في صباح حزين من يوم الجمعة، توقفت قلوب عشاق الفن والضحك على خبر وفاة الفنان القدير سليمان عيد، الذي فارق الحياة عن عمر ناهز 64 عامًا بعد أزمة قلبية مفاجئة. الخبر جاء صادمًا لكل من عرفه عن قرب أو تابع أعماله التي كانت دومًا ترسم البسمة على الوجوه. لم يكن مجرد ممثل، بل كان إنسانًا بسيطًا، خفيف الظل، قادراً على أن يترك أثراً لا يُمحى في قلب كل من قابله أو شاهده على الشاشة.
آخر ظهور قبل الرحيل
قبل 18 ساعة فقط من وفاته، شارك الفنان سليمان عيد متابعيه عبر حسابه على "إنستجرام" صورة جمعته مع وفد أجنبي من معجبيه، حيث ظهر بابتسامته المعهودة وهو يلتقط معهم صورة تذكارية. لم يعلم أحد حينها أن هذه الصورة ستكون آخر ظهور له على وسائل التواصل الاجتماعي، وكأنها وداع صامت منه لجمهوره.
أزمة قلبية مفاجئة تكتب النهاية
صباح يوم الجمعة، تعرّض الفنان لأزمة قلبية حادة أدت إلى توقف عضلة القلب، وتم نقله على الفور إلى أحد المستشفيات في القاهرة، لكن القدر كان أسرع من التدخلات الطبية، ليفارق الحياة هناك. وأعلن نجله، عبده سليمان، نبأ الوفاة بكلمات بسيطة ومؤثرة عبر "فيسبوك": "أبويا في ذمة الله".
وداع مؤلم في جنازة مهيبة
أُقيمت صلاة الجنازة على الفنان الراحل في المسجد الكبير بالمجمع الإسلامي في الشيخ زايد عقب صلاة الجمعة، وسط حضور كبير من الفنانين والجمهور. خيم الحزن على الجميع، وظهرت مشاعر الصدمة والانهيار على وجوه زملائه المقربين، حيث لم يتمالك الفنان كريم محمود عبد العزيز دموعه، وانهار صلاح عبد الله باكيًا بعد الجنازة، فيما ظهر أحمد السقا متماسكًا لكنه غارق في الحزن.
ومن بين الحضور الذين حرصوا على وداع الراحل وتقديم المواساة لأسرته، كان هناك كل من: أشرف عبد الباقي، محمد إمام، هشام ماجد، أحمد خالد صالح، وغيرهم من نجوم الوسط الفني، في مشهد عبّر عن حب كبير وتقدير لا يُقدّر بثمن لمسيرة فنان أصيل.
أرملة مفجوعة.. لحظة انهيار إنساني
أمام بوابة المستشفى، دوّت صرخات أرملة الفنان سليمان عيد، التي دخلت في حالة من الصراخ الهيستيري من هول الفاجعة. وسارع أفراد عائلتها لنقلها على كرسي متحرك إلى إحدى الغرف لتلقي الدعم والرعاية النفسية، بعد انهيارها الكامل. كان المشهد مؤلمًا، إنسانيًا بامتياز، يعكس كمّ الحب الذي ربط الأسرة بهذا الرجل الطيب.
مشوار فني حافل بالعطاء
ولد سليمان عيد في 17 أكتوبر 1961، وبدأ مشواره الفني في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. انطلق بقوة بعد مشاركته في فيلم "الإرهاب والكباب" مع الزعيم عادل إمام عام 1992، وهو العمل الذي فتح له الأبواب لأداء أدوار لامعة في السينما والتلفزيون.
شارك في أكثر من 150 عملًا فنيًا متنوعًا، من بينها أفلام خالدة مثل "طيور الظلام"، "النوم في العسل"، و"همام في أمستردام"، إلى جانب عشرات المسلسلات والمسرحيات. امتاز بروحه المرحة وقدرته الفريدة على إضافة نكهة خاصة لكل دور يؤديه، مهما كان بسيطًا.
كلمات وداع من قلوب محبة
الفنان مصطفى شعبان كان من أوائل من نعى الراحل بكلمات مؤثرة عبر حسابه على "فيسبوك"، حيث كتب:
"إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أنعي ببالغ الحزن والأسى الفنان الكبير والإنسان الخلوق سليمان عيد الذي رحل عن عالمنا تاركًا أثرًا لا يُنسى في قلوب محبيه وجمهوره، وسيرة عطرة مليئة بالضحك والطيبة والاحترام. اللهم اغفر له وارحمه واجعل مثواه الجنة وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان."
رحل الجسد وبقيت الذكرى
غاب سليمان عيد عن عالمنا، لكن ضحكته وصوته ونكاته ستظل محفورة في ذاكرة محبيه. ترك خلفه إرثًا فنيًا وإنسانيًا يستحق التقدير والاحتفاء، وأثبت أن البساطة والصدق هما الطريق الأقصر لقلوب الناس وداعًا أيها الفنان الإنسان.