البحوث الإسلامية: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ ".. فتنة الناس في الدنيا

أكد مجمع البحوث الإسلامية أن العناصر الأساسية في فتنة الناس في الدنيا، المال والبنون، وقدَّم الحق سبحانه المال لأنه فى حوزة كل الناس، أما البنون فهذه خصوصية، ومن الناس مَنْ حُرِم منها.
ويؤكد مجمع البحوث الإسلامية فى تفسيره الآية 46 من سورة الكهف :"الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا" : إن العناصر الأساسية في فتنة الناس في الدنيا، المال والبنون، لكن لماذا قدَّم المال؟ أهو أغلى عند الناس من البنين؟ نقول: قدَّم الحق سبحانه المال على البنين، ليس لأنه أعزُّ أو أغلى؛ إنما لأن المال عام في المخاطب على خلاف البنين، فكلُّ إنسان لديه المال وإنْ قلَّ، أما البنون فهذه خصوصية، ومن الناس مَنْ حُرِم منها.
وأضاف: كما أن البنين لا تأتي إلا بالمال؛ لأنه يحتاج إلى الزواج والنفقة لكي يتناسل ويُنجب، إذن: كل واحد له مال، وليس لكل واحد بنون، والحكم هنا قضية عامة، وهي: { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا.. } وإنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالا ونفعا، وفي البنين قوة ودفعا، فصارا زينة الحياة الدنيا، لكن معه قرينة الصفة للمال والبنين؛ لأن المعنى : المال والبنون زينة هذه الحياة المحتقرة فلا تتبعوها نفوسكم. وهو رد على عيينة بن حصن وأمثاله لما افتخروا بالغنى والشرف، فأخبر تعالى أن ما كان من زينة الحياة الدنيا فهو غرور يمر ولا يبقى، كالهشيم حين ذرته الريح.
وأوضح: إنما يبقى ما كان من زاد القبر وعدد الآخرة. وكان يقال : لا تعقد قلبك مع المال لأنه فيء ذاهب، ولا مع النساء لأنها اليوم معك وغدا مع غيرك، ولا مع السلطان لأنه اليوم لك وغدا لغيرك. ويكفي في هذا قول الله تعالى { إنما أموالكم وأولادكم فتنة} [التغابن : 15]. وقال تعالى {إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم} [التغابن : 14]. قوله تعالى { والباقيات الصالحات} أي ما يأتي به فقراء المسلمين من الطاعات { خير عند ربك ثوابا} أي أفضل { وخير أملا} أي أفضل أملا من ذي المال والبنين دون عمل صالح.
وتابع المجمع ان المقصود بالباقيات الصالحات فيما جاء عَنْ اِبْن عَبَّاس { وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك ثَوَابًا وَخَيْر أَمَلًا } قَالَ : الْأَعْمَال الصَّالِحَة : سُبْحَان اللَّه , وَالْحَمْد لِلَّهِ , وَلَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاَللَّه أَكْبَر .
فقال ابن عباس وابن جبير وأبو ميسرة وعمرو ابن شرحبيل : هي الصلوات الخمس. وعن ابن عباس أيضا : أنها كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة. وقاله ابن زيد ورجحه الطبري. وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن كل ما بقي ثوابه جاز أن يقال له هذا. وقال علي رضي الله عنه : الحرث حرثان فحرث الدنيا المال والبنون؛ وحرث الآخرة الباقيات الصالحات، وقد يجمعهن الله تعالى لأقوام.
وقال الجمهور : هي الكلمات المأثور فضلها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. خرجه مالك في موطئه عن عمارة بن صياد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول في الباقيات الصالحات : إنها قول العبد : الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.