تتأثر الأرض بشكل غير مباشر نتيجة للأنشطة الهندسية الكبيرة، ومن أبرز هذه الأنشطة بناء سد الممرات الثلاثة في الصين، الذي يحذر منه العلماء وذلك لتأثيره على دوران الأرض.
سد الممرات الثلاثة يوزع الكتلة على سطح الأرض
يعد هذا السد من السدود الضخمة التي تمتلك تأثيرا جذرياً على إعادة توزيع الكتلة على سطح الأرض، وخاصة من خلال توفير كميات هائلة من المياه في خزاناته.
وفقاً للقوانين الفيزيائية، إنّ تغيير توزيع الكتلة يؤثر على العزم الدوراني للأرض، مما يؤدي إلى تعديل بسيط في سرعة دورانها.
تأثير السد على دوران الأرض
تشير الدراسات الحديثة، مثل تلك التي أجرتها وكالة ناسا، إلى أن هذه الظاهرة تؤدي إلى تباطؤ طفيف في دوران الأرض بمعدل يصل إلى 0.06 ميكروثانية يومياً.
هذا التغيير، رغم كونه دقيقا للغاية وغير ملحوظ في الحياة اليومية، يظهر كيفية تأثير العوامل الهندسية والكتلية على حركة الأجسام الدوارة مثل كوكبنا.
اقرأ أيضًا:
وبحسب العلماء، فإن عزم القصور الذاتي للأرض وهو مقياس لقدرتها على الدوران، يعتمد على توزيع كتلتها بالنسبة لمحور دورانها. عندما تُحرك الكتلة نحو خط الاستواء، يتباطأ دوران الكوكب. وبالعكس، فإن تحرك الكتلة نحو القطبين يؤدي إلى تسريع الدوران.
سد الممرات الثلاثة
يعد سد الممرات الثلاثة شاهدا على الهندسة المعمارية الاستثنائية، حيث يرتفع حوالي 185 مترا فوق نهر اليانغتسي ويمتد لأكثر من كيلومترين.
يقوم السد بتوليد طاقة كهربائية هائلة تصل إلى 22,500 ميغاواط، وهو ما يتجاوز قدرة إنتاج الطاقة لدى العديد من الدول.
في عام 2020، سجل السد رقماً قياسياً بإنتاج 112 تيراواط/ساعة من الكهرباء، مما يعزز مكانته كمصدر رئيسي للطاقة المتجددة.
ما تأثير سد الممرات الثلاثة؟
تأثير سد الممرات الثلاثة هو جزء ضمن اتجاه أوسع حيث تُغير الأنشطة البشرية الخصائص الفيزيائية للأرض. فمشاريع البنية التحتية واسعة النطاق مثل السدود واستخراج المياه الجوفية قد تؤثر على مستويات سطح البحر، وتغير محور الأرض، وتعيد توزيع الكتلة.
على سبيل المثال، أظهر تسونامي إندونيسيا عام 2004 كيف يمكن لحدث طبيعي أن يحرك محور الأرض بمقدار 2.5 سنتيمتر، مما يبرز تفاعل الظواهر الطبيعية مع الأنشطة البشرية.
ويثير سد الممرات الثلاثة، تساؤلات حول الآثار البيئية طويلة المدى فالتباطؤ الطفيف في دوران الأرض يُظهر العلاقة المعقدة بين العمليات الهندسية البشرية والنظم الكوكبية.
وقد أشار العالم بينجامين فونغ تشاو من ناسا إلى أن تأثير السد على دوران الأرض هو أمر حتمي ودقيق، ما يؤكد على ضرورة إدراك التأثير المتزايد للأنشطة البشرية على العمليات الطبيعية.
ماذا قالت الحكومة الصينية؟
رغم المخاوف والتحذيرات، أكدت الحكومة الصينية أنها قامت بأبحاث علمية دقيقة قبل اتخاذ القرار بشأن المشروع.
وقد طمأن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بأن السد لن يؤثر سلباً على البيئة أو على حقوق دول المصب. لكن الخبراء المحليين في الهند وبنجلاديش لا يزالون يشككون في هذه التصريحات.
تتجاوز المخاوف البيئية حدود التوترات السياسية؛ فالسد يقع بالقرب من الحدود المتنازع عليها بين الهند والصين. منطقة أروناتشال براديش، التي تطالب بها بكين، تُعتبر منطقة استراتيجية، مما يزيد من مخاطر الصراع.