلى التخريب الذى يحدث باسم الدين أو باسم الفقه الآن.
وأضاف: وأما الزواج العرفى هو ما ليس موثقًا لكن توفرت فيه أركان وشروط الزواج الصحيحة من ولى وشاهدى عدل وصيغة ومهر، فهذا الزواج بهذه الصورة لا يمكن أن يكون حرامًا، بل بالعكس هو الصورة الصحيحة لزواج المسلمين من أيام النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى العهد القريب الذى ظهرت فيه الأحوال الشخصية والتسجيل حيث لم يكن هناك توثيق أو قسيمة زواج، وإنما ظهر التوثيق لما خربت الذمم وأصبح الرجل بإمكانه أن يتزوج امرأة زواجًا شرعيًّا وتلد منه ثم يتنكر لهذا الزواج أو يهرب من الزوجة ولا يعطيها حقوقها، فمست الحاجة إلى توثيقه، وبناء على ذلك فالزواج العرفى الذى اكتملت فيه شروطه الشرعية، زواج صحيح شرعًا خطأ قانونًا، لكن الزواج السرى (وهو ما يسمى بالعرفى بين الشباب الآن) بين البنت والولد والذى يشهد عليه اثنان من أصدقائهما دون معرفة ولى أمر البنت فهذا زواج باطل ولا يعترف به وما يحدث بينها زنا.
وأكد الإمام الأكبر أن توثيق الزواج الآن أمر لا بد منه لمصلحة البنت، فإن لم يوثقه الزوج خضع لعقوبات قانونية -يؤيدها الأزهر- لأن من حق ولى الأمر أو القائمين على الأمور أن يقيدوا هذا الحلال بشروط ضمانًا لمصلحة للطرفين أو لأحدهما سواء كان الزوج أو الزوجة، لكنه عند الشرع صحيح.
وأشار إلى أن الأزهر يقر الزواج العرفى بأركانه وشروطه الصحيحة، وعلى رأسها الولى، ولا يقر ولا يعترف بالزواج السرى (المسمى بالعرفى الآن) الذى يتم من وراء ظهر الأب والعائلة، ولا تعلم به، ويعده زواجًا باطلا، وذلك قول النبى –صلى الله عليه وسلم-: (فنكاحها باطل)، مشددًا على خطورة الزواج السرى (العرفى الآن) الذى لم يعرف فى أيامنا ونحن فى الجامعات، حيث لم يكن هذا الانفلات الذى يحدث الآن، ولم تكن هذه الفوضى التى أصبحت تسمى الآن حرية، ولم يكن هذا الخروج عن الأدب والقيم تحت مسمى الحرية، لافتًا إلى أن علماء الأزهر هم رمانة الميزان فى الفتاوى الصحيحة والعلم المبرأ من الإفراط والتفريط.