العمرة من أعظم العبادات التي يتقرّب بها المسلم إلى الله، فهي تجمع بين الطاعة القلبية والبدنية، وتعدّ فرصة عظيمة لغفران الذنوب وتجديد العهد مع الله ، وعلى الرغم من أنها ليست مقيّدة بوقتٍ محدد كالحج، إلا أن لها شروطاً وأركاناً يجب الالتزام بها ليكون أداؤها صحيحاً ومقبولاً.
وفي هذا التقرير، نعرض خطوات أداء العمرة بالتفصيل، بدءًا من الإحرام وحتى الحلق أو التقصير، مع بيان شروطها وآراء العلماء في حكمها.
أولًا: الإحرام
يُعد الإحرام أول أركان العمرة، ويقصد به نية الدخول في النسك، ويستحب أن يُلفظ المعتمر بقول: "لبيك عمرة"، عند بدء الإحرام. يُحرم الرجل في ملابس خاصة، وهي إزار ورداء غير مخيطين، ويفضّل أن يكونا باللون الأبيض. ومن السنن المستحبة قبل الإحرام: الاغتسال، والتطيب، والتنظف.
بعد الإحرام، يردّد المعتمر التلبية المعروفة: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك".
أما المرأة، فلا يشترط لها لباس معين في الإحرام، كما يظن البعض، غير أنه لا يجوز لها ارتداء النقاب أو القفازين، امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين».
ثانيًا: الطواف
بعد الوصول إلى المسجد الحرام، يشرع المعتمر في الطواف حول الكعبة سبعة أشواط، بدءًا من أمام الحجر الأسود وانتهاءً عنده. وتكون الكعبة عن يسار المعتمر أثناء الطواف، ويُسنّ للمعتمر في الأشواط الثلاثة الأولى أن يُسرع في المشي مع تقارب الخطى.
ثالثًا: الصلاة عند مقام إبراهيم
بعد الانتهاء من الطواف، يُستحب للمعتمر أن يتوجه إلى مقام إبراهيم ويصلي ركعتين خلفه، اقتداءً بقول الله تعالى: “واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى”، وبعد الصلاة، يُسنّ له أن يشرب من ماء زمزم وأن يلمس الحجر الأسود إن تيسر له ذلك.
رابعًا: السعي بين الصفا والمروة
السعي هو الركن التالي، ويكون سبعة أشواط، تبدأ من الصفا وتنتهي بالمروة. ويُستحب أن يقول المعتمر عند بدء السعي: "إن الصفا والمروة من شعائر الله..." إلى آخر الآية.
وعند الوقوف على الصفا، يرفع المعتمر يديه ويدعو قائلاً: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له..."، ويتم تكرار هذا الدعاء كلما وقف على الصفا أو المروة.
خامسًا: الحلق أو التقصير
يُعد الحلق أو التقصير من واجبات العمرة، ويُفضل الحلق للرجال، أما النساء فيقصصن من شعرهن قدر أنملة فقط، ولا يجوز لهن الحلق.
حكم العمرة
أجمع العلماء على مشروعية العمرة وفضلها، إلا أنهم اختلفوا في حكمها.
ذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك إلى أنها سنة مستحبة، واستدلوا بحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة ليست بواجبة». إلا أن هذا الحديث ضعيف.
وذهب الإمامان الشافعي وأحمد، واختار هذا القول الإمام البخاري، إلى أن العمرة واجبة مرة واحدة في العمر،واستدلوا بعدة أحاديث منها:
1. حديث عائشة رضي الله عنها: «يا رسول الله، على النساء جهاد؟ قال: نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة».
2. حديث جبريل المشهور، الذي جاء فيه ذكر العمرة مع الحج ضمن أركان الإسلام.
3. حديث الصبي بن معبد، حين قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه أهل بالحج والعمرة معاً، فقال له عمر: "هُديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم".