قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إبراهيم شعبان يكتب: قطايف ودراما رمضان .. الفرق كبير

إبراهيم شعبان
إبراهيم شعبان

عندما تنبَّه بعض الفنانين الكبار إلى برنامج "قطايف" الذي يقدمه الفنان سامح حسين، وأشادوا بمحتواه البسيط وأفكاره الراقية التي تحث على الصدق والتخلّق بأخلاق الإسلام والابتعاد عن الفاحشة في القول والعمل، سارعتُ لمشاهدة بعض حلقات هذا البرنامج الذي يشيدون به والذي لم يكن معروفًا بسبب انعدام الدعاية له وسط كمٍّ رهيب من الأعمال والمسلسلات التي تُعرض في رمضان.

والحقيقة أن كل ما قيل عن برنامج "قطايف"، وإشادة الرئيس السيسي به، وتكريم وزير الأوقاف لسامح حسين، يؤكد بالفعل أنه برنامج بسيط وعظيم.

 الفكرة كُتبت بأسلوب رائع وسلس، تتناول بعض الأخلاقيات المفيدة في هذا الزمن، وهي فكرة نحتاجها جميعًا، ويحتاجها الشباب والفتيات في سن صغيرة، وقد عرف سامح حسين كيف يخاطبهم ويصل إليهم.

الفرق بين برنامج "قطايف" ومسلسلات رمضان كبير للغاية، بل هو فرق "السما من العما"، كما يقولون في الأمثال الشعبية.

واقع الناس وظروفهم وكمّ المشاكل والجرائم التي تقع يوميًا وتُنشر في صفحات الحوادث وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، في زمن ضاغط ومضطرب، تؤكد حاجة الجيل الجديد إلى قيمة دينية أو أخلاقية أو إسلامية. هناك حاجة لمن يخاطبهم عن الصدق، وعدم الكذب، ورفض التنمر، والإقلاع عن السباب، والإقبال على الله، والتحلي بأخلاق رسول الله.

فهل يُعقل أنه وسط أكثر من 40-50 مسلسلًا يُعرض هذا العام، بتكلفة ربما تكون تجاوزت الـ 3 مليارات جنيه، لا يوجد عمل واحد يناقش قيمة حقيقية؟ هل يُعقل ألا يتناول مسلسل واحد شخصية تاريخية أو دينية يتفق عليها الجميع؟!

الذين يتحججون بالميزانيات وحاجة المسلسل الديني والتاريخي إلى تكلفة عالية، كلامهم فارغ، وحججهم مردودة عليهم. فأقل ميزانية لمسلسل من الأعمال التي تُعرض في دراما رمضان لا تقل عن 5-10 ملايين دولار، وربما أكثر بكثير، وستتكشف الأرقام قريبًا بعد انتهاء ضجة الموسم.

هل يُعقل أن تكون مسلسلات "التريند" عن قصة راقصة تريد أن تتوب، وتجاهد بالرقص من أجل الإنفاق على عائلتها؟ أو عن شاب والده كان تاجر مخدرات، مليء بالشتائم والحوار الدوني الذي لا يمكن قبوله؟ مسلسل "سيد الناس"، الذي أثار الاشمئزاز بألفاظ خارجة ونابية، وخوض في المحرمات، حيث يخون الزوج زوجته مع زوجة شقيقها وأمامها! وذلك وفق ما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" في تقرير عن الانتقادات الحادة التي طالت المسلسل الرخيص. ثم يأتي انتهاك حرمة الموت باقتحام بطل المسلسل مقبرة ابنه واحتضانه بالكفن!

أما "العتاولة"، فأقل ما يُقال عنه إنه مسلسل يُدار بين أفخاذ الراقصات والكباريهات، وكمّ المشاهد التي تُعرض يوميًا في الكباريه ووسط زجاجات الخمر، لا يمكن قبولها في عمل يُعرض على الناس كدراما عائلية تدخل كل البيوت. وأذكر أنني عندما شاهدت بضع حلقات من الجزء الأول العام الماضي، أدركت وقتها أن كل أبطال المسلسل "أولاد حرام"، وأمهم فريدة سيف النصر، وعمهم في العمل في الجزء الأول صلاح عبد الله، أخبرهم بذلك.

أما البرامج، فحدِّث ولا حرج! ليس هناك غير برنامج تافه واحد، أُنفِق عليه ملايين الدولارات، وأقل نجم شارك فيه يحصل على ما بين 50-100 ألف دولار، علاوة على أجره هو، الذي يتجاوز 3 ملايين دولار وفق بعض المصادر.

 والبرنامج عبارة عن قرابة ساعة كاملة بعد الإفطار من الهزل، بلا قيمة ولا هدف ولا رسالة، فقط سخرية من حذاء الفنان، وشرابه، وجاكيته، ونظارته، وتسريحته! صفاقة لا يمكن تخيُّلها! والأدهى أن سؤال الحلقة الموجه للمشاهدين يكون عن لون "توكة الفنانة"، أو لون شعرها! وأول سؤال كان عن لون "شراب أحمد العوضي"، ولون جاكيت فلان وعلان! هل هذه دراما؟ وهل هذه برامج يُنفَق عليها ملايين الدولارات وتُروَّج للناس؟!!!

هذا لا يُعقل ولا يُقبَل! وهناك مطالب بوضع خطة واضحة من العام القادم لدراما رمضان، تتضمن برامج هادفة وأعمالًا ذات قيمة. 

أما حكاية محمد سامي، أو "مخرج التريند"، الذي أعلن اعتزاله العمل في الدراما التلفزيونية، فلا أعلم مدى صدقه في هذا القرار. لكن في الغالب، هي مجرد "افتكاسة" للبقاء في الصدارة بأي كلام وأي حركات! فليفعل ما يشاء، لكن كفى انحطاطًا وهمجية وتدنيًا، وكفى شخصيات مريضة ومنحرفة كما ظهر هذا العام من خلال "إش إش" و"سيد الناس"!

كل عام يطلّ علينا بكمٍّ بشعٍ من السلوكيات المقززة، ويقولون إنها دراما! والمثير للعجب أنه يكتب كل أعماله بنفسه، أي أنه لا حجة له في التنصل من تقديم مثل هذه الشخصيات القبيحة والوقحة، فهو من كتبها وأخرجها.

القصة ليست "إش إش" و"سيد الناس" و"العتاولة" و"حكيم باشا"، الذي يعمل في التنقيب عن الآثار والاتجار بها، وهي تجارة محرمة كما هو معروف للجميع.

فإن اللافت للنظر أيضًا أنه، وكما هو الحال منذ وُجدت الدراما والسينما على وجه الأرض قبل قرن من الزمان، سواء كانت أمريكية أو هندية أو مصرية، فإنها عادة ما تنتهي بانتصار الخير على الشر.

فمثلًا، ينجح ضابط الشرطة في الإيقاع بالعصابة، أو ينزل عقاب إلهي على مارق أو ساحر أو مشعوذ. والهدف من ذلك أن نُصدِّر للناس قيمة انتصار الخير على الشر.

أما في الدراما المصرية، فلا قيمة في الأحداث! في النهاية، المنحرفون وتجار المخدرات والقتلة والشواذ والبلطجية هم من ينتصرون! شيء غريب وعجيب! ثم يتساءلون عن سبب ارتفاع مستوى الجريمة وتدني الأخلاق؟!

هل عرفتم بعد ذلك كله لماذا نجح الراقي سامح حسين في "قطايف"؟ ولماذا أشادت به الدولة دون غيره؟ لأنه قدَّم للناس قيمة يبحثون عنها، وأخلاقًا يودّون تواجدها في أبنائهم.